هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة أجراها مع وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أمس الخميس، بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية، "إذا لم يتطور أداءها"، حيث شكى من أن الولاياتالمتحدة تُعامل على نحو غير منصف في التجارة العالمية، ملقيا باللوم على المنظمة، محذرًا من اتخاذ إجراء لم يسمه ضدها. ومنظمة التجارة العالمية هي منظمة تختص في الأساس بتسهيل عملية التدفق التجاري بين الدول، وتحديد قواعد لفض النزاعات الاقتصادية بين الدول الأعضاء، وطرح اتفاقيات تجارية بين دول من شانها تعزيز السوق العالمية، بحسب ما قاله الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، موضحًا أن الولاياتالمتحدة تساهم بنسبة تقترب من 27% من إجمالي حجم التجارة العالمية، وأن انسحابها عنوةً من المنظمة سيضر حتمًا باقتصاد الولاياتالمتحدة، قبل أن يضر باقتصادات الدول الأعضاء. وأشار حسين إلى أن انسحاب ترامب سيتبعه فرض سياسات تجارية بشكل منفرد على الدول التي تحظى بتعاملات تجارية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، معتمدًا في ذلك على قوته الاقتصادية ومساهماته في التجارة العالمية، إلا أن سياسات من هذا النوع ستؤدي في النهاية إلى تفتيت منظومة حلفاء الولاياتالمتحدة، إذ ظهر ذلك جليًا مع مؤشرات التقارب الأخيرة بين الدول التي فرض ترامب عليها سياسات تجارية مُجحفة، مثل التقارب بين الصين وروسيا وتركيا والاتحاد الأوربي، لافتًا إلى أن هذا التقارب سيؤدي في النهاية إلى عزلة الولاياتالمتحدة بشكل غير مسبوق. وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن تهديدات ترامب بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية تعتبر خطوة واحدة في طريق طويل ينتهي بتقويض النظام السياسي العالمي، الذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بهدف أساسي وهو منع وقوع حرب عالمية جديدة، موضحًا أن الاتفاقيات والمنظمات الدولية هي حجر الأساس في هذا النظام، وأن انتهاج قوة عالمية كبرى في حجم الولاياتالمتحدة، لسياسة فرض الهيمنة، وتدوير الظهر للاتفاقيات والمنظمات العالمية، لا ينبئ سوى باقتراب انهيار ذلك النظام. وعما إذا كان ترامب قادرا بالفعل على اتخاذ خطوة الانسحاب من منظمة التجارة العالمية، قال أحمد العناني، خبير العلاقات الدولية، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن العامين الماضيين أثبتا أن ترامب لا يتورع عن اتخاذ أي إجراءات غير متوقعة من شأنها فرض هيمنة الولاياتالمتحدة، حتى ولو كان ذلك على حساب الاتفاقيات الدولية التي لطالما كانت أمريكا جزءًا أصيلًا فيها، مشيرًا إلى انسحابه الشهير من الاتفاق النووي الإيراني، وانسحابه من اتفاقية باريس للمناخ.