ورقة زواج محددة المدة، لا تزيد فى معظم الوقت على يوم واحد، وقعتها «س. م» الطالبة الجامعية المقيدة بالفرقة الثالثة بأحد المعاهد، وتفيد بزواجها من رجل أعمال خليجى، بعدما صممت على تلك الورقة لتحمى نفسها من الدخول فى نفق الحلال والحرام، على حد تعبيرها، فهى تعتقد أن الورقة تضع زواجها فى إطار الشرع، مقابل تقاضيها 10 آلاف جنيه لزواجها من هذا الرجل ليوم واحد أو يومين بأقصى حد. نوع جديد من الزواج اقترن ذكره بالشباب، حاولت «الصباح» خلال هذا التحقيق الوصول لعدد من الفتيات اللاتى أقبلن على هذا الزواج، بعضهن بدافع المال وأخريات بهدف المتعة، وعدد منهن تحت ضغط استغلال الأهل لهن، لينتشر قبيل موسم الصيف، مع نزول رجال الأعمال العرب إلى مصر، فيتحول الزواج لسلعة رائجة تمارس تحت غطائها رذائل جمة.
أمر واقع تعرضت «و. ع» طالبة الفرقة الرابعة بكلية التجارة، للاعتراض المعتاد من الوالدين تجاه حب الدراسة، عندما رفضت أسرتها زواجها بأحد زملائها فى الكلية، فما كان منهما إلا كتابة ورقة فيما بينهما محددة لمدة 24 ساعة فقط، ليجبرا الأهل بعدها على الموافقة على زواجهما، وقد قالت «الورقة كان بها شروط أهمها ألا تتم أى علاقة حميمية بينهما، فهى فقط وسيلة للضغط على الأسرة لقبول العريس، واتفقنا أنه فى حالة رفض الأسرة سنحول الأمر لحقيقة، وفى كلا الحالتين سيتزوجان، سواء بعلم الأهل أو دون علمهما»، موضحة أنه حتى الآن جارى النزاع مع أهلها، الذين انهالوا عليها ضربًا فور علمهم بالأمر، وما زالت محاولاتها مستمرة، هى والشاب الذى اختارته. وتوضح «و. ع» أن الفكرة جاءتهم من أصدقائهم، الذين مروا بتجربة مشابهة، من صديقة بالدفعة التى تسبقها عندما تزوجت من شاب يكبرها بنحو 10 سنوات لمدة أسبوع مقابل 15 ألف جنيه، نظرًا لوقوعها فى ضائقة مادية، اضطرت على إثرها الدخول فى مثل هذا النوع من الزواج، شارحة أنها وجدت فيما بعد أن الأمر أصبح مُربحًا جدًا بالنسبة لها، إلا أنها أصبحت تقلل المدة ليومين وأحيانًا ليوم واحد فى مواسم الصيف، وعللت موقفها بأنه «شرعى وبه إشهار وإخبار للجميع، فما المانع من التربح والاستفادة منه».
مطلوب عذراء وطوال 6 سنوات من الزواج لم تجد زيزى، طريقًا للهروب من العالم الذى تعيش فيه، من وضع سيئ وفقر شديد، وبعد طلاقها لم تجد حلًا إلا على يد امرأة تسكن بجوارهم، بعد أن عرضت على والدتها أن تتزوج من أحد السعوديين مقابل مبلغ كبير من المال، ولكن بشرط أن تكون عذراء، ورغم علمها بأنها تفتقد الشرط المطلوب، فقد حاولت جاهدة تحقيقه بالذهاب لأحد الأطباء المقيمين فى أحد شوارع الهرم، بعملية تعيد لها عذريتها، وبالفعل حدث ذلك وبعدها تزوجت من السعودى مقابل 30 ألف جنيه لمدة دامت أسبوعين، وترى زيزى أن هذه الطريقة ساعدتها على المعيشة هى وأبنائها الثلاثة، ومن هنا بدأت فى طريقها إلى احتراف هذا الزواج، فمع كل عرض يأتى به السمسار، بأحد السعوديين أو الخلايجة، تتوجه إلى عيادة الدكتور الذى أجرى عمليتها الأولى لكى تعيد ما فعلته أول مرة وتتقاضى مقابله مالًا يساعدها على حياتها، حسبما تقول.
