أكثر من 80 مليار جنيه، حجم مبيعات سوق الدواء المصري في 2021، وفقاً لمجلس الوزراء، موزعة على المصانع وشركات التوريد و85 ألف صيدلية من بينها 3 آلاف و500 صيدلية تابعة للسلاسل، التي يتراوح عددها بين 70 إلى 80 سلسلة، وفقاً لشعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية. هذا السوق الضخم يعاني من اضطرابات كبيرة رغم تحقيقه نسبة نمو في العام المذكور تجاوزت ال7% مقارنة ب2020، فما هو شكل هذا الاضطراب؟ ماذا يدور في أكبر شركة توزيع دوائي في مصر؟ الشركة المتحدة للصيادلة، أحد أكبر الدائنين لسلسلة صيدليات 19011، بقيمة تجاوزت المليار جنيه، وفقاً لمصادر، بينما ذكر في حكم المحكمة الاقتصادية أنَّ المتحدة للصيادلة لها مديونية 268 مليونًا و294 ألفاً و949 جنيهاً، أما المتحدة للتجارة والتوزيع فلها 88 مليوناً و152 ألفاً و954 جنيهاً. والمتحدة للصيادلة، هي أكبر مورد وموزع لسوق الدواء في مصر، بحصة تقترب من 30% وبمبيعات سنوية تصل لمليارات، ولها سلسلة صيدليات شهرية باسم كير، وصلت إلى 220 فرعاً، وتكونت نتاج استحواذها على سلاسل صغيرة فشلت في تسديد مديونياتها وأبرزها عز ودوائي وشادي وغيرها، إلى جانب تأسيس وتدشين صيدليات أخرى. ويقول مصدر من داخل الشركة، إنَّ الشركة المتحدة للصيادلة تعاني من أزمة مالية منذ 3 أشهر، تمثلت في عجز الشركة عن تسديد شيكات للمصانع التي تورد لها الأدوية لتوزيعها على السلاسل والصيدليات. والمتحدة شركة وسيطة، تحصل على الدواء من المصانع وتوزعه على الصيدليات والسلاسل مقابل نسبة ربحية. وقال أحد أصحاب المصانع، رافضا ذكر اسمه لعلاقته بالمتحدة، إنه حصل على رفض بنكي على شيك صادر من المتحدة بقيمة 430 مليون جنيه، قبل شهر ونصف، موضحًا أن ذلك حدث مع مصانع أخرى. وقال مصدر من داخل الشركة المتحدة للصيادلة، إن صيدليات كير، إحدى شركات المجموعة، عجزت عن تسديد شيكات للمتحدة الأم، نتيجة تراجع المبيعات، وحدث رفض بنكي على شيكات خاصة بهذه الشركة لصالح الشركة الأم، فاضطرت إلى إيقاف التوريد لها لحين مراجعة شكل التعاملات بين الشركة الأم (المتحدة للصيادلة) وإحدى شركاتها (كير). وأكد المصدر، أن توسع «المتحدة للصيادلة» في توزيع أدوية لشركات وسلاسل وصيدليات، دون تحصيل قيمتها، وعجز أغلبها عن التسديد، ساهم في تقليل السيولة المالية لدى الشركة. وقال مصدر يعمل في التوزيع الدوائي، إن «المتحدة للصيادلة»، كانت توقف التعامل مع أي سلسلة تتجاوز حدودها الائتمانية، مشيرا إلى أن ما حدث بين «المتحدة» و«19011» يظل لغزاً. كما أكد مصدر يعمل في السوق الدوائي، في تصريحات ل«الوطن»، إن المتحدة للصيادلة أرادت احتكار سوق التوزيع والتوريد وكذلك سوق المبيعات، بعدما أقدمت على الاتفاق مع سلسلة صيدليات 19011، مقابل مديونيتها. وقال الدكتور أحمد الأنصاري، المالك الأكبر لسلسلة 19011، إنه سلم فروع السلسلة وعددها يقترب من 300 صيدلية، إلى الشركة المتحدة قبل عام ونصف، لإدارتها بعد حجم