بانيتا: توقعنا الثورة المصرية لكن ليس بهذه السرعة..وتخوفت من إندلاع أزمة بين القاهرة وتل أبيب بعد أحداث السفارة الإسرائيلية كوندليزا رايس: مبارك أضاع على المصريين فرصة انتخابات ديمقراطية في عام 2005 روبرت جيتس: حذرت أوباما من حكم الإخوان.. والإدارة الأمريكية انقسمت حول رد الفعل حيال مبارك خوفا من خسارة حلفائها كلينتون: الإخوان كانوا أكثر تنظيما واستعدادا لخلافة مبارك.. وطنطاوي ضابط ملتزم حريص على قوميته دائما كانت مصر محور اهتمام البيت الأبيض باعتبارها الدولة الأكبر في المنطقة وانها ذات تأثير كبير في التاريخ ،ولذلك كان لها جزءا هاما في مذكرات كل من عملوا داخل أروقة البيت الأبيض لاسيما في الفترة التي شهدث ثورة يناير والتي تلتها حيث كانت هذه الأحداث إيذانا بعهد جديد للعالم أجمع وليس المنطقة فحسب . وقد اهتم كل من ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي السابق في كتابه "حروب جديرة بخوضها" وكذلك كوندليزا رايتس في مذكراتها "أعلى مراتب الشرف" وكذلك روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي الأسبق في كتابه "الواجب", وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة في مذكراتها "خيارات صعبة" بتأريخ تلك الفترة من تاريخ مصر وكيف كانت ردود أفعال الإدارة الأمريكية حيالها. فى "حروب جديرة بخوضها" ليون بانيتا: أحداث كنيسة القديسين كانت البداية الحقيقية للثورة فى القاهرة كنت دائم القلق من "مبارك" ولا أثق فى كلامه حول كونه الحليف الاستراتيجى.. لكن رفضت التخلى عنه فى أحداث يناير اختار وزير الدفاع الأمريكي السابق والذي كان مديرا للمخابرات المركزية الأمريكية فى الفترة التى اندلعت فيها ثورة يناير، اسم "حروب جديرة بخوضها" لمذكراته التي نشرها بعد أن ترك منصبه كعادة الكثير من المسئولين الأمريكيين وتحدث "بانيتا" خلالها عن أسرار كثيرة حدثت خلال خدمته سواء بالمخابرات أو كوزير للدفاع الأمر الذي أتاح له الإطلاع على كثير من الأسرار مما أضفى على كتابه المزيد من الأهمية وكان الكثيرون قد ألقوا باللوم على المخابرات الأمريكية لأنها لم تتوقع اندلاع ثورة يناير مما يكشف ضعفها إلا أنه لم يعلق على هذا الأمر كثيرا واكتفى بالقول إنه "قام بعمله" ، حيث حذر من الضغوط التى يمكن أن تؤدى لثورة فى مصر، لكنه لم يتوقع السرعة التى حدثت بها. اهتم بانيتا كثيرا بالأحداث التي سبقت الثورة حيث أكد في مذكراته أن بداية الثورة الحقيقية فى مصر كانت مع انفجار كنيسة القديسين، الذى أشعل التوترات الطائفية بين المسلمين والأقباط, قائلا إنه فى يناير 2011، حدث انفجار كنيسة القديسين القبطية فى مصر، وأدى هذا التفجير إلى مصرع ما يقرب من 20 شخصاً، وإنطلاق اضطرابات ودخول المسلمين والمسيحيين فى حالة من الصراع حسب وصفه. ولم ينس أن يشير إلى موقف مبارك من الحادث حيث ذكر أنه تعهد بقطع يد الإرهابيين وانحدرت مصر إلى حالة من العنف السياسى والطائفى، ولم يمر وقت طويل بعدها قبل أن يندفع المحتجون إلى شوارع ليبيا ، وبدا أن الربيع العربى فى طريقه إلى النور. ووصف "بانيتا" ثورات الربيع العربى، كما عرفت فيما بعد، بأنها اضطرابات امتدت لجزء كبير من العالم العربى منذ نهايات عام 2010،وعلق على هذا الأمر بقوله إن هذه الثورات كانت بشكل ما تمثل نجاحا للمخابرات الأمريكية، وتعبر عن فشلها من زاوية أخرى فى نفس الوقت. فلسنوات طويلة، ظل المحللون فى المخابرات المركزية الأمريكية يحذرون من تراكم الضغوط التى يمكن أن تؤدى لانفجار فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة مع ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، وزيادة الفوارق فى مستويات الدخل والمعيشة، وتزايد حدة الغليان الشعبى بسبب انتشار الفساد. وكانت تلك هى الأسباب الكامنة التى أدت لانفجار ثورات الربيع العربى وفقا لرأي وزير الدفاع السابق , واستكمل بانيتا: بأن المخابرات المركزية، أجادت أداء عملها القائم على أن تقدم لصناع القرار رؤيتها وتحليلاتها الخاصة لما يجرى فى العالم، وصنفت هذه الأسباب على أنها مصادر محتملة للضغط قبل لحظة انفجاره بوقت طويل إلا أنه اعترف بالفشل حيث قال: "لكن فى الوقت نفسه، لم نتوقع فى المخابرات الأمريكية، تلك الوتيرة التى تسارعت بها الأحداث فى المنطقة. ففى 14 يناير 2011، بعد أقل من شهر من إشعال التونسى محمد البوعزيزى للنار فى نفسه، أنهى الرئيس زين العابدين بن على حكمه الطويل الذى استمر لأكثر من 20 عاما فى تونس، وطار هاربا إلى المملكة العربية السعودية،و كان هذا هو أول نجاح لثورات الربيع العربى، الذى قام بعد ذلك بتغذية مزيد من الحراك عبر المنطقة كلها، إلى الحد الذى كانت المخابرات الأمريكية تجاهد للحاق به. ولم يفوت بانيتا الفرصة للتعليق