أزمة مالية بعد وقف السعودية تمويلها.. والدعوة تتجه للتحالف مع «قطر » حالة من التخبط والارتباك ضربت صفوف الدعوة السلفية، نتيجة تغير سياسات السعودية تجاهها، وتوجه المملكة لوقف دعم التيار السلفى الذى طالما قامت بدعمه ونشر أفكاره على مستوى العالم على مدار سنوات طويلة، يأتى ذلك فى ظل تفاقم مشكلة التمويل التى تعانى «الدعوة » منها منذ فترة، وبخاصة أن السعودية هى الداعم المالى الأساسى لها. بداية الأزمة الأزمة بدأت منذ سقوط حكم الإخوان، حيث توقف رجال الأعمال أمثال طارق طلعت مصطفى، عن تقديم أى دعم مالى، وابتعاد العديد من العائلات التى كانت تساندها ماليا نتيجة الظروف السياسية، ما أدى لوقف العديد من أنشطتها، فيما كانت الضربة الثانية التى تلقتها الدعوة فيما يخص التمويل خفض الدعم الخليجى لها. توقف الدعم ونقص الموارد المالية، أدى لتوقف العديد من أنشطتها، منها تخفيض عدد الأسواق الخيرية التى كانت تقيمها فى المحافظات، ووقف قوافل المساعدات والقوافل الطبية لعدة أشهر، وقف أنشطة حزب النور، وغلق عدد من المقرات خاصة بالصعيد. التمويل عاد مرة أخرى، بعد قيام عدد من قيادات الدعوة بجولة بعدة دول خليجية على رأسها المملكة السعودية والكويت، منهم الشيخ أحمد حطيبة ود. ياسر برهامى، ود. يونس مخيون، لتعاود الدعوة أنشطتها لكن بصورة أقل، حيث أقامت سوق خيرية واحدة بمحافظة الإسكندرية، واكتفت بتقديم المساعدات العينية فى الكوارث فقط، مثل السيول التى ضربت سيناء العام الماضى، مع تقليل عدد القوافل الطبية للمنتصف، وتركيزها فى المحافظات التى تضم عددًا أكبر من المنتمين للدعوة. عودة الأزمة من جديد استمرت الحال فى الدعوة على هذا المنوال حتى بداية العام الحالى، وفقًا لما أكده مصدر بالدعوة، وذلك مع وجود بداية خلاف بين الأسرة الحاكمة فى السعودية وبعض أعضاء هيئة البيعة بسبب التغيير فى سياسيات المملكة، والسعى لوقف نشر الفكر الوهابى بالمنطقة، والذى كانت قد تبنته المملكة، وأقامت العديد من المراكز الإسلامية والمساجد والمشروعات الدينية فى مئات الدول لنشره. وأضاف المصدر، أن هذا الأمر أثار أزمة كبيرة أدت لسفر «برهامى » لفهم تفاصيل الأزمة، والتى انتهت بتجميد النقاش حولها، مع خفض الميزانية المخصصة لنشر المذهب الوهابى نظرًا للظروف الاقتصادية غير المستقرة بالمملكة، كاشفًا أن الأزمة عادت من جديد منذ عدة أشهر، عندما تولى محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولى العهد السعودى مقاليد الأمور، نظرًا لتوجهاته المائلة للغرب أكثر، حيث قرر وقف الإمدادت المقدمة للتيار السلفى حول العالم، خاصة مصر التى كانت تحظى فيها الدعوة السلفية بالجزء الأكبر، بحجة عدم وجود داعٍ لذلك، وتجنبًا للتعرض للاتهامات بدعم الإرهاب، فيما تبحث دولة الكويت ثانى أكبر داعم للدعوة حول العالم، وفى مصر تقليل إنفاقها الموجه لدعم التيار السلفى، الأمر الذى أدى إلى تفاقم الأزمة. تحركات الدعوة المصدر كشف، أن تلك الأزمة كانت السبب فى إطلاق حملة «من نحن » التى أطلقتها الدعوة الأسبوع الماضى، لشرح معنى السلفية ودورها فى