جاءت اللحظة التاريخية التى أعدت لها مصر منذ أكثر من عامين، بدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للصعود لمنصة الاتحاد الإفريقى خلال القمة ال32 للاتحاد، لتسلم الرئاسة رسميًا من الرئيس السابق للاتحاد بول كاجامى رئيس دولة رواندا.. هذه اللحظة التى كنت شاهدة عليها داخل القاعة التى تزلزلت بالتصفيق الحاد، حيث تزاحمت المشاعر بين الفرحة والدموع والفخر والعزة، فهى مصر التى أثبتت للجميع أنها تستطيع الريادة، خاصة بعد فترة وجيزة فصلتها عن العام الأسود 2013، الذى شهد تجميد عضويتها داخل الاتحاد نتيجة عدم صلاحيتها للمنصب. وما بين عام 2013 وعام الرئاسة 2019، كانت هناك ملحمة لإثبات الريادة، وعودة الهوية المصرية لقلب القارة كمثال وسند يحتذى به وسط أبناء الدول الإفريقية الشقيقة، فقد حظيت زيارة الرئيس السيسى هذه المرة بأهمية مختلفة ومغايرة عما كان فى السابق، حيث شهد جدول الرئيس زخمًا ما بين لقاءات ثنائية واجتماعات ثلاثية وحفلات للعشاء ودعوات للترحيب، كما كان للرئيس أكثر من كلمة خلال أيام وجلسات القمة، وعدد من المؤتمرات الصحفية. واستعدت مصر جيدًا لإحداث طفرة فى عدد من الدول الإفريقية الشقيقة التى تنتظر هذا الحدث، إيمانًا منها أن مصر الملاذ الآمن، الذى سيساهم لمستقبل مختلف يقوم على رؤية واضحة، حيث لمست بنفسى ردود أفعال إيجابية ومشاعر إفريقية خالصة، تنتظر ماذا ستقدم مصر للقارة، مثلما أحدثت المعجزة المصرية التى حولت مسارها من حافة الجحيم فى 2013، حتى أعلى نمو وتحسن فى المؤشرات الاقتصادية والمعيشية والتنمية والإعمار فى كل الأصعدة، لتبهر كل الدول المتقدمة وتجعلها تنحنى احترامًا للتجربة المصرية، بل وجذبت أنظار العالم خاصة الإفريقى الذى تمنى أن تساعده مصر ليحذو حذوها وينعم بالرخاء والتنمية، بعدما غرق عدد كبير منه فى بحر الصراعات والقبلية والعنف والفساد، حيث ستسعى مصر خلال هذه الفترة فى إحداث تغييرات ستكون فارقة مع الأشقاء فى القارة، وجاءت بدايتها قوية للغاية بكلمة الرئيس خلال الجلسة الافتتاحية، والذى جاء واضحًا بتوجيه عدد من الرسائل حول التركيز على التنمية والإعمار، وإسكات البنادق ومحاربة الفساد الذى ينهش فى جسد القارة، ويأكل خيراتها، ويترك شعبها مهلهلًا جوعًا. فالقارة ما زالت بكرًا تنتظر المعجزة، ويد المساعدة التى قدمتها مصر، وستقدم الكثير لأهلنا فى إفريقيا بدولها المتعددة، حيث بدأت على الفور بعدد من المبادرات، كان أولها إطلاق مؤتمر أسوان للشباب الإفريقى لعرض وجهات النظر المختلفة بيد الشباب، وكذلك مبادرات صحية تحتاجها القارة بشدة، نتيجة فقر هذا الملف فى الكثير من الدول، وبعد انتظار بدء العمل ليكون عام 2019 عامًا إفريقيا خالصًا، يحقق أحلام العيون الحالمة والوجوه السمراء بلون الأرض الطيبة التى ستفيض بخيراتها على سكان الأرض، إذا ما نجحت مصر فى إدارة الملف كما خطط له، فقد أثبتت للعالم أنها تستطيع أن تقود، وأن تصبح مثالًا يدهش العالم. واهتمت وسائل الإعلام العالمية بالحدث، لتتواجد بشكل غير مسبوق فى قمة الاتحاد الإفريقى، حيث تسابق الجميع للتغطية، ولرؤية رئيس الاتحاد الإفريقى الجديد الذين يضعون الأحلام أمامه، وبالإرادة تتحقق الأحلام وبالعمل تنمو الشعوب. وأخيرًا فقد بدأ العمل الجاد والمكثف فور إعلان تسلم مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقى، بتنفيذ عدد من الأجندات فى إطار الخطة 2063، ولكن من وجهة نظرى المتواضعة فلكل منا دوره جنبًا إلى جنب مع الرئيس السيسى، حتى نثبت للعالم أننا نستطيع، فلابد أن نبدأ العمل بإطلاق المبادرات، وإنشاء المؤسسات التى تخدم هدف مصر فى التنمية والإعمار، بإحداث اختلاف جذرى فى تلك الدول التى تعانى وتحتاج المساعدة. واستنادًا للقول من أراد المساعدة فليبدأ بنفسه، فقد أعلنت فور إصدار البيان الختامى للمؤتمر، عن مبادرة لتأسيس مؤسسة الحلم الإفريقى 2063، والتى ستساهم فى خلق حراك إفريقى للمساهمة فى عدد من الملفات الإفريقية، التى أكد عليها الرئيس ضمن أولويات الاتحاد الإفريقى، فنتمنى إطلاق المزيد من المبادرات وإنشاء المؤسسات التى ستساهم فى تغيير الصورة الذهنية لأبناء القارة، والسعى نحو تحويل الحلم الإفريقى إلى واقع نعيشه، نحو التنمية والإعمار.