يفتح صوتها نوافذ القلب، يتسلل إلى الرئتين ويملأهما غبطة، يشبه براءة طفل صغير، يضحك فتضحك من دون سبب، يهمهم بصوت فيعلو صوت ضحكتك، أو يمد إليك يده فتجذبه وتحتضنه، هي أرض لن تبور، ونهر لن ينضب، وقبلة العشاق التي يتنفس محبوها صوتها. قبل 82 عامًا ولدت نهاد رزق وديع حداد «فيروز»، التي «آمنت وما استسلمت وعاشت حياتها للفن»، يجمعنا عيدها دومًا، تلك التي أسعدتنا رغم حياتها التي لم تخل من الأزمات، أبرزها أزمتها «الرحبانية» التي كادت تمنعها عن الغناء، لكنها صمدت، وملأت الدنيا غناء، وتركت في كل مسرح «صدى لصوتها». «الوقوف على المسرح ومواجهة الجمهور»، أولى الأزمات التي واجهت فيروز، لكنها تغلبت عليها واحتلت الصدارة بين فنانات جيلها، زد على هذا أزمتها مع زوجها عاصي الرحباني، والشائعات التي لاحقت حياتهما الشخصية عن سوء معاملته لها، ثم انفصالها عن «الرحبانية»، ومحاولات البحث عن شكل جديد تقدم نفسها به للجمهور. الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت 15 عامًا (1975 – 1990)، واحدة من الأزمات التي عاشتها فيروز، وصممت على البقاء، لم تغادر رغم العنف والطائفية، أعلنت عدم انحيازها لأشخاص أو ميليشيات، كانت تغني فقط، وتتمنى للبنان السلام. في العام 2010، اشتعلت المشاكل بين ورثة الرحبانية وفيروز، وصلت الأزمات بينها إلى محاولات منعها عن الغناء، حاولوا إسكات صوت الملائكة، لكنها في العام ذاته خرجت بألبوم «إيه في أمل»، دومًا هناك أمل يا فيروز، وأمل محبوكي أن يبقى صوتك يصدح بينهم. يقولون إنَّ البعيد عن العين بعيد عن القلب، اختارت فيروز أن تكون بعيدة عن العين، لقاءات تليفزيونية نادرة، وحفلات أندر، لكنها أبدًا لم تكن بعيدة عن أعين عشاقها، تلك الفيروزة التي لا يضاهي جمال صوتها وحضورها شيء، رغم ندرة أعمالها مؤخرًا. أكثر من 60 عامًا من الفن، أعمال مسرحية و3 أفلام وأكثر من 800 أغنية أخذت محبيها ل«غير دني»، رغم أن كثيرين غنوا، لكن أحدًا لم يشدو مثلها، علمت العشاق كيف يغزلون حكاياتهم مع شمس المحبة، حدثتهم عن «أمل» يأتي من «ملل» أو من «لحظات بيرجع من شي حنين لحظات تايخفف زعل»، نادوا على «الطير الطاير على طراف الدني» معها، سألوه «لو فيك تحكي للحبايب شو بنا يا طير؟». اليوم، تطفئ فيروز شمعة في عيد ميلادها ال82، وتنير في قلوب عشاقها عام جديد من الغبطة بوجود «جارة القمر» و«خلصت سنة وطلت سنة» وفيروز كما هي في قلوب عشاقها، لسان حال المحبين، والسيدة التي نعشقها.