يكاد يكون من المستحيل أن يعود الزمن بنا إلى عصر الرئيس الراحل أنور السادات وما تلاه من تشدد ديني أدى بالعقول المصرية إلى الانهيار في دهاليز الجهل بالآخر وتقديس الكراهية والعنف ضد المخالفين في الدين. يرجع الفضل في ذلك إلى شبكة الإنترنت بما تحمله من مواقع للتواصل الاجتماعي فتحت الأبواب أمام الآخر الممنوع والمكروه لإعلان صوته، , وأتاحت أمام الجاهلين بالآخر أن يستمعوا إليه دون حاجة إلى أن يروه ويلمسوه، بالإضافة إلى مواقع المعلومات والكتب التي يستطيع من خلالها أي شخص التحقق من أي معلومة دون الحاجة إلى الذهاب إلى دور العلم الشاهقة للحصول على كتب معينة من مكتبات ضخمة بشروط وضوابط معقدة، ومن ثم لم تعد المواعظ والخطب الدينية واجبة الطاعة من قبل المستمعين مثل الماضي لأن العقول المصرية أضحى لها منافذ أخرى تستطيع من خلالها أن تحصل على المعرفة التي ترضيها. جيل المتشددين الذين أذاقوا مصر الويلات ذاهب إلى الاندثار لا محالة، اللهم إلا إذا استطاع أحدهم أن يقضي على شبكة الإنترنت في إطار حرب نووية أو ما شابه، فباب المعرفة الحرة هو الضمانة الوحيدة لعبور المصريين من حالة الخمول العقلي والانقياد الفكري إلى حالة التشكك في الموروث والبحث عن الحقائق بأسلوب شخصي في أمهات الكتب والمصادر سعيا إلى الحقيقة لا غير. خلال ثلاثين عاما أو أقل، إذا لم تطرأ مفاجأة غير محسوبة العواقب، ستختفي عن وجه أرض مصر غالبية العقول المتحجرة التي تنظر إلى وسائل العلم الحديثة نظرة تحريمية أو تسفيهية ليتحول شباب اليوم إلى قادة الغد، يقودون الوطن نحو المعرفة والتحرر من الموروثات المتشددة لتحل مصر قيودها التي طالما قد تقيدت بها في الماضي، ما يدعو للتفاؤل بالمستقبل مهما رأينا من أفكار جاهلة تجول هنا وهناك وتطفو على السطح من حين لآخر خوفا من الغرق في بحار النضج الفكري، فالنور سوف يغلب الظلام مهما تعاظم الظلام في سطوته.