تتعرض المجارى المائية بمحافظة المنيا، لحملات ممنهجة لتدميرها وتلويثها، ورغم معاناة غالبيتها من قلة التطهير وضعف ضخ المياه بها، ما يعرض زراعات الفلاحين للهلاك، إلا أن الحملات الأخيرة لمرور المنيا كشفت عن ضبط عدد من سيارات الوحدات المحلية أثناء تصريفها مياه الصرف الصحي بالترع الفرعية التي يستخدمها المزارعون في الري. ثلاث وقائع ظهرت خلال الأسابيع الماضية، كشفت تورط العاملين بالوحدات المحلية بمراكز المنيا في تلوث تلك الترع الهامة، كان آخرها تمكنت إدارة مرور المنيا، من ضبط سيارة وجرار يفرغان حمولتهما من مخلفات الصرف الصحي بالطريق العام وبأحد الجزر، حيث تم ضبط جرار يقوم بتفريغ حمولته في جزيرة المنتصف أمام قرية الغرباوي بمركز ومدينة بني مزار، وضبط سيارة أخرى بدون لوحات تقوم بتفريغ حمولتها بجزيرة المنتصف التابعة لمركز ومدينة مغاغة. كما تم ضبط سيارة مخالفة بدون لوحات قامت بإلقاء مخلفات صرف صحي داخل ( مصرف ( المحيط ) بمركز سمالوط ، وتم التحفظ على السيارة المخالفة تطبيقاً للقانون بحيث لا يتسلم المخالف سيارته إلا بعد سداد الغرامة المالية. وقال العميد محمد رشاد مدير إدارة مرور المنيا إنه تم التحفظ علي السيارات المضبوطة تطبيقاً للقانون بحيث لا يتسلم المخالف سيارته إلا بعد سداد الغرامة المالية الموقعة عليه وقدرها 15 ألف جنيهاً وصدور قرار النيابة العامة والذي يقضى بتسلمه السيارة، مؤكداً انه في حالة عدم السداد يتم التحفظ على وسيلة النقل المخالفة لمدة ستة أشهر تبدأ من تاريخ تصرف النيابة العامة في المحضر المحرر ضد المركبة المخالفة أو لحين صدور حكم في التهمة المنسوبة للمخالف. في ذات السياق ينتشر بمراكز محافظة المنيا التسع عدد كبير من المصارف التي تخترق عشرات القرى، وقد تحولت في السنوات الأخيرة إلى مجاري مائية تملأها السموم بكافة أشكالها الصلبة والسائلة والغازية، ما يجعل حياة المواطنون للخطر، وأبرز تلك المصارف هو مصرف المحيط الذي يمتد بطول محافظة المنيا من الجنوب الى الشمال بالظهير الغربي، ويخترق قرية اطسا البلد بمركز سمالوط ليصب مياهه مباشرة في نهر النيل أمام كارثة عجز عن حلها مسؤلي ري المنيا، ودفعتهم منذ عامين تقريبا للاستعانة بخبير ألماني ويعد من المتخصصين في مشاكل المياه، لحل المشكلة والذي ما لبث وأن ذهب دون رجعه. وبحسب احصائيات إدارة صحة البيئة بالمنيا فان مصادر التلوث لمصرف المحيط تعددت ما بين محطة معالجة الصرف الصحي بالمنيا بناحية تله حيث يتم صرف 90.000 م3 يوميًا بداخله، وكذا محطة معالجة الصرف الصحي بأبوقرقاص والتي تصرف مخلفاتها على مصرف الداير البحري ومنه إلى مصرف المحيط باجمالي 10000 م3 يوميًا، ومصنع السكر بأبوقرقاص والذي يصرف مخلفاته على مصرف اتليدم ومنه إلى مصرفالمحيط بمخلفات تقترب من 5000 م3 يوميًا. حيث أكد الكثيرون من سكان القرى التي يمر بها المصرف، خاصة أهالي قرية اطسا التي يقطنها أكثر من 20 الف مواطن أن المصرف شديد الخطورة، ومياهه ملوثه بشكل كبير، إلا أن عشرات الفلاحين يقومون بالري منه خلال فترات ضعف مياه الري، و أن صرفه المباشر بنهر النيل يعد كارثة بيئية كبيرة يجب سرعة معالجتها ، بالاضافة إلى الروائح الكريهه التي تنبعث منه نتيجة تكون كميات كبيرة من المخلفات القادمة من المصانع، والتي تتسبب في هجر الكثيرين لمنازلهم الملاصقة للمصرف، بعد اصابة الكثيرين منهم بالأمراض الرئوية والصدرية. كما يعاني مصرف قرى البرجاية ودماريس وصفط اللبن بمركز المنيا، من الاهمال الكبير ، إذ تحول إلى ملتقى للقاذورات من كافة الجهات وقيام البعض