أطفال كثر تتجول أمامك فى الطرقات ومحطات القطار وإشارات المرور، فهنا طفل يبيع المناديل وهناك من يتوسل لتعطيه قطعة نقدية، ربما مشهد تعودت عليه، لكن بعد رصد وزارة التضامن ميزانية للقضاء على الأطفال بلا مأوى وتوفير عربات متنقلة تكلفت الملايين لجذب أطفال الشوارع، لم يتغير الأمر، «الصباح» تقترب من المشهد وتقضى يومًا مع أطفال الشوارع لتعرف من وراءهم وكيف يعيشون. ينتشرون فى أكتوبر وبنى سويف والقاهرة.. ويستغلون مواقع التواصل الإجتماعى فى البداية وجدنا صفحات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعى يهتمون بنشر صور الأطفال المفقودة وأطفال الشوارع وينشرون صورًا لسماسرة يتاجرون بالأطفال ويسرحونهم بالشوارع بأماكن مختلفة فى القاهرة وأكتوبر وبنى سويف والمحافظات المختلفة. اتجهنا إلى أكتوبر حيث تعتبر من أكثر المناطق المكتظة بأطفال الشوارع لنقضى اليوم كاملًا معهم، ففور أن تطأ قدمك أكتوبر وتحديدًا محيط مسجد الحصرى يلفت أنظارك الأطفال المتسولين والسيدات المنتشرات حول المسجد وعلى أبوابه فهنا سيدة تجلس تتسول وبصحبتها طفلة صغيرة وآخر رضيع، وهنا طفل يعطى المال لسيدة تجلس بجواره. سألنا عن مكان تجمع هؤلاء الأطفال فدلنا طفل صغير يدعى «زينهم» كان يجلس على الرصيف مع طفلين آخرين إلى مكان الحديقة التى ينامون ويتجمعون بها وتقع أمام جامعة 6 أكتوبر، فالحديقة عبارة عن خمسين مترًا محاطة بالأشجار وليس بها مقاعد للجلوس. أم فرح وأم ربيع أشهرهم بأكتوبروهناك ستة آخرون بالمنطقة حين وصلنا للحديقة كانت هناك سيدتان تجلسان فيها وحين اقتربنا فرتا بعيدًا حتى لا نتحدث معهما، فور جلوسنا بالحديقة تجمهر الأطفال بنحو عشرة أولاد وأربع بنات يحسبون أننا جمعية للمساعدة. قال الطفل محمد والملقب بال«مرضى» والذى يبلغ حوالى 8 سنوات، وبه آثار حرق على وجهه، أنه يتجول بالشارع منذ الصباح حتى المساء، ويعانى من آثار تعذيب على وجهه وجسده «فأم فرح» التى تُسرحهم بالشارع تضرب الأطفال حين يأتون بمال قليل نتيجة الشحاتة، وأشار أن معها فتاة، وكذلك سيدة تدعى أم ربيع تنام أيضا بالحديقة ومعها أطفال لا يعلم إذا كانوا أولادها أو لا. أما زينهم والبالغ عشر سنوات يرتدى ملابس بالية ويظهر على وجهه آثار جروح قال إن دار الرعاية أتت مرة وأخذتهم وأطعمتهم وألبستهم ملابس نظيفة غير المتسخة التى يلبسها ثم أرجعتهم للشارع مرة أخرى، وأخذت الملابس النظيفة منهم، وأضاف أنه ينام فى الحديقة هو وزملاؤه ويوجد سيدات وشباب كبار، كما أنهم لا يأكلون سوى طعام يشحتون طوال النهار ويعطون المال لسيدة الحديقة. زينب فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا، وكان معها 3 فتيات أخريات، أكدت أنهن أيضًا أحيانا ينامن بالحديقة ويجمعن المال سويًا ورفضت أن تدلى بأى كلمات أخرى ثم تراجعت وقالت إنها من صفط اللبن. أفاد «وليد» منظم سيارات الجراج فى أكتوبر بالقرب من الحديقة، بوجود أطفال كثيرة تنام بالحديقة، يسرحهم 6 سماسرة من النساء، مؤكدًا أنهن يستقطبن الأطفال ليستغلوهم فيما بعد فى الشحاتة أو أعمال الدعارة. من جانبها قالت الدكتورة سوسن فايد أستاذة علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، إنها قامت ببحث عن أطفال الشوارع وهؤلاء السماسرة تحت عنوان «الاتجار بأطفال الشوارع»، وأشارت إلى أن الأطفال يستغلون فى أربعة مجالات رئيسية فى التسول والسرقة وتجارة الأعضاء والمخدرات وتوزيعها من قبل سيدات أو شباب يعرفون مداخلهم ليجعلوهم يتبعونهم. وأضافت أن هؤلاء الأطفال حين يكبرون يكونون شبكة جديدة خاصة بهم نظرًا لمعرفتهم مداخل وتفكير هؤلاء الأطفال فيصبح من تابع إلى متبوع، وأن هؤلاء السيدات يعملن بشكل فردى فى الغالب وقليل منهن يعملن وفقًا لشبكات تسريح الأطفال، مؤكدة أنه لا توجد أرقام إحصائية تحدد أرقام أطفال الشوارع لأنهم عدد متحرك ليس لهم مكان ثابت، وأن الجهة الأكثر تدقيقًا بعددهم هم الأحداث حيث ممكن يكون لهم أرقام تقريبية. ووفقا للإحصائية وزارة التضامن الاجتماعى والمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن عدد أطفال الشوارع، وأظهرت الدراسة أن نسبة 88فى المائة منهم يتمركزون فى الحضر و12 فى المائة فى القرى، وتبلغ نسبة الذكور منهم 83 بالمئة والإناث 17 بالمئة، ونسبة 86.9 بالمئة منهم أصحاء بينما يتوزع الباقى على مختلف الإعاقات، وأسفرت عن وجود 16019 طفل شارع متمركزين فيما يزيد على 2500 منطقة تجمع.