نشر صحيح الدين، ودفاعها عن أئمة الإس ام ابن تيمية وابن عثيميين، وذلك حتى تظل موجودة بالمساجد، وتعمل على جذب قواعد شعبية أكبر ترفع من قدرها لدى المملكة، مشيرًا إلى أن الدعوة تبحث حاليًا عن بدائل للتمويل، حيث تكثف من توطيد العلاقات مع العائلات الكبرى خاصة القبلية فى الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة والإسماعيلية لتوفير مساعدات مالية لها. واستطرد: «الدعوة تسعى لتكثيف تواجدها بمحافظات الصعيد، التى لا تزال توجد بها النزعة الدينية بصورة أقوى عن تلك الموجودة بوجه بحرى والقاهرة .» وعن الأنشطة أفاد المصدر، أنها أصبحت مقصورة على بعض الندوات التى يقيمها حزب النور، كما تم تخفيض الميزانية الموجهة للجريدة الرسمية لها، مع خفض ميزانية موقع «أنا السلفى ،»وإيقاف موقع صوت السلف، والاكتفاء بصفحات الدعوة والحزب على «فيس بوك »، مضيفًا أن المساعدات التى كانت تقدم للأهالى بالمساجد التابعة للدعوة تم خفضها للنصف، وغالبيتها تقدم لأعضاء الدعوة والتابعين لها. طوق النجاة وفى تصريحات خاصة ل «الصباح »، قال الداعية السلفى محمد الأنصارى: «الدعوة السلفية بدأت فى إيجاد بدائل للدعم السعودى والكويتى لها، وهو المراكز الإسلامية بدول الغرب، وهى عبارة عن مراكز كبرى منتشرة بعدد من دول الغرب والصين، تكون ما اذا للمسلمين بتلك الدول، حيث يتكون المركز، من مسجد ومركز ثقافى ومستشفى ودار مناسبات، ويتلقى تبرعات من الجاليات المسلمة بدول الغرب »، مضيفًا أن جماعة الإخوان تسيطر على 90 فى المائة من تلك المراكز، وكانت الدعوة السلفية تسيطر على ال 10 فى المائة المتبقية. وأضاف: «عقب تعرض الدعوة للهزة الاقتصادية الحالية، بسبب توقف دعم دول الخليج لها كان أول ما التفت إليه هو تلك المراكز، التى تعتمد عليها حاليًا فى البقاء، حيث إن عائدتها تجعل الدعوة مستمرة، لكن من الصعب توفير أموال مثل أموال الخليج، حيث يعتمد تمويل تلك المراكز على زكاة المسلمين فى تلك الدول، بجانب التبرعات، أما الخليج فكان جزءًا من اقتصاده يوجه لدعم التيار السلفى .» وعن الأنشطة التى أوقفتها الدعوة أوضح الأنصارى، أن الدعوة السلفية كانت من أكثر التيارات الدينية نشاطًا خاصة عام 2013 ، حيث كانت تقيم المؤتمرات الجماهيرية، وتقدم المساعدات المالية والعينية للفقراء بهدف شراء ودهم، بخ اف إنشاء عدة مشروعات للسلفيين، والتواجد بقوة فى الفضائيات، وتكثيف النشاط الإعلامى، وإقامة الأسواق الخيرية، وجميعها قد توقفت نهائيًا، ذلك لأن الدعوة لم تقدم هذا بناءً عن مجهودها، لكنها كانت أموال الخليج التى يأخذ معظمها قادة الدعوة، فيما كان يوجه جزء آخر لتكوين قاعدة شعبية لها. وشدد الأنصارى، على انهيار الدعوة خلال بضع سنين فى حال لم تجد البديل القوى أو تغيرت السياسات الموجودة حاليًا، ذلك لأن توقف نشاطها ولو مؤقتًا يعنى موتها بالبطىء، مؤكدًا أنه لا يستبعد لجوءها فى فترة ما لقطر التى يوجد بها عدد من قادة التيار السلفى فعليًا منها أبى إسحاق الحوينى ومحمد حسين يعقوب، خاصة أن استقرار الدول يؤدى إلى انهيار تلك التيارات والعكس.