أكد الكاتب دانيال ديبتريس، في مقال له بمجلة ناشونال إنترست، أن عشرات من العاملين في السلك الديبلوماسي الأمريكي يعتقدون بأن السياسة الأمريكية حيال الوضع في سوريا فاشلة وتعاني تخبطاً. ونتيجة استيائهم الشديد، وجه 51 دبلوماسياً رسالة إلى البيت الأبيض عبروا فيها عن رأيهم بتلك السياسة، مشيرين إلى أن تغيير النظام يعد السبيل الوحيد لوقف الحرب الأهلية، وأنه الخيار الوحيد أمام واشنطن وحلفائها من أجل إنقاذ حياة آلاف من السوريين الذي سيموتون حتماً خلال الأسابيع والأشهر المقبلة تببراميل متفجرة، وهجمات بواسطة صواريخ وقذائف، أو نتيجة حصار وتجويع يفرضه نظام بشار الأسد. وأضاف أن الديبلوماسيين طالبوا بتوجيه ضربات عسكرية أمريكية رداً على خروقات النظام لاتفاق "وقف العمليات العدائية"، ما سيؤدي إلى رفع كلفة الحرب بالنسبة للنظام، وتعزيز فرص فرض هدنة فعلية، ولتمهيد الطريق نحو عملية ديبلوماسية أكثر جدية، بقيادة أمريكية. ورأى الديبلوماسيون وجوب تجديد العمل بالهدنة في سوريا، على أساس أنها ستساعد في إنضاج العملية السياسية، وتشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة قادرة على البدء في إعادة بناء سوريا والمجتمع السوري، بمساعدة كبيرة من المجتمع الدولي. وبري ديبتريس، إن انتقاد عدد كبير من العاملين في الخارجية الأمريكية لسياسة الإدارة في سوريا، يعتبر بمثابة تحذير موجه للبيت الأبيض. فقد تقدم ديبلوماسيون، مثل السفير الأمريكي السابق في سوريا، روبرت فورد، والمبعوث الخاص لسوريا فريد هوف، برجاء للإدارة من أجل تغيير مسارها لوقف فظائع الأسد اليومية ضد أبناء الشعب السوري. وقال هؤلاء إن الروس لا يحترمون اتفاق وقف العمليات العدائية، الذي ساهموا في صياغته. كما لا يتزحزحون عن إصرارهم على أن الشعب السوري هو الذي يقرر بقاء الأسد من عدمه ضمن حكومة انتقالية مقبلة. وبحسب الكاتب، يصعب حتى على أشد الموالين للبيت الأبيض، الدفاع عن خيارات الإدارة الحالية. وحتى الرئيس أوباما نفسه اعترف بأن واشنطن أساءت تقييم قوة وقدرة نظام الأسد، واستعداد حلفائه للدفاع عنه بواسطة قوات برية ودعم مالي وعسكري وضربات جوية. ويطالب الديبلوماسيون الموقعون على الرسالة الرئيس الأمريكي بالسماح باستخدام القوة الجوية ضد منشآت كبرى تابعة للأسد، لسبب وحيد، وهو إعطاء عملية جنيف الديبلوماسية مصداقية أكبر، ولإخضاعها لنقاش جاد داخل مجلس الأمن الدولي. وبري ديبتريس، لا يحتاج الأمر إلا لأيام لكي يتبين ما إذا كانت النصائح الواردة ضمن الرسالة سوف تلفت انتباه البيت الأبيض. فقد تصرف الرئيس أوباما كرجل طوارئ يفرمل آخرين في إدارته ممن دعوا لتنفيذ عمل عسكري ضد الجيش السوري. وليس من المتوقع أن يعدل أوباما موقفه بمعدل 180 درجة، وبما يعني الاعتراف بفشل السياسة الحالية، وخاصة لكونه سيغادر البيت الأبيض بعد سبعة أشهر، ويسلم السلطة إما لهيلاري كلينتون وإما لدونالد ترامب. ولكن، يقول الكاتب، لا يتطلب الأمر اتخاذ سياسة جديدة، وإنما التفكير بحكمة وبعيون مفتوحة، وأنه حان الوقت للاعتراف بما بات واضحاً للجميع، والعمل على أساسه. فما زالت روسيا تضع جميع المجموعات المعارضة ضمن" قائمة المتطرفين الإسلاميين". ورغم عدة رجاءات تقدمت بها واشنطن، قصفت طائرات روسية في مناسبات عدة مواقع خاصة بمجموعات دربتها وسلحتها ومولتها سي آي أي، ووزارة الدفاع الأمريكية. ويعتقد ديبيترس أن الأشهر العشرة الأخيرة ربما علمت الحكومة الأمريكية أن روسيا لا تسعى إلى تحقيق سلام عادل في سوريا وفق بيانات المجموعة الدولية لدعم سوريا، وإنما هي عوضاً عن ذلك، تسعى إلى سلام يتناسب مع مصالحها على حساب الشعب السوري، والحلفاء العرب السنة الأضعف المتواجدين على الأرض، والمستفيد الأكبر هو نظام الأسد وروسيا. ويلفت الكاتب إلى اعتقاد الأسد أنه يكسب المعركة، بحسب ما قاله في خطابه، في الأسبوع الماضي، أمام مجلس الشعب الجديد. فقد صرح بأنه لن يتنازل عن سلطته لنفس قوى المعارضة، باعتبارهم إرهابيين بنظره، ولا للمتآمرين من الخارج. ويرى الكاتب أن قصفاً روسياً متواصلاً منذ عشرة أشهر، منح الأسد ثقة متجددة بمواصلة تفوقه على الأرض. وطالما لم تتعامل موسكو بجدية مع المجموعة الدولية لدعم سوريا، لن يجد حليفهم السوري أي مبرر للتفاوض، وخصوصاً أنه في موقف أقوى منذ الصيف الماضي. لقد أحدثت رسالة الديبلوماسيين ال 51 ضجة في واشنطن، لكنها فتحت أيضاً باب نقاش يؤمل أن يشارك فيه البيت الأبيض.