على الرئيس الأسبق حسنى مبارك وأدائه خلال فترة عمله وتوضيح انطباعاته عنه خلال لقاءاته به حيث كتب في مذكراته " أذكر أن أولى جولاتى كمدير للمخابرات المركزية الأمريكية كانت تتضمن التوقف فى مصر كمحطة، حيث التقيت بالرئيس المصرى حسنى مبارك عام 2009، وكنت قد التقيت به من قبل خلال فترة رئاسة بيل كلينتون، حيث كان «مبارك» حاضراً فى البيت الأبيض لحضور مفاوضات السلام النهائية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول الضفة الغربية، وطلب منى كلينتون أن أجلس مع مبارك فى الوقت الذى ذهب فيه هو للتواصل مع ياسر عرفات زعيم السلطة الفلسطينية الراحل، ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق رابين" ووجد "بانيتا" أن "مبارك "كان يبدو حازما وجادا , وأكد له أنه أصبح الآن حليف الولاياتالمتحدة الرئيسى فى المنطقة، وأنه فى أفضل وضع حالياً يمكنه من الحفاظ على السلام. وكان يرى أن حكومته مستقرة، وأن علاقته ثابتة وراسخة مع إسرائيل، كما أنه يتمتع بمصداقية بين القادة العرب فى نفس الوقت, إلا ان وزير الدفاع الأمريكي السابق لم يصدق مبارك حيث استطرد قائلا " لم أجادله فى أى مما قال، على الرغم من أننى كنت الاحظ بعض الدلائل التى تثير القلق بالنسبة لى" وأضاف بانيتا " كانت أهم هذه الدلائل أو الإشارات التى تثير القلق، أنه كانت هناك كتائب من قوات الأمن تقوم على حراسة مبارك، وكان يتم إخلاء الطرق المحيطة بمقر حكمه لمسافات كبيرة، كأنها تشير إلى المسافة والفجوة المتباعدة التى صارت تفصل بين الرئيس المصرى وشعبه فى ذلك الوقت" ولم ينكر "بانيتا" أن أحداث تونس أججت الشعور بالغضب لدى المصريين حيث قال " لقد كان اشتعال الأحداث وتطوراتها فى تونس، نهاية 2010، سبباً فى إذكاء جذوة غضب شعوب غير راضية على امتداد المنطقة كلها. وبدا فى تلك اللحظة أن ثقة مبارك فى نفسه كانت فى غير محلها. لقد قلب قرار بن على بالفرار من تونس كل الحسابات الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط ككل، وليس بدولته وحدها. لقد تسربت احتمالية الإصلاح إلى المحتجين والمعارضين فى الدول الأخرى، وحتى إمكانية التغيير الفعلى للنظام القائم. وكان هذا إيذانا بأن تصبح هذه الإمكانية التى كانت يوما ما احتمالا تستبعده تحليلات المخابرات المركزية الخاصة بالمنطقة، إلى محور تتحرك من حوله الأحداث فيها" وكشف بانيتا عن سبب فشل المخابرات الأمريكية في توقع الثورة حيث أضاف" كان الملاحظ فى هذه الفترة أن معلوماتنا عن هذه الأحداث، وتحديدا تلك المعلومات الخاصة بجماعات المتظاهرين، كانت تزداد تدهورا وانكماشا مع تزايد حدة اندفاع تلك المظاهرات إلى الشوارع و كان ذلك يرجع فى الأساس إلى أننا كنا نعتمد فى حالات كثيرة على أجهزة مخابرات الدولة لفهم ما يحدث فيها، ومن هم اللاعبون على ساحتها الداخلية. بالتالى كان الربيع العربى يتمدد سريعا بينما تنكمش مساحة معلوماتنا عنه بسرعة مماثلة". وذكر الثورة المصرية بالتحديد قائلا: "فى 25 يناير 2011، اندفعت موجة من الاحتجاجات المنظمة حشدت آلاف المصريين فى الشوارع ودخل المتظاهرون فى مواجهات عنيفة مع الشرطة والجيش , لم يرضَ هؤلاء المتظاهرون بمجرد الإصلاح، وأصبحوا يطالبون بتخلى مبارك عن السلطة" واللافت هنا أن بانيتا ذكر أن المتظاهرين المصريين دخلوا في مواجهات مع الجيش بينما أعلنت المؤسسة العسكرية من اللحظة الأولى انحيازها للشعب. وحاول بانيتا شرح موقف واشنطن من مبارك وكيف تخلت عنه وهو حليفها لعقود من الزمن حيث قال" كان هذا يضع الولاياتالمتحدة فى موقف دقيق: لقد كان مبارك حليفا عتيدا وقديما لنا، وتركه يسقط لم يكن يعنى فقط أننا ندير ظهورنا لعشرات السنين من التعاون والتنسيق، ولكنه كان يرسل إشارة لباقى الأنظمة فى الشرق الأوسط بأننا نتخلى عنهم ونتركهم للمعارضين لهم " وأضاف: "كان السؤال الأخطر الذى كنا نواجهه فى تلك الفترة، السؤال الذى كان قائماً طيلة الوقت هو: ماذا بعد؟ من الذى سيأتى بعد مبارك؟ لكن الثقة فى أن من سيأتى بعده سيكون أفضل منه قصة أخرى. فى الوقت نفسه، كان مبارك قائدا عنيفا بشكل ما، بينما كان المعارضون لحكومته يملكون أساسا أخلاقيا لاحتجاجهم، ومن المؤكد أنهم كانوا يشعرون بأن لهم الحق فى الحصول على دعم وتفهم الولاياتالمتحدة التى ولدت هى نفسها من خضم احتجاجات مماثلة، من الناحية التاريخية على الأقل" وكشف بانيتا عن اتصالات جرت بين مبارك والبيت الأبيض خلال الثورة حيث قال "حاولنا أن نجد وسيلة ما لكى يتخلى مبارك عن السلطة دون جر مصر إلى الفوضى، فسعينا للتواصل معه من خلال وسطاء، وطلب البيت الأبيض من نائبى مايك موريل أن يتواصل من خلال القنوات الاستخباراتية مع مدير المخابرات المصرية وقتها اللواء عمر سليمان، لكى ينقل له رسالة