قبل ثماني سنوات اندلعت ثورة الليبيين في بعض المدن ضد نظام العيد معمر القذافي، لقي على إثرها حتفه، وتحول المشهد الليبي إلى ما يشبه الحرب الأهلية. انطلقت الثورة في يوم 15 فبراير إثر اعتقال محامي ضحايا سجن بوسليم فتحي تربل في مدينة بنغازي فخرج أهالي الضحايا ومناصريهم لتخليصه وذلك لعدم وجود سبب لاعتقاله، وارتفعت الأصوات مطالبة بإسقاط النظام وإسقاط العقيد القذافي شخصياً مما دعا الشرطة إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين واستمرت المظاهرات حتى صباح اليوم التالي. وفي اليوم التالي انتفضت في مدن الرقدالين والجميل والعجيلات في غرب البلاد لكن البيضاء شهدت سقوط أول شهداء في الثورة يوم السادس عشر من فبراير وتلتها مظاهرات للمطالبة بإسقاط النظام بمدينة البيضاء فأطلق رجال الأمن الرصاص الحي وقتلوا بعض المتظاهرين. كما خرجت مدن جبل نفوسه الزنتان ويفرن ونالوت والرجبان في نفس اليوم، وقام المتظاهرون في العجيلات بحرق مقر اللجان الثورية، وكذلك مركز الشرطة المحلي، ومبني المصرف العقاري بالمدينة، وازدادت الاحتجاجات اليوم التالي وسقط المزيد من الضحايا. وجاء يوم الخميس 17 فبراير على شكل انتفاضة شعبية شملت بعض المدن الليبية في المنطقة الشرقية فكبرت الاحتجاجات بعد سقوط أكثر من 400 ما بين قتيل وجريح برصاص قوات الأمن ومرتزقة تم جلبهم من قبل النظام. وقد تأثرت هذه الاحتجاجات بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي مطلع عام 2011 وبخاصة الثورة التونسية وثورة 25 يناير المصرية اللتين أطاحتا بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك. وقاد هذه الثورة الشبان الليبيون الذين طالبوا بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، وكانت الثورة في البداية عبارة عن مظاهرات واحتجاجات سلمية، لكن مع تطور الأحداث وقيام الكتائب التابعة لمعمر القذافي باستخدام الأسلحة النارية الثقيلة والقصف الجوي لقمع المتظاهرين العزّل، تحولت إلى ثورة مسلحة تسعى للإطاحة بمعمر القذافي الذي قرر القتال حتى اللحظة الأخيرة. وبعد أن أتم المعارضون سيطرتهم على الشرق الليبي أعلنوا فيه قيام الجمهورية الليبية بقيادة المجلس الوطني الانتقالي، ثم انتفضت مدينة طرابلس وهي العاصمة الليبية وقد افلح شباب العاصمة بإسقاط العاصمة ونظام القذافي في تسع ساعات وكان ذلك بسبب رفض الكتيبة المسيطرة على طرابلس القتال ورغبتها في حقن الدماء. وبعدها في يومي 21 و22 أغسطس دخل الثوار إلى العاصمة طرابلس المحررة من شبابها بالاحتفال وقام جميع الثوار بالسيطرة على آخر معاقل القذافي وقتل الأخير في سرت بحلول يوم 20 أكتوبر. لكن بعد سقوط القذافي تحولت ليبيا إلى مرتع للميليشيات المسلحة والإرهابيين الذين حاولوا الاستئثار بالسلطة عبر ممارسات إرهابية مدعومة من أطراف خارجية.