تستيقظ كل يوم قبل أذان الفجر لتبدأ رحلة الشقاء التى لا تنتهى إلا بحلول المساء، تعمل نحو 16 ساعة متواصلة يوميًا داخل مطعم المأكولات الشعبية الخاص بها لتربى أبناءها وحتى يكملوا مراحل تعليمهم، رغم أنها غير متعلمة فإنها مقتنعة بأن التعليم هو السلاح الوحيد فى هذا الزمن. الحاجة منى أحمد صاحبة ال 50 عامًا والتى تقطن حى الجمالية، بمحافظة القاهرة، تزوجت فى عمر ال 14 عامًا وتركها زوجها بعد إنجاب 3 أبناء، وهى على وشك ولادة الطفل الرابع، فكافحت لتربيهم، وقررت منذ هذا الحين أن تكون الأب والأم لأولادها. عرفت الحاجة منى بين أهالى المنطقة ب«خالتى فرنسا» ولقبوها بهذا الاسم نظرًا لكونها مكافحة، فمنذ كان عمرها 7 أعوام اصطحبها والدها لتعمل معه كبائعة فى الأسواق، وقالت: تحملت الهم أكثر عندما تركنى زوجى ومعى أبنائى، ففكرت فى عمل الفلافل على عربية بالشارع وبعد أن تطور الحال بى استأجرت محلًا لأعمل الفلافل فيه وعندها شجعت أبنائى على التعليم ليكن سلاحهم والتحقت بفصول محو الأمية لأرفع من شأنى أمام أولادى. أوضحت «خالتى فرنسا»: أتابع أبنائى بشكل مستمر يأتون إلى المحل ليأخذوا الفطار ويأتون بين الدروس، والحمد لله ابنى الكبير إبراهيم وكذلك ابنى الذى يليه محمود تخرجا فى كلية الألسن جامعة عين شمس، وأخذا الدورات والتدريبات اللازمة، وأصبحا يتحدثان اللغات ويعملان بها، وأما ابنى الثالث طه متفوق فى الثانوية وأخذ بطولات كثيرة فى كرة القدم، وابنى الأخير أحمد فى الصف الثالث الإعدادى أخذ المراكز الأولى فى الرسم بمسابقات المدارس. وأمام تشغيل ماكينة فرم محتويات الفلافل وإضافة البهارات وإحماء الزيت لصناعة الفلافل تقول خالتى فرنسا «أخصص يومًا فى الأسبوع لأشترى جميع الخضراوات للمنزل، وكذلك مكونات الفلافل والفول، وأصنع جميع الأطعمة لأولادى حتى يشعروا أنهم لا ينقصهم شىء، وأحضر لهم كل ما يطلبونه، والحمد لله أبنائى يشعرون بى ويعملون معى فى الإجازات ولا أوافق أن يغيب أحدهم من مدرسته يومًا حتى يتفوقوا ويحصلوا على المراكز العليا. واختتمت: من أسعد لحظات حياتى عندما تم تكريم أبنائى فى كلية الألسن لتفوقهم وحينها شعرت بأن هذا حصادى المثمر الذى قمت بزرعه، وأتمنى من الله أن يوفقنى حتى أكمل رسالتى لأبنائى الباقين، وأصر على تعليمهم حتى يتخرجوا من كليات الطب والهندسة، هذا أملى فى الحياة.