ديونها لدى المتحدة، فيما قال مصدر من داخل المتحدة إن الصفقة لم تكتمل بعد اكتشاف أن الصيدليات لم تكن مملوكة وأنها كانت إيجار وعليها مديونيات وصلت إلى 7 مليارات جنيه. واستبعد مصدر على دراية بسوق الدواء المصري، تعرض الشركة المتحدة لما تعرضت له سلسلة صيدليات 19011، لكنه أكد أن الشركة تمر بأزمة مالية. وحاولت «الوطن» التواصل مع الدكتور محمد جلال، مدير عام شركة المتحدة للصيادلة وتوزيع الأدوية، إلا أنه لم يرد. كما حاولت التواصل مع الدكتور أيمن حسام عمر، نجل مؤسس المتحدة للصيادلة، إلا أنهم لم يرد أيضا على كل وسائل الاتصال. مديونية «العزبي» وقالت مصادر إن سلسلة صيدليات العزبي، عجزت عن تسديد مديونيتها لشركة المهن الطبية، منذ عدة أشهر، وأنها تعمل حاليا على هذه التسوية، وفقا للدكتور أحمد العزبي مالك السلسلة. وتمتلك العزبي، وفقا لملفها التعريفي على موقعها الإلكتروني 90 فرعا، وتعمل في سوق الدواء المصري منذ عام 1975. وقال الدكتور أحمد العزبي، مالك صيدليات العزبي، إنه لديه شركة لتوزيع الأدوية بعيدة عن الصيدليات، لها حقوق مالية لدى سلسلة صيدليات 19011، تقدر ب150 مليون جنيه، موضحا أن هذه الشركة لها حقوق بشكل عام في السوق تصل إلى 450 مليونا. إفلاس«EMIC».. إحدى ضحايا «19011» شركة Emic، واحدة من شركات التوزيع الدوائية، لها مديونيات على السلاسل وصلت إلى 500 مليون جنيه بينها 100 مليون لدى سلسلة 19011، وفقا للدكتور مصطفى السلاموني، مؤسسها وصاحبها. وتعد Emic، واحدة من أقدم شركات التوزيع الدوائية في مصر، إذ أنها بدأت العمل في السوق منذ عام 1989. وقال السلاموني في تصريحات ل«الوطن»: «للأسف الشديد، الشركة أفلست، لعجزها عن تحصيل حقوقها المقدرة لدى بعض السلاسل ب500 مليون، ما أدى لتراكم الديون عليها، حتى وصلت إلى 400 مليون، فاضطرت لبيعها ب زيرو أموال مقابل المديونية». تقليص أعداد سيف وبالنسبة لسلسلة صيدليات سيف، قالت مصادر، إن هذه السلسلة تقلص من تواجدها في السوق المصرية، مؤكدة على أنها تحتفظ بما يسمى سلسلة صيدليات «ِالأيه كلاس- A class»، للحفاظ على العلامة التجارية، دون إيضاح أسباب ذلك. وتمتلك مجموعة سيف 31 صيدلية، وفقا لموقعها الإلكتروني. وحاولت «الوطن» التواصل مع المسؤولين عن السلسلة إلا أنهم لم يردوا. مطالبات بحساب السلاسل من جهته، طالب الدكتور حاتم البدوي، سكرتير شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، الجهات الرقابية، بمتابعة حجم اقتراض السلاسل، والتدقيق فيما تقدمه من مستندات وأصول، لتغطية حجم اقتراضها. وأكد في تصريحات ل«الوطن» أن ما حدث من سلسلة صيدليات 19011، كاشف لما يحدث في سوق الدواء المصري من عشوائية، مطالبا بتعديل القانون 127 لسنة 1955. ويمنع قانون الصيدلة تواجد أي سلاسل دوائية، ويعطي الحق للصيدلي في امتلاك صيدليتين فقط، لكنه ملاك السلاسل يتحايلون على ذلك بالاتفاق مع صيادلة على وضع العلامة التجارية مقابل مبالغ مالية شهرية.