متغيرات وتحولات استراتيجية تشهدها أسواق المنطقة بالفترة الراهنة بالتزامن مع تصعيد التوترات الجيوسياسية وزيادة وطأة الاضطرابات بين أمريكا وإيران، بالإضافة لاحتدام التوترات بين تركيا وليبيا، وتحمل تلك المتغيرات بين طياتها تأثيراً سلبياً مباشراً على كل الأسواق، لما تخلقه من حالة ترقب تجاه مستقبل اقتصاديات كل الدول، وبالتبعية تغيير الخريطة الاستثمارية لكل المؤسسات المالية وضعف شهيتهم لضخ المزيد من السيولة بمنطقة الشرق الأوسط وضعف حركة الاستثمارات المباشرة. وأكد الخبراء أن تحسن معدلات الاستثمار ونشاط الصفقات الاستثمارية بالمنطقة يتوقف على تحسن الوضع السياسى والاقتصادى على صعيد منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين أن التوترات الراهنة من شأنها أن تؤثر على القيم العادلة للصفقات الاستثمارية وبالتبعية إرجاء أطراف الصفقات لحين تحسن واستقرار الوضح واتضاح الملامح الرئيسية، لاسيما فيما يتعلق بأسعار النفط وأسعار الفائدة. وأشار الخبراء إلى أن سلسلة المتغيرات التى شهدتها الساحة الاقتصادية والسياسية على الصعيد الخارجى بأسواق منطقة الشرق الأوسط خلقت بدورها مناخاً غير مناسب لتدفق رؤوس الأموال وزيادة نشاط الاستثمارات المباشرة والاكتتابات بالمنطقة، متوقعين تأثر الصفقات الاستثمارية سواء استحواذات أو اكتتابات عامة أو استثمارات مباشرة، سلباً فى حال حدوث مزيد من التصعيد واحتدام الاضطرابات والتوترات التى تشهدها المنطقة على الصعيد السياسى والاقتصادى، والتى خلقت بدورها حالة من التذبذب والترقب على الصعيد الاستثمارى بكل القطاعات الاستثمارية بدول المنطقة. وأكدوا أن التباطؤ المتوقع أن تشهده أسواق الشرق الأوسط لا يعبر عن افتقار هذه الأسواق للفرص الاستثمارية، خاصة أن الأسواق المحيطة تتمتع بتنامى الفرص الاستثمارية لاسيما السوق المصرية التى تشهد حالة حراك قوية خاصة بالقطاعات اللوجيستية والتعليم والصحة والأغذية، فضلاً عن قطاع الطاقة والمتوقع أن يشهد نشاطاً كبيراً بالإضافة لأنشطة الخدمات المالية غير المصرفية والتى تشهد نشاطاً واضحاً خلال الفترة الراهنة. قال محمود سليم، رئيس قطاع بنوك الاستثمار بشركة «إتش سى» للأوراق المالية والاستثمار، إنه من الصعب قياس مدى تأثير الوضع الراهن على حركة الاستثمارات بمنطقة الشرق الأوسط خاصة مع عدم وضوح مدى استمرار التصعيد الجيوسياسى بين الدول، وما خطة الدول المتعلقة بهذه الاضطرابات والتوترات على الصعيد السياسى والاقتصادى، موضحاً أن الفترة الراهنة ما هى إلا فترة ترقب للوضع الحالى، ومدى تأثر اقتصاديات الدول بهذه الاضطرابات السياسية والاقتصادية، وخطتها لمواجهة تلك التوترات. الصراع الأمريكى الإيرانى والتدخل التركى فى ليبيا يحاصران رغبات الشركات التى تخطط لدخول أسواق المنطقة.. و"مصر" ما زالت فى وضع أفضل نسبياً وأضاف أن جميع الأسواق بلا استثناء ستتأثر سلباً فى حال استمرار الصراع السياسى الراهن واستمرار تصعيد التوترات الجيوسياسية ومن بينها السوق المصرية لاسيما فيما يتعلق بحركة الاستثمارات الخارجية، ومعدل تدفق السيولة الأجنبية، وتضاؤل نشاط صفقات الاستحواذات والاندماجات