محددة: بأن محاولات مبارك للتمسك بالسلطة تجعله يدمر نفسه بنفسه" وزعم بانيتا أن بلاده كانت حريصة على مصلحة مصر حيث أضاف " اقترحنا على اللواء عمر سليمان وقتها بعض الحلول والنقاط التى يمكن أن تساعد مبارك على أن يتنازل عن السلطة من دون أن يكون مضطرا لمغادرة البلاد، ووافق اللواء سليمان على نقل هذه المقترحات لمبارك. وعندما أعلن الرئيس المصرى الأسبق عن نيته توجيه خطاب للأمة فى 28 يناير 2011، شعرنا بالتفاؤل، وظننا أن رسالتنا قد وصلت إليه" كما كشف بانيتا أن البيت الأبيض أعد غرفة عمليات خاصة لمتابعة الوضع في مصر حيث ذكر أنه "فى مساء 28 يناير، انضممت إلى زملائى فى غرفة متابعة الموقف فى البيت الأبيض. وجلسنا جميعا نستمع إلى مبارك يدلى بخطابه الذى طال انتظاره لشعبه، كنا فى واشنطن نترقب بشدة أن يعلن عن نيته للتنحى وتسليم السلطة لمن سيأتى بعده. لكنه لم يفعل، واكتفى باللجوء لأنصاف الحلول، على غرار إقالة الحكومة، والاستمرار فى السلطة مع الإعلان عن أنه لم يكن ينتوى الترشح لفترة رئاسية جديدة. وهكذا، خيم الصمت على غرفة متابعة الموقف فى البيت الأبيض. فحتى من على بعد آلاف الأميال، كان من الواضح أن هذه القرارات لن تنجح فى تهدئة المتظاهرين" وذكر بانيتا أن واشنطن لم تكن راضية عن تمسك مبارك بالسلطة حيث قال "فى اليوم التالى، عين مبارك عمر سليمان نائبا له، بما يشير إلى عملية انتقال للسلطة. لكن، مرة أخرى، كان ذلك أقل مما ينبغى عمله فى تلك اللحظة التى تأخرت كثيراً. ومع حلول شهر فبراير، أخذ الرئيس الأمريكى باراك أوباما بحسم جانب المتظاهرين، ويوم 11 فبراير 2011، أعلن نائب الرئيس عمر سليمان عن تخلى مبارك عن السلطة. لقد احتاج الأمر ستة أسابيع من الاحتجاجات لكى يسقط واحد من أكثر أنظمة الشرق الأوسط صلابة واستقراراً" وانتقل بانيتا فى مذكراته للحديث عن مرحلة أخرى من عمله فى إدارة أوباما، هذه المرة كوزير للدفاع بداية من أبريل 2011، خلال الفترة الانتقالية لحكم المجلس العسكرى ما بين تنحى مبارك وتولى الإخوان الحكم. ولم يتوقف فى مذكراته عن تلك المرحلة إلا عند أحداث السفارة الإسرائيلية، عندما قامت مجموعة من المتظاهرين بحصار واقتحام السفارة الإسرائيلية فى القاهرة،حيث يحكى عن الاتصال الذى تلقاه بصفته وزيرا للدفاع الأمريكى من نظيره الإسرائيلى إيهود باراك، يطالبه فيه بالتدخل لدى مصر لحل الأزمة، خاصة أنه يكشف عن معلومة لم يعرفها كثيرون وقتها، وهى وجود ستة إسرائيليين محتجزين فى السفارة خلال حصارها، الأمر الذى كان يعنى حدوث أزمة عنيفة بين مصر وإسرائيل لو كانت الأوضاع قد خرجت أكثر عن السيطرة. وعبر بانيتا عن صدمته من هذا الحادث قائلا: "استغرقت لحظات حتى أستوعب ما كان يخبرنى به. كنت قد نسيت أن إسرائيل تحتفظ بسفارة صغيرة مؤمنة جيدافى القاهرة كتجسيد ظاهر لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية. ذكرتنى مكالمة «باراك» بهذه الحقيقة، لكن لم أكن واثقا ما الذى يمكننى عمله. سألته: ماذا تريد منى أن أفعل؟ ورد باراك بحدة: أريد منك أن تتصل بطنطاوى وأن تطلب منه أن يرسل قواته الأمنية إلى الساحة، وأن يطلق سراح رجالنا" وأضاف بانيتا: "إن خطورة الموقف لم تكن تكمن فقط فيما يمكن أن يكون عليه مصير موظفى السفارة الإسرائيلية المحتجزين فى القاهرة، كانت العاصمة الليبية طرابلس قد سقطت من قبلها بشهر. وبدأت الاضطرابات والتوترات تجد طريقها إلى سوريا. وحتى صديقى الملك عبدالله، ملك الأردن، وجد نفسه يقف على أرضية غير ثابتة. أما شركاؤنا فى الخليج، السعودية والإماراتوالبحرين وغيرها، فكانوا يشعرون بالقلق من خططنا حول خفض الإنفاق العسكرى، ولا يطيقون صبرا لدفعنا لمواجهة إيران بشكل أكثر حسما ، ووسط كل هذه الضغوط، كان من الممكن أن يؤدى اندلاع أزمة عنيفة بين مصر وإسرائيل إلى حدوث تداعيات عنيفة بالنسبة للشرق الأوسط ككل " وذكر بانيتا أنه حاول الاتصال بطنطاوي "لكن، كان الرد الأول الذى تلقيناه من مكتب طنطاوى فى القاهرة هو أنه غير متاح. فقط، بلا تقديم أى معلومات إضافية. وعلى مدى الساعة التالية، ظللنا نحاول الاتصال به، وظلت الإجابة فى كل مرة أنه غير متاح" وأضاف " تزايد قلقى، ولا أخفى أننى كنت أشعر بما هو أكثر من الغضب، وتساءلت بصوت مسموع عن السبب الذى يمكن أن يجعل وزير الدفاع المصرى لا يرد على اتصالاتنا الهاتفية. وكان رد جون كيلى، أحد المساعدين لى، أنه «لن يرد عليك حتى يصبح الموقف هناك تحت السيطرة. إنه يحاول الآن أن يحكم قبضته على ما يجرى. دعنا نواصل محاولة الاتصال به حتى يدرك مدى أهمية وإلحاح المسألة". كما كشف بانيتا أن طنطاوي لم يرد أيضا على أوباما حيث قال "دخلت مساعدتى للشئون السياسية بايلى هيلى لتخبرنى أن البيت الأبيض على