- تم إخلاء سبيلى بكفالة 5 آلاف جنيه دفعها أصدقائى المسيحيون الذين كنت أحمى معهم الكنيسة حاولنا البحث والاجتهاد لمقابلة أحد الهاربين الصادر بحقهم قرار الإعدام، وعلى الرغم من أن الأمر كان صعبًا للغاية، إلا أننا توصلنا لأحد ذى صلة ب4 متهمين هاربين، استقلينا سيارته وتحركنا لقرابة ساعة كاملة من «مطاى» إلى قرية نائية تسمى «منبال»، ومنذ الوهلة الأولى لدخولنا لتلك القرية لاحظنا بوسترات وصورًا كثيرة للدعاية الانتخابية للرئيس المعزول محمد مرسى وحازم صلاح أبو إسماعيل، قرية فقيرة معظم بناياتها من الطوب البلوك، وبمجرد وصولنا للمنزل التقينا بدراجتين بخاريتين أتيتا من الزراعات تحمل محمد عطا الله 33 سنة، وشقيقه الأصغر طه عطا الله 17 سنة، ركب معنا محمد بالسيارة كى لا يثير الانتباه واتجهنا إلى منطقة نائية بالزراعات وهناك دار الحوار:
* محمد، نود التعرف عليك؟ - أنا محمد عطا الله سامى، «تاجر مواشى»، متزوج ولدى من الأبناء ولدان وبنت، وطول عمرى عايش داخل قريتى «منبال» الفقيرة العدمانة وعمرنا ما طلعنا فى مظاهرات لأننا مش بنفهم فى السياسة ومش فارق معانا شالوا مرسى أو جابوا غيره، المهم نلاقى لقمة العيش اللى نأكل بيها أولادنا لأننا عايشين اليوم بيومه. * إيه حكايتك مع حكم الإعدام اللى صدر ضدك ومعاك 529 فردًا؟ - يوم اقتحام قسم شرطة مطاى أنا كنت راجع من «الغيط» فقابلنى ناس أصدقائى مسيحيين قالوا لى إن القسم بيتحرق واحنا خايفين الناس اللى بتحرق بعد ما يخلصوا يجوا علينا ويحرقوا الكنيسة، فذهت معهم بصحبة مجموعة وجلسنا أمام الكنيسة لحمايتها من أى بلطجية، وظللت جالسا بصحبتهم حتى الساعة 12 مساءً وفيه شهود على كلامى ووثقوا الشهادة فى الشهر العقارى، وعلى الرغم من أن اسمى جاء فى القضية، إلا أننى لم أهرب، وظللت فى المنزل حتى جاءت الشرطة وألقت القبض عليا أنا وأخى الأصغر «طه» اللى عمره 17 سنة وقالوا إنه شريكى فى الجريمة ومعانا أخونا الثالث واتحبست على ذمه القضية أنا وأخويا 3 شهور فى مركز مطاى، وأخلوا سبيلى بكفالة 5 آلاف جنيه ودفعها أصدقائى المسيحيين اللى كنت واقف معاهم بحمى الكنيسة. * إذا لم تكن من الذين اقتحموا المركز وقتلوا نائب المأمور؟ فكيف أتوا باسمك فى القضية؟ - الحكومة كانت بتلم عاطل على باطل، وأنا مش بقول إن كل المحكوم عليهم كلهم أبرياء، هناك متورطين، لكن على الأقل هناك تحريات مباحث وأمن وطنى وفيه فيديوهات للحادث، «أقسم بالله لو صورتى طلعت فى أى تصوير أنا بطالب بضربى بالنار بدلًا من إعدامى»، كنت بحمى الكنيسة فكيف أكون فى نفس التوقيت وحرقت المركز وقتلت نائب المأمور، وما يشعرنى بالظلم أكثر أن الحكومة تعلم القتلة الحقيقيين، ولكن تتركهم بعيدًا عن القضية. * كيف علمت أن اسمك موجود فى القضية؟ - يوم الثلاثاء صبيحة سوق المواشى، كنت محضر مبلغ 2000 جنيه ورايح اتاجر بيهم ومعايا أخويا الصغير وفجأة لاقيت ضرب نار كتير ادام البيت عندنا، والشرطة اخدتنى فسألتهم ايه اللى عملته؟ مردوش عليا، اعتقدت أن تكون مشكلة بسيطة، واتحبست وتانى يوم اتعرضت على وكيل النيابة ولاقيته بيسألنى هل اشتركت فى قتل نائب المأمور، وقبل ما يكمل السؤال لسانى اتخرس وكانت صدمة وكأنى هموت وظللت محبوسا أنا وأخويا ومعانا 50 شخص من أهالى مطاى ومنبال وأخدت اخلاء سبيل بعد دفع كفالة 5 آلاف جنيه ليا ومثلهم لأخويا. * كيف استقبلت خبر الإعدام؟ - كنت فى البيت وكنت متأكد أنى مليون الميه هاخد براءة لأن فيه شهود عيان ومفيش فيديو يثبت أنى كنت فى القسم، وعندما سمعت الخبر خاصة أنى سمعت خبر إعدام إخوتى الثلاثة معايا وهما امام عطالله وحمزة عطالله وطه عطالله فقدت الوعى تماما. * كيف تعيش بعد الحكم عليك بالإعدام؟ - أنا عايش حياة المطاريد هربان من بيتى ومش بقدر أشوف أمى ولا أولادى، لأن البيت مراقب، وأعيش فى الجبل ومش بنزل منه وفيه كتير من المحكوم عليهم هربوا خارج المنيا. * فى حالة التصديق على القرار بالإعدام وأنت من المعدومين، ماذا ستفعل؟ - مفيش حاجة فى ايدى عشان أعملها هفضل هربان ولو اتقبض عليا واتعدمت ليا الجنة لأنى مظلوم وهقول «حسبى الله ونعم الوكيل». * أنت مش شايف إن الإخوان نجحوا فى أنهم يورطوكم معاهم فى أعمال العنف؟ - الإخوان مش أهلى علشان أدافع عنهم ولا هما آخر الكون عشان بنى آدم يموت من الشرطة، وحرام اللى حصل مع نائب المأمور. * كنت تعرف نائب المامور؟ - أهل البلد كلها تعرف سيادة العقيد مصطفى العطار «رحمه الله» كان راجل محترم ومتدين وعمره ما ظلم حد وعلى طول كان بيساعدنا ويقف بجوار الغلبان.
طه عطا الله، الأخ الأصغر لمحمد البالغ من العمر 17 عاماً أكد فى حديثنا معه بعد لقائه أنه لم يذهب من الأساس إلى مطاى ولم ير الأحداث، وعندما تم حبسه وتم عرضه على النيابة وسؤاله عن سنه فرد بأنه 17 عاما، إلا أن وكيل النيابة قال اكتبه 20 سنة، وتدخلت فى الحديث «الحاجة فايقة» والدة ال 4 متهمين فى القضية والمحكوم عليهم بالإعدام قائلة «إحنا مالناش فى السياسة وعايشين فى حالنا وكلنا فلاحين وأولادى كانوا معايا يوم الحادث فكيف تورطوا فى الأحداث؟».