والاستثمارات المباشرة لحين استقرار الوضع خارجياً وإعادة ترتيب الخريطة الاستثمارية لكل الأسواق. وأكد أن حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلا شك تتوقف على مدى الاستقرار السياسى بأى دولة، ومدى قدرتها على تجاوز التداعيات السلبية للاضطرابات والتوترات المحيطة، بالتزامن مع قدرة كل دولة على تهيئة وخلق بيئة استثمارية خصبة، بالإضافة لقدرتها على العمل وفق إطار تشريعى يضمن التخارج الآمن لكل الأموال، ويساعد على تسهيل وتيسير الإجراءات، مع وضوح كامل ملامح سياستها المالية والنقدية دون وجود أى تضارب بينها. وأكد عماد برسوم، العضو المنتدب لشركة ازدهار للاستثمار المباشر، أنه على الرغم من احتدام التوترات الخارجية وتأثيرها السلبى على أداء كل الأسواق سواء العالمية والعربية خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن السوق المصرية ما زالت تمتلك المقومات والعوامل التى تدعم قدرتها على تقليل وطأة تداعيات تلك الاضطرابات الخارجية، والحفاظ على النظرة الإيجابية طويلة الأجل تجاه مستقبل الاستثمار فى السوق المصرية. وأوضح أن السوق المصرية تتمتع خلال الفترة الحالية بنظرة إيجابية من أغلب المؤسسات الدولية مقارنة بدعم التزام الحكومة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، وخطة الحكومة لتحسين المؤشرات الاقتصادية ورفع معدلات النمو، بالإضافة لسلسلة القوانين والتعديلات التشريعية التى ساهمت بشكل مباشر فى تهيئة مناخ جاذب لمزيد من السيولة الأجنبية، مُضيفاً أن مصر استطاعت تحقيق الاستقرار على الصعيد السياسى داخلياً، فهى من أكثر دول المنطقة بالوقت الراهن التى تتمتع بقدر من الاستقرار الذى يؤهلها لجذب الاستثمارات سواء المباشرة أو غير المباشرة. وفى ذات السياق أشار إلى أنه فى ظل التواصل واللقاءات المباشرة مع المؤسسات الدولية الخارجية، هناك تزايد فى شهية المؤسسات والمستثمرين للاستثمار بالسوق المصرية والمساهمة فى إطلاق المزيد من صناديق الاستثمار المباشرة، بالإضافة لدراسة المزيد من فرص الاستحواذات لاسيما بالقطاعات الدفاعية القادرة على التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية والسياسية الخارجية وعلى رأسها قطاع الأغذية والصحة والتعليم وقطاعات التجزئة والقطاعات الصناعية. ومن جانبه قال محمد أبوالغيط، العضو المنتدب لبنوك الاستثمار فى بايونيرز القابضة أن الاضطرابات التى تشهدها المنطقة بداية من مطلع العام ستحمل ضغوطاً كبيرة، تُؤثر بالسلب ليس على مصر بمفردها، بل تحمل تأثيراً مباشراً على العالم بأكمله، ولن يتوقف الأمر على التأثير السياسى فقط ولكنه تأثير اقتصادى واجتماعى أيضاً. وأوضح أن كل دولة ستتأثر ولكن بدرجة تختلف نسبياً عن غيرها، وذلك وفق الوضع الداخلى لكل دولة سياسياً واقتصادياً، فهذا الوضع هو الذى يحدد قدرة كل دولة فى تخطى التداعيات والتوترات الخارجية من عدمه. وبالإشارة للسوق المصرية، أكد أنها قادرة على تخطى هذه الأزمة بصورة أسرع مقارنة بغيرها من الدول، وذلك بدعم الخطوات والجهود التى بذلتها الدولة خلال السنوات السابقة على المستوى الاقتصادى والعسكرى والأمنى والاجتماعى أيضاً.