قالت دراسة صادرة عن المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية، إن زيارة المشير عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع، والسفير نبيل فهمي، وزير الخارجية، إلى روسيا شكلت نقطة تحول فارقة فى مسيرة العلاقات المصرية الروسية، خاصة أن الموقف الحاسم والداعم لثورة 30 يونيو، ولإرادة الشعب المصرى، مثل المحفز الرئيسى الذى تعالت معه الأصوات الداعية لإعادة تفعيل العلاقات بين البلدين على أسس أكثر رسوخا، فى ظل وجود مساحات من التفاهمات المشتركة حول طبيعة التهديدات الإقليمية والدولية وآليات المواجهة . وأضافت الدراسة، الصادرة اليوم، : أن الزيارة ترتبط بسعى مصر لتنويع روابطها الخارجية، فى ظل ترجمة شعارات ثورة 30 من يونيو، التى نادت بدعم استقلالية القرار الوطنى، ولا شك أن هذه الاستقلالية ترتبط بالحفاظ على مصالح مصر الحيوية من خلال تبنى سياسة خارجية تقوم على التوظيف المناسب لقدرات مصر لخدمة هذه المصالح، بما يعنى ضرورة تطوير منظومة التسليح وتنويع مصادرها باعتبارها أحد أهم مقومات القوة الشاملة للدولة المصرية، لا سيما أن روسيا تعد ثانى أكبر مصدر للسلاح فى العالم، وتستأثر ب 26 % من إجمالى المبيعات العالمية من الأسلحة بقيمة 15 مليار دولار فى عام 2012 . وأوضحت الدراسة أن الزيارة تعكس الإدراك المتنامى للجانبين المصرى والروسى لحقيقة واضحة مفادها أن استقرار مصر يرتبط بالأساس باستقرار المنطقة، التى بدأت تعانى من اضطرابات وتوترات عميقة على خلفية تداعيات الربيع العربى، وهى حريصة على أن تظل قوية ومستقرة . ولفتت الدراسة إلى أن أبرز المنافع، التى من الممكن أن تحققها مصر من تعزيز علاقات الشراكة مع الجانب الروسى تتمثل فى 3 ملفات حيوية، الأول ملف الإرهاب، فروسيا لديها خبرات فنية فى مواجهة مشكلات التطرف والإرهاب، ما يسمح بتعزيز التعاون الأمنى والاستخباراتى فى مجال مكافحته، خاصة أنها تدرج جماعة الإخوان، وعددا من الجماعات الإسلامية المتشددة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لديها . أما الملف الثانى، والأهم، فيرتبط بإمكانية استفادة مصر من الدعم الروسى لمواجهة أزمة سد النهضة مع الجانب الإثيوبى، فمصر لديها حقوق مائية تاريخية تكفلها الاتفاقيات الدولية، ومع الثقل الروسى فى المحافل الدولية من الممكن أن يمثل دعما لمصر لمواجهة الاعتداء على حقوقها المائية . أما الملف الثالث، فهو الملف الاقتصادى، حيث ترتبط مصر وروسيا بعلاقات اقتصادية فى مختلف المجالات، حيث أسهمت فى إنشاء العديد من المشروعات العملاقة، مثل مشروعات الحديد والصلب والألومنيوم والسد العالى، ومازالت تزودها بقطع الغيار والصيانة والمعدات الحديثة اللازمة لاستمرار عملها فى ظل رغبة مصر فى إعادة تفعيل هذه المشروعات الحيوية لتأثيرها الإيجابى على الاقتصاد، كما أن المشروع النووى المصرى بدأ بتكنولوجيا روسية، وهو مفاعل أنشاص، ويضاف إلى ما سبق أن السياحة الروسية تعد من الروافد الحيوية لدعم السياحة المصرية، والتى تصل إلى ما يقرب من 2 مليون سائح سنويا . وأوضحت الدراسة أن الزيارة تزامنت مع مجموعة من المتغيرات، التى سيكون مردودها المباشر على مستقبل العلاقات المصرية الروسية، فعلى المستوى الداخلى ثمة استعدادات مصرية لإجراء الانتخابات الرئاسية، حتى إن بعض التحليلات ربطت بين الزيارة، وترشح المشير السيسى لخوض السباق الرئاسى . أما على المستوى الخارجى، فقد جاءت الزيارة فى ظل وجود توجه داخل مراكز صنع القرار الأمريكي يدعو إلى ضرورة الحد من الارتباطات الأمريكية بقضايا المنطقة فى ظل تزايد الخسائر، التى تكبدتها السياسة الأمريكية فى العرق وأفغانستان، والتى شكلت بداية حقيقية للهيمنة الأمريكية، الأمر الذى انعكس على استراتيجية أوباما إزاء التوجه إلى آسيا لمحاولة الحد من الصعود الصينى المتزايد، فضلا عن السعى لخلق فرص اقتصادية مع دول آسيا، التى حققت معجزات تنموية .