هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية، بعد اتهامها بأنها تتحيز للصين على حساب الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولم تكن تلك المرة الأولى التي يهدد بها ترامب بالانسحاب من المنظمة، فأعلن في الصيف الماضي أن المنظمة تتعامل بشكل سيئ جداً مع الولاياتالمتحدة منذ سنوات عده، مهدداً حينها بالانسحاب إذا لم تتراجع عن موقفها تجاه الولاياتالمتحدة حسب "سكاي نيوز عربية". ويرى عدد من الخبراء السياسيون، أن سياسة ترامب تتعارض مع العمل بآلية التعددية واللجوء للمنظمات الإقليمية والدولية، مؤكدين أن منظمة التجارة العالمية لا تتحيز للصين كما يزعم الرئيس الأمريكي، ولكنها تطبق المعايير والآليات التي وضعتها الولاياتالمتحدة عند تأسيسها لتلك المنظمة. "الشيخ": لا صحة لانحياز منظمة التجارة للصين وما يحدث تطبيق للآليات التي وضعتها الولاياتالمتحدة تقول الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة ومنظمة التجارة العالمية، إن الولاياتالمتحدة هي صاحبة الدور الرئيسي في إنشاء منظمة التجارة العالمية، حيث شغل جزء كبير من جهودها في الفترة التي أعقبت انتهاء الحرب العالمية الثانية، حتى نفذت ما كانت تسعى له من الاعتماد على الدولار في التعاملات التجارية الدولية، وتأسيس البنك الدولي لصندوق النقد الدولي، فضلاً عن تأسيس منظمة التجارة العالمية، فجميعها كانت محاور وأدوات لسيطرة الولاياتالمتحدة على الاقتصاد العالمي. وأضافت "الشيخ" ل"الوطن" أن منظمة التجارة العالمية لا تنحاز إلى الصين كما يزعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولكن ما يحدث أن المنظمة تطبق المعايير والآليات التي وضعتها الولاياتالمتحدة عند تأسيسها لتلك المنظمة، وتكمن المشكلة في انحياز ترامب لرجال الأعمال بأمريكا على حساب المواطن الأمريكي العادي. وتابعت أستاذ العلوم السياسية، أنه من الغريب أن الولاياتالمتحدة التي كانت تقود فكرة حرية التجارة، وإزالة الحواجز الجمركية، هي ذاتها التي تطالب بعودة السياسات الحمائية وتعمل على تطبيقها على اقتصادها بشكل قوي حتى في مواجهة العديد من الدول، مثل المكسيك وكندا وألمانيا، فالصين ليست وحدها من تعاني من تلك السياسات. ولفتت الشيخ إلى أن هناك تقويد لمنظمة التجارة العالمية من جانب الولاياتالمتحدة، لأنها وجدت أن الصين أصبحت أكثر تواجداً في السوق التجاري العالمي، مما جعلها تنافس أمريكا في حركة التجارة العالمية، لافته إلى أن الإحصائيات الاقتصادية التي أشارت إلى أن 85% من إجمالي المنتجات المتداولة في السوق الأمريكي صينية. وأضافت "الشيخ" أنه إذا انسحبت الولاياتالمتحدة من منظمة التجارة العالمية، سيكون ذلك له تداعيات مؤثره على الاقتصاد الأمريكي من تباطئ في حركة سيره بشكل عام، وعلى المواطن الأمريكي بعد اضطراره لدفع مبالغ كبيرة للحصول على نفس المنتج الذي كان يحصل عليه من قبل الصيني بسعر منخفض بشكل خاص، وإن كان هناك تأثير قوي على الجانب الصيني، يتأثر أيضاً الاقتصاد العالمي. "بكر": ترامب لا يؤمن بالعمل بآلية التعددية والمنظمات الدولية والإقليمية وتقول الدكتورة نهى بكر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ أن بدأ حملته الانتخابية حتى فوزه، وهو يتبع سياسة عدم العمل بآلية التعددية، حيث أنه لا يؤمن بالمنظمات الإقليمية والدولية والتي تعمل بأدوات متعددة الأطراف، سواء كان على المستوى السياسي أو على المستوى الاقتصادي. وأضافت "بكر" ل"الوطن"، أن ذلك ظهر على المستوى السياسي في خروج الولاياتالمتحدةالأمريكية من منظمة اليونسكو، وعدم اللجوء إلى منظمة الأممالمتحدة في حل النزاعات الإقليمية، وكذلك في الخروج من اتفاقية 5+1، واتفاقيات المناخ، فهو لا يؤمن بالعمل التعددي. وتابعت: "أما على المستوى الاقتصادي، رأينا أن ترامب يضع أمريكا فوق جميع الاعتبارات، من خلال نقضه للاتفاقيات الدولية التي أجرتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، مثل اتفاقية أصفين وجنوب أمريكا، كما أنه يحس على وضع الجمارك والسلع القادمة من الخارج، فضلاً عنه وضعه لقوانين تجبر المصنعين في الخارج على العودة للصناعة في أمريكا من أجل تخفيض نسب البطالة". وعن تهديده بالخروج من منظمة التجارة العالمية، ترى أنه استمرار للتوجه الأحادي الذي يضع أمريكا في المقام الأول، والذي يسعى ترامب لتطبيقه من أجل تخفيض نسب البطالة في أمريكا بعد توجه المصنعين إلى الاستثمار في الداخل، ويسعى ترامب لتنفيذ ذلك الاتجاه نظراً لما يتلقاه من ترحيب من جانب الشعب الأمريكي، بالرغم من ما يترتب على ذلك من خلق عداوة مع الدول التي تتبع نظم أخرى. وأشارت "بكر"، إلى أن توجه ترامب قد يكون أفضل بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية على مستوى القريب العاجل، ولكن على المدى المتوسط والبعيد، فإن التعامل بأسلوب متعدد الأطراف سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي هو الأفضل على المستوى العالمي، وسيكون ذلك له تأثير سلبي، ليست فقط بالنسبة لأمريكا ولكن على مستوى العالم.