الخط. كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قد اتصل بباراك أوباما، يطالبه أيضا بالتدخل للمساعدة. وحاول الرئيس الأمريكي بدوره الاتصال بطنطاوى لكن دون أن يرد عليه. وحرص طاقم الرئيس على أن يوضح أن الولاياتالمتحدة تنتظر من طنطاوى رد الاتصال على الفور وواصلنا الاتصال به للتأكيد على هذه النقطة" وذكر بانيتا تفاصيل الاتصال الهاتفي الذي انتظره كثيرا من نظيره المصري حيث قال "وأخيرا رد طنطاوى على اتصالاتنا. أمسكت بالهاتف ولم أضيع الوقت فى "اللف والدوران". قلت له: سيادة المشير، هناك الآن أزمة فى شوارع بلدك. إن السفارة الإسرائيلية تتعرض لهجوم. وهناك ستة أشخاص أبرياء هناك. أنا بحاجة لتأكيد وضمانة شخصية منك بأنك ستفعل كل ما فى وسعك لإخراجهم من هناك أحياء" وتعمد بانيتا أن يشرح حتى رد فعله وانطباعه على رد فعل طنطاوي حيث قال " الواقع أننى لم أكن قد تحدثت إلى الرجل من قبل، لكن كنت أبدو وكأننى أوجه إليه الأوامر باسم أمريكا. لم تكن هذه هى الطريقة التى أفضلها لإدارة وسير الأمور، لكن لم أكن أملك خيارا آخر" وأضاف " لكن الواقع، أن هدوء طنطاوى كان يفوق حدتى، بادرنى وزير الدفاع المصرى بالقول، كأنه لم يسمع كلمة واحدة مما قلت: سيادة الوزير إنه لشرف كبير لى أن أتحدث إليك. إننى أتطلع لمقابلتك ولقائك فى مصر، إن بلدنا العظيم، وبلدكم العظيم يحافظان على علاقة شديدة التميز بينهما" واستكمل بانيتا "كانت حدة غضبى تتزايد وهو يواصل الكلام متجنبا الخوض فى سبب مناقشتنا من الأساس. لقد كنت أحتاج وأنتظر منه ضمانات وتأكيدات بأن الموقف تحت السيطرة، ولم أكن أنتظر منه دعوة لزيارة القاهرة. وأخيرا، وصل إلى الموضوع، وقال لى إن قواته الأمنية موجودة الآن على الساحة، وإنه من الممكن إنقاذ الإسرائيليين" «وفى مساء ذلك اليوم، شقت قوات الأمن المصرية طريقها إلى داخل مبنى السفارة الإسرائيلية، وأحبطت الهجوم عليها. وأوقفت المهاجمين، وقامت بإطلاق سراح الإسرائيليين. وهكذا، بمجرد أن انتهت تلك الأزمة، قبلت دعوة طنطاوى التى وجهها إلىَّ فى هذا اليوم، وقمت بزيارته فى مصر. وصرنا نعمل معا عن قرب منذ تلك اللحظة" والغريب أن وزير الدفاع الأمريكي السابق لم يذكر أي تفاصيل أخرى عن الفترة التالية والتي شهدت زيارته لمصر وكذلك تصدر الإخوان للمشهد السياسي المصري وانطباعه عن هذا الأمر قال لها: أعرف شعبي جيدا.. المصريون يحتاجون إلي يد قوية كوندليزا رايس : مبارك رفض نصيحتى بالتخلى عن السلطة فى عام 2005 أكدت أن أحمد أبو الغيط أبلغها أن الرئيس مبارك يعتبرها مثل ابنته.. وأنها حاولت إنقاذ عرشه لكن دون جدوى حظيت مذكرات كوندليزا رايس التي عملت كوزيرة للخارجية الأمريكية خلال الأربع سنوات الأخيرة من حكم جورج بوش الابن كما كانت مستشارته السياسية لأربع سنوات سابقة عن ذلك ،باهتمام بالغ حيث شهدث هذه الفترة أحداثا هامة في الشرق الأوسط أهمها الغزو الأمريكي للعراق مما ترتب عليه مجموعة كبيرة من اللقاءات بينها وبين زعماء العالم مما جعل من مذكراتها كنزا تاريخيا حقيقيا. وذكرت رايس العديد من الزعماء العرب خلال مذكراتها التى حملت عنوان "أعلى مراتب الشرف..مذكراتي عن سنوات بواشنطن" , الأسرار السياسية الخاصة بعلاقتها بالرئيس الأسبق حسني مبارك وأكدت أنه أضاع فرصة تاريخية لمنح ديمقراطية حقيقية للشعب المصري من خلال انتخابات نزيهة في عام 2005. وقالت رايس فى مذكراتها: "زرت مبارك في منتجع شرم الشيخ في يونيو 2005, وبعد أن تحدثت معه في حضور المسئولين المصريين طلبت منه أن نتحدثا علي انفراد تام, وهو ما استجاب له مبارك, وأمر بخروج جميع معاونيه من الغرفة" وأضافت رايس أنها "أرادت بتلك الخطوة تجنب إحراج الرئيس العجوز أمام رجاله, حيث أرادت أن تنصحه بإجراء انتخابات حرة ونزيهة, بعد أن أعلن إجراء أول انتخابات رئاسية في سبتمبر من العام نفسه, دون ضمانات حقيقية لسلامة العملية الانتخابية" وتابعت قائلة :" تحدثت تلك المرة بصوت مرتفع ليسمعها مبارك, الذي كان يرتدي سماعة خاصة لمساعدته علي السمع, وقلت له "سيادة الرئيس أمامك فرصة تاريخية لتمنح شعبك الديمقراطية", فكان رد مبارك "أعرف شعبي جيدا, المصريون يحتاجون إلي يد قوية, وهم لا يقبلون التدخل الخارجي في شئونهم" ووصفت رايس رد فعل مبارك بأنه كان يشبه فرعون. كما تشير كوندوليزا في كتابها إلي العلاقة الطيبة, التي ربطتها بوزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط, وقالت إنه في إحدي المرات, التي تلت حوارها المنفرد, ونصيحتها لمبارك بإجراء انتخابات حرة, قال لها أبو الغيط "الرئيس يعتبرك مثل ابنته". أكد أن البيت الأبيض قرر التخلى عن "الحليف العجوز" منذ الوهلة الأولى روبرت جيتس: حذرت أوباما من تحول مصر إلى "إيران سنية" فى حال تولى الإخوان الحكم أوباما