بالقاء الحيوانات النافقه به، ما أدى الى ركود مياه الصرف به. ووجه " حسن عبد الله " موظف، وأحد أبناء قرية صفط اللبن الاتهام لمسؤلي المحليات بالتواطوء في تطهير تلك المصارف، مؤكدا أن كثير من سيارات الكسح تأتي ليلا لسكب مياهها الملوثه بالمصرف، ما يزيد من صعوبة الموقف واحتباس المخلفات المختلفه به ، ويزيد من معاناة المواطنين، مطالبا بردم المصرف بدلا من تحوله لمقلب كبير من السموم والقمامة، أو تنفيذ مشروع الصرف المغطى التي وعدتهم به المحليات منذ سنوات عديدة ولم ترى النور حتى الآن. و إلى كارثة أخرى تشهدها قرية تلة التابعة لمركز المنيا، يقوم مزارعو ما يقرب من 60 فدانا بري أراضيهم بمياه الصرف الصحي، وقد اعترفوا بالواقعة خلال شكواهم إلى مديرية الري والمحافظ، لانقاذ أراضيهم والمحاصيل من الهلاك لصعوبة وصول مياه الري القادمة إليهم من ترعة الجنابية، إلا أن المسؤولين تعاملوا مهم بمبدأ " ودن من طين وأخرى من عجين" . يقول علي سلامة، أحد المزارعين المتضررين ، بدأت المشكلة بدأت منذ 8 سنوات تقريبا، حيث اعتاد المزارعون ري أراضيهم بمياه ترعة الجنابية والتي تشق أرضهم الزراعية منذ سنوات طويلة قادمة من الجنوب متجهه شمالًا ، ولكن بسبب أعمال الحفر من قبل الفنيين خلال تركيب بعض مواسير المياه والصرف بذمام القرية، أصبح منسوب المياه أقل من مستوى الماسورة الرئيسية التي تنقل المياه من الترعة إلى أرضهم، ما تسبب في عدم وصولها إليهم ، وامتلاء الماسورة بالقمامة والقاذورات وخلوها من المياه تماما. أضاف سلامة، أن عدد كبير من المزارعين قد تقدموا بالعديد من الشكاوى إلى المسؤولين بمديرية الري على مر الشهور والسنين الماضية لحل المشكلة التي يسهل التخلص منها سريعًا ، مؤكدا أن كافة الشكاوى لم ينظر فيها على الاطلاق، ما دفع المزارعين إلى استخدام المياه المتجمعه بمصرف المحيط الذي يشتهر بمياهه الملوثة نتيجة لإحتوائها على مخلفات كافة المصانع القادمة من جنوب المحافظة، وإلقاء كافة القرى الحيوانات النافقة به. كما أكد حسين فتح الله، أحد المزارعين الذين يعانون من نفس المشكلة أنهم يستخدمون مياه الصرف الصحي بذلك المصرف وهم يعلمون تماما أنهم مثل الذي يتذوق السم وسيجنون النتيجة في النهاية بموت وتلف الكثير من المحاصيل، بالاضافة إلى سوء حالة التربة على مر السنوات القليلة الماضية واصابتها بالأمراض بسبب تلوث تلك المياه، مؤكدا أن جميعهم من البسطاء وكل منهم لديه مساحات صغيرة في تلك الأراضي، وتوقفهم عن الزراعة لعدة مواسم لا يعني إلا موتهم جوعا، وأنهم أخطروا المسؤولين بالكارثتين سواء عدم وجود مياه لهم، أو ريهم بمياه الصرف، إلا أن التجاهل كان هو الرد المعتاد. من جانبه أرجع المهندس رمضان جلال وكيل وزارة الري بالمنيا، الاهمال في غالبية المصارف والترع الى المواطنين وقيامهم بالقاء الخلفات والقمامة به، مؤكدا أن اللوادر ومسؤلي الري بكافة المراكز حريصين على أعمال التنظيف أولا بأول . وكان عصام البديوى, محافظ المنيا قد قرر فرض غرامة قدرها 15 ألف جنيهاً تورد لصالح حساب الخدمات والتنمية المحلية بالمحافظة على كافة السيارات أو وسائل النقل من أي نوع تقوم بإلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات أو المحال أو المنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف وغيرها بجوانب الطرق وفى مجارى المياه على كامل أطوالها ومسطحاتها، مع صرف مكافأة مالية لمن قام أو اشترك في عملية ضبط وسائل النقل المخالفة بحيث لا تتجاوز 20% من قيمة المخالفة سواء سددها مرتكب المخالفة أو لم يسددها.