نهار 11 سبتمبر قبل 17 عاما من الآن، شكل نقطة فارقة في توجهات الرأي العام العالمي واهتمامه بما يعرف ب"صراع الحضارات"، تلك العلاقة المعقدة الناشئة تعرضت، بعد مرحلة الصدمة بالحدث، لطرق شديد من جهات عدة ولأغراض متباينة، إما بغرض صناعة الفجوة واستثمارها سياسيا واقتصاديا وحتى حضاريا، أو بلا هدف إلا التلهي بإثارة الجدل. الرأي العام العالمي شهد تحولات عديدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، ومر بمراحل مختلفة، حيث تركزت حملات موجهة للترويج لأفكار وآراء بعينها، عبر وسائل الإعلام الغربية المؤثرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. وقال أمين صوصي علوي، أستاذ الإعلام وصناعة الرأي العام بمعهد "إمكا" الفرنسي، إن الرأي العام العالمي بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، مر بمرحلة أطلق عليها "الصدمة"، حيث شهدت تلك المرحلة تشتت الرأي العام في وسائل الإعلام العالمية بلا استثناء، لتبدأ فجأة حملة إعلامية ضخمة لتقسيم العالم بين دول في صف الولاياتالمتحدةالأمريكية وأخرى ضدها. وأضاف علوي في اتصال ل"الوطن": "من أهداف هذه الحملة منع قادة الرأي في العالم أن يكون لديهم آراء وسطية بخصوص أحداث 11 سبتمبر، واعتبار أن كل من يختلف مع الولاياتالمتحدة هو عدو لها"، مشيرا إلى أن الحملة في البداية كانت ضد التطرف والإرهاب ثم ركزت وسائل إعلام الدول الكبرى على قضية فصل المسلمين عن المتطرفين وكان هناك حملة دعائية في البرامج والنشرات بعنوان "لا ينبغي الخلط بين الإسلام والإرهاب"، لتنطلق مرحلة أخرى وهي الحرب على الإرهاب. وأوضح أنه بشكل تدريجي تم التحول لمرحلة الإنزلاق للحديث عن الإسلام نفسه، بعدما كان الحديث عن الإسلاموفوبيا مرفوض ظاهريا في المجتمعات الغربية، فبدأ الإعلام الأمريكي في التشكيك بالعرب والمسلمين، مثل تجربة قناة "الحرة" التي تحدثت كثيرا حينها عن التراث الإسلامي، والترويج لمرحلة الذئاب المنفردة لإحداث تحول في الرأي العام بأن أي عربي أو مسلم من الممكن أن يقوم بعملية دهس أو طعن في أوروبا وأمريكا دون الإنضمام لجماعة إرهابية. وأشار إلى أن الأحزاب اليمينية التي لم يفسح لها المجال قبل 11 سبتمبر 2001، للحديث عن الإرهاب نظرا لأفكارها المتطرفة والعنصرية، أصبحت ضيف شبه دائم على بعض الأبواق الإعلامية، حيث ظهرت فتاة بعد الهجمات في إحدى القنوات الفرنسية، ترى أن كل من يرتدي الزي الإسلامي في أوروبا يجب تصنيفه ضمن قائمة "الإرهاب الفكري". وأكد أن الأكادميين تحدثوا عقب أحداث 11 سبتمبر عن نظرية صراع الحضارات، رغم استنكارهم النظرية قبل ذلك التاريخ، وأصبحوا مساندين شرسين لها، حيث روجوا إلى أن مجرد وجود الحضارة الإسلامية يهدد الأمن العالمي.