اتصل بمبارك وقال له: "إن الإصلاح والتغيير ينبغى لهما أن يبدأ الآن" دائما ما تتخذ المذكرات نفس أهمية صاحبها ولذلك حققت مذكرات روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي الأسبق أعلى المبيعات في أمريكا حيث كشف عن الكثير من الأسرار التي أوضحت ماهية العلاقات بين واشنطن والعديد من دول العالم. واهتم جيتس بإفراد جزء هام من مذكراته التي حملت عنوان "الواجب" ونشرها في عام 2014 عن مصر وتحديدا الثورة المصرية وتداعياتها ،واللافت أنه حاول إظهار نفسه وكأنه المسئول الأمريكي الوحيد الذي حذر من خطورة وصول الإخوان المسلمين للحكم على الرغم من أن إدارة أوباما دعمت هذا الأمر بشكل كبير. وعن تعامل الإدارة الأمريكية مع القاهرة عندما نزل الناس للشوارع فى 25 يناير قال جيتس ":كانت خطوط الاتصال بين واشنطن وعواصم الدول العربية فى الشرق الأوسط تكاد تشتعل فى تلك الفترة. قبلها بأسبوع كانت هناك مظاهرات فى عمان واليمن والأردن والسعودية، وكنت أنا، وجو بايدن نائب الرئيس أوباما، وهيلارى كلينتون وزيرة الخارجية، على اتصال دائم مع نظرائنا فى دول الشرق الأوسط لبحث الأوضاع فى مصر والمنطقة". وذكر جيتس عدد من الاتصالات التي أجراها حيث قال " تحدثت مع ولى عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وولى عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد الذى كانت آراؤه وأحكامه تحظى بدرجة عالية من احترامى وتقديرى. قال لى بن زايد إنه يشعر أنه يتلقى رسائل مختلطة من الولاياتالمتحدة، وأن ما يسمعه منى أو من بايدن ، ليست هى نفس الرسائل التى يتلقاها من البيت الأبيض أو من وسائل الإعلام. وانتهى إلى القول بأنه: «إذا انهار النظام فى مصر، فستكون هناك نتيجة لا مفر منها، هى أن مصر سوف تصبح نسخة من إيران ولكنها نسخة سنية " وكشف جيتس من خلال مذكراته ما دار في كواليس البيت الأبيض وغياب رؤية إدارة أوباما تماما فيما يتعلق بمرحلة ما بعد مبارك، التى كانت كل الاحتمالات الواردة فيها أسوأ من بعضها ، حيث قال "كانت الإدارة الأمريكية منقسمة على نفسها حول ما ينبغى عمله إزاء حشود الشباب التى اندفعت إلى ميدان التحرير فى 25 يناير،و كان أعضاء فريق الأمن القومى المحيطون بأوباما قلقين للغاية من الانتقادات التى يمكن أن يوجهها نشطاء حقوق الإنسان، الذين يتهمون أوباما بأنه كان بطيئا أكثر مما ينبغى فى اتخاذ رد الفعل المناسب على تطور الأحداث فى تونس، وطالبوه بتقديم دعم قوى للمتظاهرين فى ميدان التحرير" وأضاف جيتس "فى 28 يناير، اتصل بى مايكل مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ليخبرنى أن الرئيس أوباما عقد اجتماعا لمناقشة تطورات الشرق الأوسط وسير عملية السلام فيه، وتحول خط الاجتماع سريعا لمناقشة تداعيات الأحداث فى مصر. وحكى لى مايك ملخص ما دار فى الاجتماع، قائلا: إن أعضاء فريق الأمن القومى جون برينان وبن رودز ودينيس ماكدونوه اقترحوا على أوباما أن يتبنى موقفا داعما ومتحيزا بشدة لجانب المتظاهرين فى التحرير، وأن يطالب بتغيير القيادة هناك فى مصر، لكن جو بايدن، نائب الرئيس، وهيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية، وتوم دونيلون، مستشار الرئيس للأمن القومى، طالبوا بتوخى الحذر فى ضوء التداعيات المحتملة على المنطقة، التى ستترتب على ترك مبارك، الحليف لأمريكا لأكثر من 30 عاما ، إلا أن أوباما كان يميل لاتخاذ مواقف عدوانية ظهرت بوضوح فى بياناته وتصريحاته فيما بعد" ويبدو أن جيتس كان متخوفا من التدخل الأمريكي في مصر مستدعيا ما حدث من عواقب مثل هذا التدخل في الثورة الإيرانية حيث قال "التقيت مستشار الأمن القومى فى الثامنة والنصف من صباح اليوم التالى، يوم 29 يناير، وذكرته بالدور الذى لعبته الولاياتالمتحدة فى إيران عام 1979 عند اندلاع الثورة الإسلامية وسقوط الشاه، وعبرت له عن قلقى العميق من أننا ندخل بإرادتنا إلى منطقة شائكة ومجهولة وعواقبها غير مأمونة، وأن أوباما لن يستطيع ببعض التصريحات والبيانات أن يمحو ذاكرة المصريين حول تحالفنا الاستراتيجى الذى استمر لعقود مع مبارك، واقترحت شكل المسار الذى ينبغى أن تسير سياستنا فيه، وهو أن نطالب بعملية انتقال منظم للسلطة، لأنه علينا أن نمنع حدوث أى فراغ سياسى فى السلطة، لأن أحدا لن يملأ هذا الفراغ على الأرجح غير الجماعات الأصولية. وقلت إنه ينبغى علينا أن نكون متواضعين بشأن حجم ما نعرفه وما الذى يمكننا فعله. وأضاف جيتس فى مذكراته: "طمأننى مستشار الأمن القومى بأنه وهيلارى وبايدن، يتفقون جميعا فى نفس المخاوف، وفى قلقهم الشديد من أن الرئيس والبيت الأبيض وفريق الأمن القومى كلهم يميلون بشدة نحو ضرورة تغيير النظام فى مصر، والواقع أن فريق البيت الأبيض كانوا قلقين من أن يثبت التاريخ أن أوباما كان يقف فى صف الجانب الخاطئ، لكن كيف يمكن لأحد أن يحدد الجانب الصحيح والجانب الخاطئ من التاريخ فى الوقت الذى تبدأ فيه كل الثورات بالآمال والمثاليات وتنتهى بالقمع وإراقة الدماء؟ ثم إن السؤال الحقيقى هنا كان: بعد مبارك ماذا سيحدث" واعترف جيتس أن مرحلة ما بعد مبارك كانت أكثر ما يقلق الإدارة الأمريكية حيث قال "استمر الجدل الداخلى فى قلب إدارة أوباما فى نهاية الأسبوع، وفى اليوم الذى وصل فيه السفير الأمريكى الأسبق فرانك ويزنر إلى مصر حاملا رسالة لمبارك من أوباما تحثه على بدء عملية نقل السلطة، أجريت اتصالى الأول منذ اندلاع الأزمة مع نظيرى المصرى، المشير محمد حسين طنطاوى، ودعوته إلى التأكيد على أن الجيش سيمارس ضبط النفس فى تعامله مع المتظاهرين، وسيدعم الإصلاحات السياسية التى تحفظ للشعب المصرى كرامته، وكان المشير "لبقا" للغاية، ومطمئنا فى كلامه، قال لى إن الجيش المصرى مهمته الأساسية هى الدفاع عن مصر وتأمين المنشآت الحيوية، وليس إيذاء الشعب أو إراقة الدماء فى الشوارع، قلت له إننا قلقون من عدم قدرة الحكومة على القيام بتحركات حاسمة للوصول إلى حل سياسى للأزمة، وأضفت أنه بدون التحرك فى اتجاه انتقال سلمى للسلطة يشمل حوارا فعليا مع الوجوه المؤثرة فى المعارضة، فإنه كوزير للدفاع سيجد نفسه على الأرجح تحت ضغط عنيف للحفاظ على الاستقرار فى مصر، ورد على طنطاوى قائلا أؤكد لك أن مصر لن يصيبها سوء." واستمر القلق داخل البيت الأبيض وفقا لجيتس ففي "ظهر يوم 1 فبراير كان هناك اجتماع آخر لكبار الموظفين مع الرئيس أوباما، ودارت مناقشة حامية حول ما إذا كان ينبغى على الرئيس أن يتصل بمبارك أم لا، ولو أنه اتصل به فما الذى ينبغى عليه أن يقوله فى المكالمة، وقاطعنا الاجتماع لكى نشاهد مبارك يلقى كلمة موجهة للشعب المصرى، قال فيها إنه سيقوم بتعديل الدستور، ولن يترشح للرئاسة لفترة مقبلة بعد انتهاء مدته الرئاسية فى الخريف، وإنه سيبدأ حوارا مع المعارضة، وسيعين نائبا له، أى أنه باختصار كان يفعل بالضبط ما طلبت منه الإدارة الأمريكية فعله من خلال رسالة السفير ويزنر لكن، كان التوقيت هو عامل الحسم فى ذلك كله، وكنت أتساءل دائما ما الذى كان يمكن أن يحدث لو أن مبارك قد ألقى خطابه هذا قبل أسبوعين، إذن لاختلفت النتيجة تماما بالنسبة له." وأضاف جيتس" ظل فريق الأمن القومى الأمريكى يجادل حول ضرورة أن يتصل الرئيس أوباما بمبارك وأن يخبره بضرورة تركه لمنصبه خلال الأيام القليلة المقبلة. وظلوا يكررون أنه ينبغى علينا أن نقف على الجانب الصحيح أمام التاريخ. أما أنا وهيلارى وبايدن ودونيلون، فطالبنا بضرورة توخى الحذر، كان علينا أن نناقش تداعيات مثل هذا الإعلان على امتداد المنطقة كلها، ما الذى سوف يأتى لاحقاً؟ وسألت: ما الذى يمكن أن يحدث لو لم يرحل مبارك؟ عندها سيكون الرئيس أوباما قد حقق بعض المكاسب فى مجال العلاقات العامة، لكنه سيكون فى الوقت نفسه قد خسر نفس تلك النقاط مع كل الحلفاء العرب الذين نرتبط معهم فى المنطقة، وقلت إن 30 عاما من التعاون الأمريكى مع الحكومة السلطوية فى مصر لا يمكن أن تمحوها بضعة أيام من البيانات اللغوية المنمقة " وأقر جيتس أنه اقترح على الإدارة الأمريكية أن تعرض على مبارك خروجا آمنا من السلطة حيث قال" إذا أردنا فعلا أن نكون على الجانب الصحيح من التاريخ فلنترك مبارك إذن يغادر منصبه بشىء من الكرامة، بعد أن يسلم مهام منصبه لسلطة مدنية منتخبة فى عملية انتقال منظم للسلطة. كان هذا كفيلاً على الأقل أن ينقل رسالة للقادة الآخرين فى المنطقة بأننا لن نلقى بهم للذئاب، وقلت مجدداً: علينا أن نكون متواضعين بشأن ما الذى نعرفه وما الذى نقدر عليه. وفى نهاية الاجتماع، اتفق جميع المشاركين فيه على أن يتصل الرئيس بمبارك، وأن يبلغه تهنئته على الخطوات التى أعلنها، وأن يحثه على الرحيل المبكر، وتدخلت قائلاً إنه لا داعى لأن يستخدم أوباما كلمة فى حديثه مع مبارك، وأن يستخدم عبارة فضفاضة أكثر مثل (عاجلاً وليس آجلاً).. إلا أن اقتراحى قوبل بالرفض. كل كبار الموظفين فى الاجتماع نصحوا الرئيس بعدم إعلان تفاصيل مكالمته مع مبارك، لكن أوباما تجاهل نصيحة كبار الموظفين (هيلارى ودونيلون ونائبه جو بايدن)، وأخذ صف الشباب فى فريقه حول ما الذى ينبغى أن يقوله لمبارك فى المكالمة، وما الذى ينبغى أن يقوله عنها علنا واتصل أوباما بمبارك بالفعل، وفى مكالمة صعبة قال له: إن الإصلاح والتغيير ينبغى لهما أن يبدأ الآن." واستكمل جيتس حديثه عن الأيام الأولى للثورة قائلا "ويوم 8 فبراير، اتصل جو بايدن، باللواء عمر سليمان، وطالبه بدفع عجلة المفاوضات للأمام، وبإنهاء القوانين التى ساهمت فى الإبقاء على الحكومة السلطوية فى مصر، وطلب منه أن يظهر أن مبارك قد