يمثل علم الجغرافيا متعةً لا حدود لها لمن يريدون فهم الإنسان والعالم.. ويجد ذوو الآفاق الواسعة جمالاً فى «الخريطة» لا يعادله جمالٌ.. أعظم لوحة فى التاريخ. إن الخريطة هى السياسة.. وهى أيضاً الاقتصاد والطاقة.. البشر والحجر.. والتجوّل فيها هو تجول فى كوكبٍ مبهرٍ لا تنتهى مفاجآته. (1) لفت نظرى ما نشرته وسائل الإعلام مؤخراً عن إرسال نسخة من المصحف الشريف، ورفع الأذان لأول مرة فى القطب الجنوبى. وقد ظننت أن دولة مسلمة ذهبت إلى هناك، وأقامت قواعد عسكرية ومنطقة سكنية، وأن عدداً من المستكشفين المسلمين سيرفعون الأذان ويتلون القرآن. لم يكن الأمر كذلك.. بل إن الأمر لا يعدو أن يكون طلباً تقدم به بعض المسلمين إلى الجيش الروسى! (2) القارة القطبية الجنوبية عالم شاسع، تصل مساحتها إلى قدر مساحة مصر (14) مرة، وهناك (28) دولة تملك بعثات فيها وتعمل على دراستها واستثمارها. وقد اختلط العلم بالأساطير.. وبدأت كتابات جادة تتحدث عن الأطباق الطائرة، وعن المخلوقات الفضائية التى تتردد على القطب الجنوبى.. أما أكثر النظريات إثارة.. فهى نظرية «جوف الأرض» التى أدّى إيمان الزعيم النازى أدولف هتلر بها إلى دفعها للأمام.. ومنحها الاهتمام. (3) تقوم نظرية جوف الأرض على أن الأرض ليست كتلة صماء، بل إنها مجوّفة من الداخل، وأن هناك مخلوقات وحياة كاملة فى جوف الأرض، بمثل ما أن هناك مخلوقات وحياة كاملة فوق الأرض. ويذهب أصحاب النظرية إلى أن مخلوقات جوف الأرض أكثر تقدماً وأرقى حضارة مما عليه سكان سطح الأرض.. كما يذهبون إلى أن هناك فتحتيْن فى سطح الأرض تصلان إلى جوفها. (4) كان «هتلر» مؤمناً بهذه النظرية، وكان يرى أن الألمان هم أحفاد أولئك العمالقة المتقدمين الذين يعيشون فى جوف الأرض.. وقد زادت قناعات هتلر بهذه الأفكار إلى حدّ أنه بدأ يضع خططاً عسكرية على هذا الأساس.. منها خطة الانسحاب إلى القطب الجنوبى عند فوهة الأرض فى حال هزيمة الجيش الألمانى فى الحرب العالمية الثانية. يرى مؤرخون أن الجيش الألمانى قد وصل بالفعل إلى القطب الجنوبى، وأن الطيران والغواصات قد ساهما فى إقامة معسكرات متقدمة ومستوطنات دائمة. ويروى مؤرخون آخرون أن هتلر قد انسحب بالفعل إلى هناك. (6) إن أكثر المراحل إثارة فى تلك الرواية المدهشة.. هو ما يذكره باحثون عسكريون عن قيام معركة عسكرية بين هتلر والفلول الألمان، وبين الجيش الأمريكى فى القطب الجنوبى عام 1947. وطبقاً لهذا الرأى فإن الحرب العالمية الثانية لم تنته فى عام 1945، وإنما انتهت فى عام 1947 بالمعركة القطبية بين ألمانياوأمريكا. ويذكر هؤلاء أن قائد القوات الأمريكية فى المعركة كان «ريتشارد بيرو».. وحين سأله الصحفيون قبل انطلاقه إلى القطب الجنوبى: هل هى مهمة علمية؟ كانت إجابته: لا.. بل هى مهمة عسكرية. وقد كان مقرراً له أن يبقى فى مهمته ثمانية شهور لكنه عاد بعد أسابيع، وبعد أن تلقى هزيمة ساحقة من الجيش النازى القطبى. (7) فى محاولات لإقناع المشككين فى هذه الرواية.. يدلِّل أصحابها على صدق أقوالهم بعدد من المؤشرات منها: اختفاء الغواصات الألمانية فى الشهور الأخيرة بشكل مفاجئ.. حيث لم يتم تدميرها ولا أسرها.. وإنما اختفت تماماً، ببساطة لأنها ذهبت إلى هناك. ثم إن ستالين وأيزنهاور قد شككا فى انتحار هتلر، وأشار ستالين إلى أنه ربما يكون قد ذهب إلى الأرجنتين. (8) لقد تحدث كثيرون عن إيمان هتلر بنظرية جوف الأرض، وعن صلته بالمخلوقات داخلها وبالكائنات الفضائية خارجها.. ولكن الأكثر غرابة هو تصريح وزير دفاع كندا مؤخراً بأن الكائنات الفضائية كانت سبب نهضة ألمانيا ثم أمريكا.. وهو الرأى الذى أيده «سنودن» فيما بعد. (9) لا أعتقد أن شيئاً من كل ما قيل صحيح، لا نظرية جوف الأرض، ولا دور الكائنات الفضائية فى نهضة ألمانيا ثم أمريكا.. لكن معركة 1947 ليست خارج المنطق.. ففى ذلك الوقت كان العلماء يتطلعون إلى القمر.. وقد وصلوا إليه بعد سنوات.. ومن الطبيعى أن يفكر أقوى جيش فى العالم فى تأسيس وحدات عسكرية فى القطب الجنوبى للانتقال إليها فى حال الهزيمة. (10) يذهب العالم إلى أقصى الشمال والجنوب، وتستعد المركبة «أوريون» لنقل الركاب.. إلى القمر وإلى المريخ.. بينما الجامعات المصرية بعيدة عن ضياء المعرفة.. غارقة فى ظلمات السياسة. حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر.