أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن القرآن الكريم مفعم بالأمل والتفاؤل، مشيرا إلى أن الدين الحنيف فتح باب الأمل واسعا، والحياة بلا أمل حياة جافة محبطة. وقال جمعة في برنامج "في رحاب القرآن الكريم" إن الحياة بلا أمل حياة جافة وشاقة وكئيبة، متابعا "فلا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة". وأضاف: "علمنا سيدنا رسول الله أن تبسم الإنسان في وجه أخيه صدقة، وأن لا يحقر أحد من المعروف شيئا، ولو أن يلقى أخاه بوجه طلق، حتى يشيع الأمل والتفاؤل والبسمة في المجتمع، وعد سيدنا رسول الله اليأس والتيئيس من رحمة الله تعالى من الكبائر، حيث سئل عن الكبائر؟ فقال: (الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله)، ويقول الحق سبحانه وتعالى في قصة إبراهيم (عليه السلام) حينما بشرته ملائكة الله تعالى بالولد مع تقدمه في السن وكانت امرأته عجوزا عقيما لا تلد: (قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون، قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين، قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون). وأكمل: "قال تعالى (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) فبشروها بالولد وولد الولد، (قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب)، عجيب في دنيا الناس، أما عند من أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فلا عجب؛ لأن الله إذا أراد شيئا أعطاه بسبب وبدون سبب، (قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد)". كما بين الوزير أن في قصة سيدنا زكريا بعثا للأمل بعد زوال أسبابه، مضيفا "يقول سبحانه (قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا)، فعبر سبحانه بالوهن وهو أشد درجات الضعف والوهن، ولم يقل سبحانه وشاب الرأس، أو اشتعل الشيب في الرأس، وإنما عبر القرآن الكريم بقوله: (واشتعل الرأس شيبا)، وشتان ما بين التعبيرين، فحينما نقول: اشتعل المكان نارا، فقد اشتعل المكان عن بكرة أبيه، وإذا قلنا: اشتعلت النار في المكان فقد تكون النار قد أخذت بطرف من المكان دون آخر، وقد استخدم القرآن الكريم: (واشتعل الرأس شيبا)؛ ليفيد اشتعال الرأس كله شيبا، بخلاف اشتعل شيب الرأس". واستطرد: "إن البعض قد يشتعل دون البعض الآخر، ومع كل هذا من تقدم السن، وضعف العظام، واشتعال الرأس شيبا، فإني أدعوك أن تهبني من لدنك وليا؛ لأنه (عليه السلام) يدرك أن الأمر بيد الله تعالى يعطي بسبب وبدون سبب، يقول تعالى في سورة الأنبياء: (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)، القياس العقلي والنسق اللغوي في غير النص القرآني يقتضي أن نبدأ بالعلاج أو الإصلاح ثم الحمل، فالمرأة التي بها علة تحول دون الحمل تذهب إلى الطبيب فيأتي العلاج أولا ثم يأتي الحمل، لكن النص القرآني قدم هبة الولد على إصلاح الزوجة". وواصل جمعة اقتباس العبر والموعظة حول التفاؤل من وحي القرآن الكريم قائلا، "كأن الله تعالى يقول لنا: نحن الذين خلقنا الأسباب والمسببات، نرتب المسببات على الأسباب متى شئنا، ونعطل الأسباب متى شئنا، ونعطي بأسباب وبلا أسباب ما نشاء لمن نشاء وقت ما نشاء، فمن طبيعة النار الإحراق، فلما أراد سبحانه ألا تحرق، قال سبحانه: (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم)، وهنا نتعلم أن الأمر كله بيد الله تعالى، فلا ييأس فقير من فقره ، ففقير اليوم قد يكون غني الغد ، ولا تيأس امرأة لا تنجب فلها في زوج سيدنا إبراهيم أسوة وأمل، ولا ييأس رجل لا ينجب فله في سيدنا إبراهيم وسيدنا زكريا أسوة وأمل، ولا ييأس المريض من مرضه مهما كان داؤه عضالا فله في الله تعالى أمل، وفي سيدنا أيوب أسوة". وأضاف: "يقول تعالى (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) لجوئي إليك، واعتمادي عليك، وأملي فيك (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)، وسيدنا يعقوب (عليه السلام) يقول لأبنائه: (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)". ولفت جمعة إلى أن الأمل والتفاؤل والرضا يزيد من مناعة الإنسان وقدرته على مواجهة الأيام والليالي والأحداث، أما اليأس والإحباط فيجعل الناس يموتون ألف مرة بلا موت، ويعيشون في هم وغم.