تمت تنحيته جانباً عن الصورة. وبعدها، قال لى بايدن إن عمر سليمان شكا له من صعوبة التفاوض مع الشباب الموجودين فى ميدان التحرير بسبب عدم وجود قيادات لهم. وعاد مبارك يوجه خطابه للشعب فى 10 فبراير، كان غالبية المصريين، ونحن معهم، يتصورون أنه سوف يعلن استقالته، إلا أنه على العكس قال إنه حتى وإن كان سيقوم بنقل بعض صلاحياته لنائبه عمر سليمان فإنه سيظل مستمراً فى منصبه رئيسا للجمهورية. فى تلك اللحظة قلت لنفسى لقد انتهى أمره" ولم يكمل جيتس انطباعه عن باقي الأحداث ولكن مخاوفه عن تحول مصر إلى إيران سنية يعطينا صورة واضحة عن عدم رضائه عن دعم الإدارة الأمريكية فيما بعد لجماعة الإخوان المسلمين. المشير تعهد لها بنقل السلطة إلى حكومة ديمقراطية منتخبة هيلاري كلينتون: شباب الثورة لم يكن مؤهلا للحكم وهو من سلم إدارة البلاد للإخوان طوعا "طنطاوى" كان مجهدا لدرجة أنه يرفع رأسه بالكاد وكانت الهالات السوداء تحت عينيه تملأ وجهه كله حاولت كلينتون من خلال كتابة مذكراتها تحت عنوان "خيارات صعبة" أن تروج لنفسها كمرشحة محتملة للرئاسة الأمريكية وعلى الرغم من أن القراء أجمعوا على ان لغة الكتاب "ركيكة" للغاية إلا أن ما شمله من أسرار كان جديرا بالقراءة. وتعد كلينتون من الأشخاص الشاهدة على الثورة المصرية وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم وكذلك سقوطهم بعد عام واحد في السلطة،كما أنها من أهم الشخصيات التي صاغت الخطوط العريضة للإدارة الأمريكية في مرحلة ما بعد الثورة لذا تعد مذكراتها بهذا الشأن من أخطر ما يمكن أن يوضع في الاعتبار للتأريخ لهذه الفترة. تقول كلينتون فى مذكراتها عن بداية ثورة يناير: "بدأت الاحتجاجات فى ميدان التحرير تتزايد وصارت تركز على هدف واحد هو إزاحة مبارك من الحكم", وبوصفها كانت السيدة الأولى لأمريكا في فترة من الفترات اتيحت لها الفرصة للتعرف على عائلة مبارك منذ فترة طويلة وقد ذكرت ذلك قائلة "لقد عرفت مبارك وزوجته سوزان لما يقرب من 20 عاما ، كان ضابطا بالقوات الجوية المصرية، تدرج فى المناصب العسكرية حتى وصل إلى منصب نائب الرئيس تحت حكم السادات، وتعرض للإصابة يوم اغتيال الرئيس الذى قاد الحرب ضد إسرائيل ووقع معاهدة السلام معها, نجا مبارك من حادث اغتيال السادات وأصبح رئيسا بعدها، ليشن حملة عنيفة على الإسلاميين. والواقع أن حسنى مبارك قد حكم مصر كفرعون صاحب سلطات مطلقة لما يقرب من ثلاثين عاما". وأضافت: " على مدى سنوات طويلة، أتيح لى أن أقضى وقتا مع مبارك. شعرت بالتقدير لدعمه الدائم لمعاهدة السلام مع إسرائيل، وكذلك لحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية جنبا إلى جنب، بل إنه قد بذل جهدا يفوق الجهد الذى بذله أى قائد عربى لإقناع ياسر عرفات بقبول اتفاق السلام الذى كان زوجى بيل كلينتون يقود المفاوضات فيه عام 2000. لكن، وعلى الرغم من شراكته مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حول العديد من القضايا الاستراتيجية الرئيسية، كان من المخيب للآمال أن نظامه رفض حصول الناس على العديد من حرياتهم الأساسية على مدى 30 عاما، إضافة إلى سوء إدارته للاقتصاد، إلى درجة أن مصر التى كانت تعرف فيما مضى بأنها سلة غلال العالم القديم، قد تحولت تحت حكم مبارك إلى دولة تصارع من أجل إطعام شعبها، وصارت أكبر مستورد للقمح فى العالم كله". وتطرقت كلينتون على عكس غيرها ممن كتبوا مذكراتهم عن هذه الفترة من تاريخ مصر إلى حياة مبارك العائلية قائلة " وفى مايو 2009، توفى حفيد مبارك الأكبر عن عمر لا يزيد على 12 عاما، توفى فجأة بسبب مشكلة صحية. وبدا أن تلك الصدمة قد حطمت الرئيس المسن. وعندما اتصلت بسوزان مبارك لأقدم لها تعازى، قالت لى هذا الصبى كان أفضل صديق للرئيس". وأشارت هيلارى "بالنسبة لإدارة أوباما، كانت الاحتجاجات التى اندلعت فى يناير 2011 تمثل موقفا حساسا لقد كان مبارك حليفا استراتيجيا لواشنطن لعقود، فى الوقت الذى كانت فيه القيم الأمريكية تقف فى الجانب نفسه الذى تقف فيه مطالب الشباب الذين يطالبون بالعيش والحرية والكرامة. وعندما سألنى أحد الصحفيين عن الاحتجاجات فى أول يوم من اندلاعها، فكرت أن أقدم له إجابة محسوبة تعكس مصالحنا وقيمنا، وتعكس فى الوقت نفسه عدم وضوح الموقف بالنسبة لنا، حتى لا نصب مزيدا من الزيت على النار. قلت إننا نؤيد الحريات الأساسية فى التعبير عن الرأى للجميع، ونطالب كل الأطراف بأن تتحلى بضبط النفس وتمتنع عن اللجوء للعنف. لكن تقديرنا أن الحكومة المصرية مستقرة، وتبحث عن طرق للاستجابة للطلبات المشروعة ومصالح الشعب المصرى. وتابعت: لكن، تبين لنا فيما بعد أن هذا النظام لم يكن مستقرا بالتأكيد، وإن كان قليل من المراقبين هم الذين يمكنهم حقاً أن يتخيلوا حجم الضعف والهشاشة