الطفل: أحياناً تسقط منى الملعقة وأنا أتناول طعامى. الرجل العجوز: يحدث ذلك معى أيضاً. الطفل: أبلل سروالى. الرجل العجوز ضاحكاً: أفعل نفس الشىء. الطفل: كثيراً أبكى. الرجل العجوز: وأنا أيضاً. الطفل: لكن أسوأ شىء.. هو أنتم أيها الكبار لا تستمعون وتنتبهون لى..!! فى هذه اللحظة شعر الطفل الصغير بيد الرجل العجوز الدافئة تربت على كتفيه.. قائلاً: أتفهم جيداً ماذا تعنى؟!! بهذا الحوار الإنسانى الذى دار بين طفل صغير ورجل عجوز فى قصيدة كتبها الشاعر الأمريكى «شل سيلفرشتاين» أبدأ عرضى لحال المسنين وأوضاعهم بعد أن أعلن أحدث تقرير لبرنامج الأممالمتحدة للسكان، وبالاشتراك مع المجموعة الدولية لحماية السن، أن عدد المسنين الذين تتعدى أعمارهم الستين عاماً سيقفز من 809 ملايين نسمة إلى 2 بليون نسمة بحلول عام 2050، أى أنه سيكون هناك كهل من بين كل خمسة أشخاص على كوكب هذا الأرض!!! التقرير الذى أطلقه globa lage watch يعد الأول من نوعه أوضح أيضاً أن السويد تتصدر قمة دول العالم فى رعايتها للمسنين وذلك من خلال سياستها وبرامجها السخية التى تقدمها لهم، تأتى بعدها النرويج فى المرتبة الثانية، ثم ألمانيا فى المرتبة الثالثة. التقرير صنف أيضاً كثيراً من الدول الأفريقية والآسيوية كأسوأ الأماكن التى يمكن أن يتقاعد بها كبار السن.. تأتى فى مقدمة هذه الدول أفغانستان ثم تنزانيا ثم باكستان. فاجأ التقرير.. أن هناك دولاً مثل بوليفيا وسريلانكا تقدمان دعماً ملحوظاً ومتحضراً لكبار السن وذلك من خلال برامجها التى تكفل الرعاية الصحية المجانية (بوليفيا) ومن خلال البرامج الاستثمارية الخاصة بالصحة والتعليم والتى تخصص لها جزءاً كبيراً من ميزانيتها فى سريلانكا، وذلك بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة لهذه الدول..!! الأغرب من ذلك أنك تجد أن أغنى دول العالم، وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية، تأتى فى المرتبة الثامنة، وتأتى أيضاً المملكة المتحدة البريطانية فى المرتبة العاشرة. وبينما تم تصنيف الدول الصاعدة اقتصادياً مثل البرازيل والصين فى المرتبة ال32 وال35 نجد جنوب أفريقيا والهند وروسيا فى المراتب ال66 و73 و78.. . وهذا ما حاول التقرير أن يبرزه وهو أن الدول التى احتلت المراكز المتقدمة كانت قد بدأت فى تحسين أوضاع المسنين فى أثناء صعودها الاقتصادى..!!!! وليس العكس. التقرير تناول الوضع الاقتصادى والاجتماعى لكبار السن فى 91 دولة من خلال البيانات المقدمة والمقارنة بين منظمة الصحة العالمية وبين المنظمات والوكالات الدولية الأخرى وذلك من خلال 4 محاور رئيسية متمثلة فى الدخل السنوى.. برامج الصحة والتعليم والعمل والبيئة المعيشية. ولم تأت مصر ضمن قائمة ال91 دولة لأن ترتيبها وفقاً لعام 2012 جاء فى المرتبة 101 من بين 195 دولة، ومن المنتظر أن تقفز أعداد المسنين من إجمالى سكان مصر 8.4٪ لتصل إلى 20٫02٪ فى عام 2050.. ولا تظهر فى الأفق أو فى «الواقع الحى» أى برامج أو رعاية يشعر بها المسن إلا من مشاهد عم عبده «متشعبط» فى الأتوبيس أو مريض عجوز يتكأ على عصا فى طابور طويل للكشف الطبى أو سيارة مسرعة تدهس مُسناً لأنه يئس من وجود مكان لعبور المشاة.. إنك لن تشاهد عجوزاً يتنزه فى حديقة أو «يعوم» فى مسبح.. بل تشاهد عجوزاً يترجى الدواء و«يتذلل» للبقاء فى العمل بضع سنوات لأن معاشه لا يكفيه.. لن تراه فى رحلة سياحية أو سهرة نيلية.. بل ستراه وحيداً ضعيفاً فى منزله ينتظر من يطل عليه أو «يسقيه» أو يناوله الدواء أو يستمع إليه أو يغير سرواله أو يمسح دموعه.. وفى النهاية سوف ترى يداً دافئة كرمشتها خطوط الزمن تنتظر من يأخذها ويعششها بين يديه ويقول لها: «أنا هنا لك وأتفهم ماذا تريدين».