بأمر الأهل أما «ص. ع»، 20 سنة، تقيم فى الجيزة، كانت دائمًا ما تساعد والديها فى معيشتهم، فمنذ كانت صغيرة وهى تعمل مع والدتها فى خدمة منازل الآخرين، ولكن فى أحد الأيام وعند عودتها إلى بيتها الصغير رأت رجلًا يجلس مع والدها، وبعدها سمعت من أمها أن أحد الخلايجة الأثرياء يريد زواجها مقابل مبلغ كبير، ل7 أيام فقط، ولكن ما كان أمام أبيها إلا أن أخذها إلى أحد البيوت بمنطقة عزبة النخل لكى تتزوج من الرجل الذى بلغتها به أمها وعندما وصلوا إلى البيت رأت رجلًا كبيرًا فى السن فلم تكن تتوقع أن يزوجها أبيها لرجل يبلغ من العمر أضعاف عمرها، وبعد أن نصحها والدها بسماع كلامه وتنفيذ أوامره، رحل والدها ليمارس معها هذا الرجل علاقة جنسية بمنتهى العنف لمدة ليلة كاملة، وانتهى الزواج فى اليوم التالى، ورجعت إلى منزل والدها من جديد، دون حتى أن تعلم ما ثمن ذلك. تغير الحال بعد أيام قلائل، وفرت هاربه تبحث عن مأوى غير الذى تسكنه، إلى أن هداها الهوى إلى الفعل نفسه، طالما تواجد من سيدفع أكثر ومن لديه المأوى. أما عن سهير، ابنه الشارع التى لا تعلم عن أبيها ولا أمها شيئًا، ولا من أين جاءت ولكن علمت إلى أين ستذهب، الفتاة الصغيرة التى كانت تحمل فى أيديها بعض أكياس المناديل والفل وتجوب هنا وهناك باحثة عن من يأخذه منها، لتضع ثمنه فى آخر اليوم بين أيدى رجل يدعى عربى القط، وبعدها تأكل وتنام وفى يوم من الأيام تغيرت حياتها تمامًا، فأمرها ذلك الرجل بعدم الخروج مرة أخرى إلى ممارسة ما اعتادت عليه يوميًا، إلى جانب هذا أعطاها ما يكفيها من المأكل والمشرب وتركها ورحل، حتى دبر ما كان يريده وهو زواجها من أحد الخلايجة بمقابل، فأخذها فى أحد الأيام إلى شقة يسكنها ذلك الرجل الذى تزوجها لمدة يوم واحد، وأخذ «القط» المال ورحل، ولاقت من الخليجى ضربًا مبرحًا حتى فعل بها ما أراد. والمثير للدهشة أن هذه الفتاة أبدت بعد ذلك موافقتها على زواجات مثيلة، مقابل 5 آلاف جنيه فى المرة.
متعة.. وزنا يقول الدكتور محمد متولى منصور، أحد علماء الأزهر الشريف «انهيار القيم الإنسانية والنظام الاجتماعى هو الدافع وراء هذه الظاهرة، فالزواج من بعض الخليجيين بهدف المتعة معتاد بالمجتمع المصرى، ولكن الإسلام لم يقل إلا نوعًا واحدًا من الزواج وهذا النوع الواحد هو الذى يرسخ عليه الزواج الشرعى، والذى تكتمل أركانه بإيجابه وقبوله وشهوده وإشهاره، وأى زواج سوى هذا يعد باطلاً، بل إنه كبيرة من الكبائر وجريمة من الجرائم، ألا وهى جريمة الزنا، وبالتالى فزواج المتعة يعد باطلاً، حسب ما أفتت به دار الإفتاء». وفى سياق آخر أكد منصور أن هناك عوامل اجتماعية لوجود مثل هذه الظاهرة، منها الفقر وعدم الوعى بالأمور الفقهية لمثل هذا الزواج، إلى جانب الإدمان والسقوط تحت تأثير المخدرات، وارتكاب ما يخالف شرع الله. قالت هدى عبد المريد عضو المجلس القومى للمرأة وسفيرة المرأة العربية للسلام «عمل الإناث فى أعمال منافية للآداب مرفوضة تمامًا، إضافة إلى أن عمل القاصرات محظور بحكم القانون»، مؤكدة على أن عمل المرأة يجب أن يصونها ويحميها فى حالة عدم حمايتها من قبل والديها، وأن على السيدات اللاتى يغصبهن عائلتهن على العمل المنافى للآداب رفض هذا الأمر رفضًا قاطعًا ومحاولة الوصول لأعضاء المجلس القومى للمرأة سواء فى المحافظة التابعة لها. وأضافت هدى عبد المريد «أغلب ما يتم معهن ممارسة جنسية، تتم على أساس الجنس السياحى أو كما يطلق عليه زواج الصفقة، إلا أنه انتشر فى الآونة الأخيرة بشكل كبير وملفت للأنظار نظرًا لسوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية، وبالتالى تلجأ الأسرة لبيع بناتها وكأنها تؤجرهن بالساعة».
سلعة.. وتحايل وأوضحت دكتورة وداد إسماعيل مدرس علم النفس أن العامل الأساسى لحدوث هذا الزواج هو عدم الوعى بالدين والتمسك بالقيم، أما العوامل الفرعية فهى انتشار الجهل والفقر بين الناس، وأكدت على أن هذا الزواج يؤثر سلبًا على الفتاة ويسبب لها مشاكل نفسية لأن الزواج لم يكن قائمًا على المودة والرحمة والتوافق الفكرى، بل ستشعر أنها مجرد سلعة للمتعة فقط. وأكد المحامى لؤى إبراهيم، أن القانون لا يجرم هذا الزواج طالما هناك قبول بين الطرفين، لأن بطلان العقد يختلف عن تجريم العلاقة، فدعوى الزنا يجب أن يتم تحريكها فى النيابة العامة، من الزوج ويلقى على عاتقه إثبات هذا الزنا، وهذا الزواج هو زنا مُقنّع؛ أى تحايل على الدين والقانون لأنه يتم بورقة غير موثقة وأخل بشرطين أساسيين من شروط الزواج وهما الإشهار والاستمرارية. وقال لؤى «الأطفال نتاج هذا الزواج ليس لهم بيانات مسجلة، لذلك لا يتمتعون بأى حقوق، وحتى تتمتع بحقوقها يجب أن ترفع دعوى إثبات زواج وإثبات نسب».