أهم ما يميز المصور الفنان رومانى حافظ أن عدسته ناطقة ..تبوح بأسرار صورها..تجبرك على التأمل فى الصورة ومحاولة الحديث معها فصورته تنادى من يطالعها لأنها حية ترصد الأزمنة والأمكنة التى يعيش فيها البشر. لقد غمرتنى سعادة بالغة وأنا أتجول فى ردهات معرض صوره "ميمورابيليا " الذى أقامه فى جاليري بيكاسو فقد زينت إبداعاته جدران المعرض وبدت على الوجوه علامات الانبهار بهذا التألق الذى أجبرهم على " الوقوف " مع الصور واجترار الذكريات مع رومانى فكل صورة عاشها وسجلها بعدسته وأحاسيسه وحنينه لأماكن خشى أن تضيع دون أن يبقيها هو على قيد الحياة عبر وضعها فى ذاكرته الفنية . لقد تعمد رومانى أن يصور الأماكن التى زارها فى مصر وخارجها خالية من البشر تقريبا حتى يجبرك على تأمل الصورة ورسمها فى خيالك مرة أخرى بمحيطها الكامل الذى يحوى الحجر والبشر وباقى المخلوقات . إن اختيار رومانى عنوان "ميمورابيليا" لمعرضه يعكس فلسفته الخاصة للمعرض التي تتبع حالة الشغف بجمع الذكريات التى عاشها وصورها فى مدينة أسوان، وسيوة، ومنطقة النوبة، ودولة المجر. إننى من خلال تفقدى للمعرض أستطيع أن أصف رومانى بأنه "جامع للذكريات " و هى هواية لا يتقنها سوى مبدع أو فنان يختار "الذاكرة " التى تبقى حية ولا يمحوها الأحداث التى تمر عبر السنين المتعاقبة . لقد أخذنا روماني حافظ عبر صور المعرض في جولة بين أماكن جغرافية ومساحات افتراضية، وتضع طريقة العرض الكثير من الاحتمالات، لجعل الموضوع أكثر تعقيدا وإضافة المزيد من التشويق، فيظهر بعض أبطال الصور من الخلف في حال حركة أو تأهب، محاولين الهرب من إطار اللوحة أو من الصورة ككل، وإذا ظهر الشخص من الأمام فإن الصورة توضح أو تلقي الضوء على البطل وعلى تعبيرات وجهه لنظل في حيرة بحثا عن الحقيقة. إن الصور التى عرضها رومانى تكاد تكون خالية من الحياة لكنك عندما تتأملها تعيش حياة كاملة معها وتشعر أنك تريد أن تقتحمها حتى تستعيد الحنين والذكريات ..إن صور رومانى كما النداهة تناديك وتجذبك دون أن تجبرك على الاستجابة لها لكنك وبكامل حريتك تجرى وراءها كما المسحور. لقد كنت أتأمل وجوه رواد المعرض وهم يطالعون الصور وأكاد أجزم أنهم كانوا يتساءلون هل هذه الأماكن خالية من الناس؟ هل مأهولة بالسكان؟ هل كان فيها أشخاص تركوا فيها ذكرياتهم؟ هل فيها أشياء خاصة بأحد؟. إننى كلما طالعت صورة من صور المعرض ينتابنى نفس الشعور باللذة عندما يحرز محمد صلاح أى هدف فى شباك المنافسين ولولا حرجى لكنت قد أمسكت ميكروفون المعرض وتقمصت دور رءوف خليف وهللت بأعلى صوت ..شنو هذا يا رومانى .. سلطان المعارض الفنية ..نجم الصور الفوتوغرافية ..يا عينى ..خرافى يا رومانى .. لقد عشت ساعتين من المتعة البصرية والذهنية مع ابداعات رومانى حافظ التى تأتى ضمن مشروعه الفنى الذى يستهدف الربط بين الأزمنة و الأمكنة وأعتقد أن النجاح حليفه فى هذا المشوار الممتع الذى يحفزه على استخدام أسلحته الإبداعية وهى كثيرة وحاسمة وقادرة على قنص الهدف بكل سلاسة وتسجيله فى "خانة الذكريات ."