التى كان يعانى فعلياً منها". ولم تنكر هيلاري أنها كانت ترى أن الإخوان كانوا أكثر استعدادا من غيرهم لحكم مصر حيث قالت "على العكس من كل القوى السياسية، كانت جماعة الإخوان قد وضعت نفسها فى المكان الصحيح لسد الفجوة التى قد تنتج عن سقوط النظام. كان مبارك قد حاول دفع الإخوان تحت الأرض، لكنهم ظلوا يملكون أتباعا فى طول مصر وعرضها، إضافة إلى بناء تنظيمى محكم. قالت الجماعة إنها نبذت العنف، وبذلت بعض الجهد حتى تظهر فى صورة أكثر اعتدالا، لكن كان من المستحيل التنبؤ بالطريقة التى يمكن أن تتصرف بها إذا وصلت للحكم. كل ذلك دفعنى مع نائب الرئيس ووزير الدفاع، إلى أن ننصح بتوخى الحذر.. قلت للرئيس إنه لو سقط مبارك، فأعتقد أن كل شىء يمكن أن يسير على ما يرام خلال 25 عاما، لكن أعتقد أن الفترة من اليوم وحتى نهاية هذه الأعوام، ستكون شديدة الاضطراب بالنسبة للشعب المصرى، وللمنطقة، ولنا." وذكرت كلينتون أنه " فى 4 فبراير، تحدثت مع وزير الخارجية أحمد أبوالغيط فى مناقشاتنا السابقة، كان يبدو واثقا ومتفائلا، لكنه الآن لم يعد قادرا على إخفاء توتره، بل وحتى يأسه. واشتكى من أن الولاياتالمتحدة تزيح مبارك من الطريق بلا هوادة دون النظر للعواقب، وحذرنى قائلا «انظروا إلى ما يقوله الإيرانيون الآن»، فى إشارة إلى أن الإيرانيين يتوقون لاستغلال أى سقوط أو انهيار محتمل لمصر. وكان خوف أبوالغيط من استيلاء الإسلاميين على السلطة واضحا للغاية، وقال لى عندى حفيدتان، واحدة عمرها ست سنوات، والأخرى فى الثامنة من عمرها، أريد لكل واحدة منهما أن تكبر لتصبح مثل جدتها، ولتصبح مثلك. لا أن ترتدى النقاب، تلك هى معركة حياتى وتنازل مبارك أخيراً عن الحكم، مفوضاً سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى تعهد بإجراء انتخابات نزيهة وحرة، بينما انسحب مبارك إلى شرم الشيخ" وذكرت كلينتون " بعد شهر تقريبا، قمت بنفسى بزيارة ميدان التحرير.. كان طاقمى الأمنى شديد العصبية حول ما يمكن أن يحدث، لكن المصريين تجمعوا من حولى، برسالة فى أساسها تحمل الدفء والترحيب، كثيرون قالوا لى أهلا بك فى مصر الجديدة . التقيت بعدها بعدد من الطلبة والنشطاء الذين لعبوا أدواراً أساسية فى المظاهرات. كنت متشوقة لأسمع خططهم للانتقال من المظاهرات إلى السياسة، وكيف يخططون للتأثير فى كتابة الدستور الجديد والمنافسة على مقاعد البرلمان فى الانتخابات المقبلة. لكن وجدت أمامى مجموعة غير منظمة وغير مستعدة لخوض أى انتخابات ولا التأثير فى أى شىء. لم تكن لديهم أى خبرة فى السياسة ولا أى فهم لكيفية تنظيم الأحزاب والحملات الانتخابية، ولم يظهروا حتى أى اهتمام بذلك. وانشغلوا بدلا من ذلك بالجدل فيما بينهم، وتوجيه اللوم للولايات المتحدة على خطايا متنوعة.. وكانوا رافضين للعملية الانتخابية، فسألتهم هل فكرتم فى أن تشكلوا تحالفا سياسيا وأن تنضموا معا للدفع بمرشحين وبرامج فى الانتخابات فكان ردهم نظرة خالية من التعبير. وزعمت كلينتون أنها تخوفت حينها من تسليم البلاد للإخوان على الرغم من أنها كانت أول من دفعهم للوصول للسلطة حيث قالت "هنا شعرت بالقلق من أن الحال ستنتهى بهؤلاء الشباب إلى تسليم البلاد للإخوان أو للجيش بطبيعة الحال، وهو ما حدث بالفعل بعدها. كان رأس الدولة ساعتها هو المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع السابق فى عهد مبارك الذى تعهد بالإشراف على انتقال "سلس" للسلطة إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا وعندما التقيت به فى القاهرة، كان طنطاوى مجهدا إلى درجة أنه كان بالكاد يرفع رأسه، وكانت الهالات السوداء تحت عينيه تملأ وجهه كله. كان جنديا محترفا ًتذكرنى هيئته ومظهره بالجنرال أشفق برويز قايانى فى باكستان. كلا الرجلين كان ضابطا ملتزما بقومية بلاده، شديد الإخلاص لعقيدة مؤسسة الجيش التى خرج منها. وكل منهما لم يكن مرتاحا لاعتماده على المساعدات التى تقدمها الولاياتالمتحدة للجيش" وأضافت كلينتون "عندما تحدثت مع طنطاوى حول خططه لانتقال السلطة فى مصر، لاحظت أنه يختار كلماته بعناية ودقة. كان فى موقف صعب، يحاول فيه إنقاذ جيشه المحبوب من الدمار الذى خلفه نظام مبارك، وأن يحمى الشعب كما تعهد الجيش، وأن يقوم بالتصرف السليم مع قائده السابق الذى سانده فى مشواره المهنى. وفى النهاية، فإن «طنطاوى» حافظ على وعده بإجراء الانتخابات، وعندما خسر مرشحه المفضل أحمد شفيق الانتخابات بفارق ضئيل لصالح مرشح الإخوان محمد مرسى، حافظ على نتائج الانتخابات كما هى" ولم تذكر كلينتون شيء عن فترة حكم الإخوان لمصر حتى لا يفتضح أمرها على ما يبدو لدعمها لهم ،ولكن فضيحة تسريب البريد الأليكتروني الخاص بها أكدت أنها دافعت عنهم بكل قوتها ويبدو أنها تسير على نفس النهج حتى الآن.