يمثل حزب النور الرقم الصعب فى المشهد السياسى حالياً لأنه سيكون «الكتلة الصامتة» الوحيدة بين القوى السياسية التى سيخرج أغلبها يوم 30 يونيو لإسقاط الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى مواجهة الإخوان وذيولهم القليلة.. لذلك يحاول التنظيم الضغط معنوياً لاستقطاب «النور» وإخراجه من عزلته، تارة من خلال استقطابه بإجراءات مثل قطع العلاقات مع سوريا وإغلاق السفارة، وتارة أخرى بالترهيب من خلال تسليط «دلاديل» الإخوان ليتهموا «النور» بأنه «دلدول» جبهة الإنقاذ وأنه خرج عن المشروع الإسلامى، وحملات لتشويه قياداته.. على الرغم من أن الإخوان وذيولهم يسعون ليلاً ونهاراً لمقابلة جبهة الإنقاذ والتحاور معها، وهناك لقاءات جرت بين «البرادعى والبدوى والكتاتنى».. و«الشاطر وموسى» بالإضافة إلى مفاوضات ومحاولات أخرى لم تُعلَن.. وبالتالى فإن الإخوان متناقضون، حيث يزحفون ل«الإنقاذ»، بينما يستكثرون على «النور» الحوار معهم.. أما تهمة الابتعاد عن المشروع الإسلامى فيعلم قيادات «النور» أن الإخوان لم يطرحوا حتى الآن أى مشروع إسلامى ولم يضف رئيسهم للإسلام جديداً، بل إنهم استخدموا مشروع «النور» الدينى المتشدد كفزّاعة للغرب وللمصريين أيضاً. لقد اكتوى حزب النور من الإخوان أكثر من أى فصيل سياسى آخر، رغم أنهم قدموا للجماعة ورئيسها الكثير سواء فى الانتخابات الرئاسية أو سلق الدستور.. فى المقابل حرص الإخوان على تهميش النور بل وتشتيتهم.. وإذا كان التيار الليبرالى قد حصل على وعود من مرسى عبر التليفزيون، فإن «النور» تلقى الوعود فى جلسات مباشرة مع جميع قيادات الإخوان وليس مرسى فقط، كما أن هذه الاجتماعات قد جرت فى أجواء دينية تخللتها صلاة جماعة بين ممثلى الطرفين، ومع ذلك ذهبت جميع الوعود إلى الهواء؛ من أول شراكة حقيقية فى الحكم انتهت إلى عدم تولى أى قيادى بالنور لأى منصب فى مقابل أخونة جميع مؤسسات الدولة، مروراً بوعد مرسى الصريح بعدم إقامة أية علاقات مع إيران، لكن ما حدث أن السياح الشيعة يطوفون مصر رغماً عن حزب النور والدعوة السلفية، حتى وصل الأمر إلى احتجاز إمامهم «ياسر برهامى» فى مطار برج العرب، وحتى وعود تطبيق الشريعة وغير ذلك مما يدخل فى إطار مشروع حزب النور الدينى فإنها راحت أيضاً مع وعود الدنيا، بل إن بعض نواب الحزب السلفى بمجلس الشورى قد تقدموا ببيانات عاجلة حول انتشار ظاهرة الإلحاد. يدفع «النور» فى الشارع فاتورة تأييده للإخوان ودفاعه المستميت عن رئيسهم ودستورهم، ويعلم قياداته أن أداء الرئاسة قد تسبب فى تراجع شعبية التيار الإسلامى كله.. كما تعرف قياداته أن الإخوان «لفظوهم» فترة كبيرة بينما يسعون إليهم الآن لتجاوز محنة 30 يونيو.. وإذا كان قياداته حتى الآن متحفظين فى انتقاد الإخوان فيرجع ذلك لحفاظهم على صورة التيار الإسلامى، لكن بداخلهم يعلمون أن الإخوان لا وعد ولا عهد لهم، وهم أكثر من جربوا سياسات الإخوان فى اللوع والكذب وخلف الوعود. ■■ كل أخطاء النور والدعوة السلفية خلال المرحلة الانتقالية قد يغفرها لهم الشعب بسبب ضعف خبرتهم السياسية لكنّ أداءهم فى الأيام المقبلة سيؤكد مدى مصداقيتهم فى مشروعهم المصرى والإسلامى حتى وإن اختلف معهم البعض بعد أن تلاعب الإخوان بالجميع. وإذا كان الإخوان قد اخترعوا «هيئات» للدفاع عن الشريعة ليكسبوا ود قيادات السلفيين الذين اعتبروا مثل هذه الهيئات مجالس «آباء»، فإنهم بعد عام من تولى مرسى اكتشفوا أنها مجالس وكلام «عيال».