هو لا يختار بالضبط... فقط: تلك الأكثر إلحاحاً و تواجدا و إصرارا هي من تفوز بنظره إليها. هكذا يبدأ عمله دوما: يغرس عينيه بعينيها، بكل ركنٍ و كل جزءٍ فيها؛ حتى يقتنص نظرتها و حركات جسدها . ثم، يبدأ تلمساً و صنفرةً لكل أجزائها بعصاه السحرية. نظرة.. فتفوتة..و ورقة توت تنقص البنت، ثم نظرة أخرى.. فتفوتة أخرى و ورقة توت. يسجن كل ما جمع في زجاجة سحرية شفافة لا يبين فيها شيء مع ذلك ، و بمنشاره يسوي جسد البنت كما يتراءى له. بعضٌ من دماء، بعضٌ من وجع، لكنهن يبتسمن. فستتحولن إلى عرائس سحرية مكتملة الصنع تُشدِه الآخرين و تصبح محل إعجابهم و محاولات إقتنائهم. مبهورةٌ بهن جميعا و بلمسته الساحرة لهن، كانت تطوف حوله. تناوله ألواناً ، أو حبة بندق، أو منديلاً يمسح تعرقه أو دمعه أو ملله الغاضب. أو تخبيء من أمامه الأشياء أو تجذبه من كمه مشاكسةً عله يلتفت إليها و يحولها هي أيضا إلى عروسة مسحورة، فيعطيها نهداً ، اسماً ، غوايةً ، أو تنورة قصيرة دائرية و موسيقى تحملها على أطراف أصابعها لتدور بها حول العالم كله. ترقبهن في صمتٍ واحدةً واحدة.. و هن تتهافتن حوله في دلال و سعادة، و كلٌ تمني نفسها بأنها ستكون أفضل عرائسه، و أنه سيمنحها وحدها لمسة سحرية جديدة لم تكن بإحدى عرائسه قبلا. تنظر إلى الفتيات و هن تتحولن إلى عرائس، تسرق إبتساماتهن خفية ثم تعيدها، أو تقلدهن خفية ، فتقف على أطراف أصابعها، تسرق موسيقاه و تظل تدور عليها إلى أن يهدها التعب. اللحظة الوحيدة التي رآها تدور فيها و خطر بباله أنها ستكون عروسة سحرية جيدة الصنع جدا ... بل قرر فعليا أن تكون أفضل عرائسه على الإطلاق، أدركت هي فيها أنها لا تريد أن تنقص نظرة أو فتفوتة أو ورقة توت .. و أنها لا تنتمي حقا لعالم العرائس ، حتى و إن كانت عرائسا مسحورة.