"احترس مما تتمناه.. فربما يصبح حقيقة" قول مأثور يحذر الإنسان من عواقب غير متوقعة إذا تحققت أحلامه.. وربما يكون هذا هو ما حدث مع فولوديمير زيلينسكي المحامي الذي قرر أن يصبح ممثلا فأصبح رئيسا لأوكرانيا، بعد أن أفادت لجنة الانتخابات المركزية بأوكرانيا بأنه فاز بالانتخابات التي جرت، أمس الأحد، وحصل على 73.15% من الأصوات. كان ترشحه مفاجأة الانتخابات الرئاسية، فالممثل البالغ من العمر 41 عامًا لا يتمتع بأي خبرة سياسية، واعتمد في محاولته للفوز على موجة الغضب الشعبي نحو الرئيس الحالي فكتور بوروشينكو، علاوة على الفساد الحكومي. ولد "زيلينسكي" في مدينة "كريفي ريه"، وهي مدينة صناعية في الجنوب، ودرس القانون ولكنه اختار أن يكون ممثلا، ولعب دور البطولة في عشرات الأفلام والعروض، وكون ثروة كبيرة، كما أدى دور رئيس الجمهورية في مسلسل كوميدي اسمه "خادم الشعب"، وخلال المسلسل لعب دور مدرس أصبح رئيسا للجمهورية عن طريق الخطأ، ولم يكن يتوقع ان يصبح "خادم الشعب" اسم حزبه السياسي الذي قاده لرئاسة البلاد بالفعل. تجنب "زيلينسكي" المسيرات السياسية، وركز جهوده على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة أن لديه 3.6 مليون متابع على موقع "إنستجرام"، وهو عدد أكثر بكثير من متابعي زعماء فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة مجتمعين، وطلب من مؤيديه المساهمة باقتراحات وأفكار سياسية والتواصل معه من خلال مواقع "فيس بوك" و"إنستجرام" و"يوتيوب". كما مثّل ملاكمي الوزن الثقيل، وهاجم خصمه الرئيس الحالي بضراوة خلال مناظرته بملعب "أولمبيسكي" في العاصمة كييف، منذ أيام، وعبر "زيلينسكي" عن قناعته بفوزه، قائلا: "أنا لست منافسك.. أنا القصاص"، وأصر "زيلينسكي" أن يخضع هو والرئيس الحالي لاختبارات المخدرات والكحول قبل المناظرة، التي بدا فيها "بوروشينكو" غير مستقر، كما أصر أن يتم أخذ عينات الدم منهما أمام الكاميرات. "زيلينسكي" أعلن أنه ليس دمية في يد رجال الأعمال أو أصحاب النفوذ، كما تعهد بأنه سيضمن منع عودة رجال من فريق بوروشينكو إلى الحياة السياسية، واستعرض المبادئ الرئيسة لبرنامجه الانتخابي، وهي تحقيق المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، ورفع الحصانة عن القضاة ونواب البرلمان، وتبنى قانون يمكن من عزل رئيس الدولة، بالإضافة إلى رفع رواتب موظفي الدولة. كما تعهد بقيادة حملة ضد الفساد، وترددت أنباء عن رغبته في الاستعانة بشخصيات مشهود لها بالنزاهة مثل مارتا بورش، المدعية العامة الأمريكية السابقة، ولورا كوفيسي، الرئيس السابق لوكالة مكافحة الفساد في رومانيا. يشكك معارضيه في مدى صلاحيته للمنصب، بسبب افتقاره إلى الخبرة السياسية، لكن هذا مردود عليه بأنه كان ضمن داعمي الاحتجاجات ضد الديكتاتور السابق فيكتور يانوكوفيتش، كما ساعد في تمويل كتيبة تطوعية تقاتل المتمردين في شرق البلاد، وإن كان تعهد بتسوية هذا الصراع من خلال محادثات مباشرة مع روسيا وقال "مستعد لعقد صفقة مع الشيطان حتى لا يراق دم مواطن واحد"، ويؤيد "زيلنيسكي" مواصلة المسار الموالي للغرب، لكنه يرى أنه لا بد من الحوار مع موسكو.