علام: المفاوضات عبارة عن "تسلية " والوفد المصرى عبارة عن "موظفين" نور الدين: إثيوبيا فرضت على مصر المكتب الفرنسى لإرتباطه بأعمال على أراضيها رسلان: علينا الاعتراف بالفشل وإنقاذ ما يمكن انقاذه أكد خبراء أن تناقض تصريحات رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب ووزير الرى الدكتور حسام مغازى، عقب إنتهاء الجولة السابعة من مفاوضات سد النهضة بالعاصمة السودانية الخرطوم ، تشير إلى فشل الحكومة المصرية فى إدارة مفاوضات السد، وشددوا على أن هناك العديد من الأمور التى تمس أمن مصر القومى مسكوت عنها فى هذه المفاوضات. وكان المهندس إبراهيم محلب قد أشار فى تصريحاته إلى أنه لا خوف على مصر من سد النهضة بينما أكد الدكتور حسام المغازى أن سد النهضة بسعته الحالية، والتي تقدر ب74 مليار متر مكعب، له تأثيرات سلبية كبيرة على مصر لاسيما حصتها المائية، وكذلك الكهرباء المتولدة من السد العالي، فضلًا عن تبوير الأراضي الزراعية. وقد كشف هذا التناقض فى التصريحات بين رئيس الوزراء ووزير الرى عن عدم إدراك الحكومة لأبعاد الأزمة التى تتتفاقم يوماً بعد الآخر مع استمرار الجانب الإثيوبي فى بناء السد ، وغياب التنسيق بين أعضاء الحكومة الواحدة، فضلًا عن عدم إدراك وفهم رئيس الحكومة لطبيعة هذا الملف الشائك. وأجمع الخبراء على فشل المفاوضات وعدم جديتها فى الحفاظ على حصة مصر التاريخية من مياه النيل ، مؤكدين ضعف المفاوض المصرى وعدم إدراك القيادة السياسية بخطورة الملف وتركة لمجموعة من الموظفين . فى البداية وصف الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والرى الأسبق، مفاوضات سد النهضة ب"التسلية" التى يقوم بها عدد من الموظفين من أجل الاتفاق على آلية للعمل لحين انتهاء إثيوبيا من بناء السد، مشيرًا إلى الدور الضعيف الذى يلعبه الدكتور حسام مغازى وزير الرى المصرى فى تضليل الرأى العام المصرى . وأوضح "علام" أن تلك المباحثات التى جرت منذ ديسمبر 2011 لم تطمئن المصريين على أمنهم المائى ، ومن ثم هناك قلق شديد على حصة مصر المائية فى ظل التوقيع على وثيقة إعلان المبادئ التى أعطت إثيوبيا الحق فى بناء السد دون قيد أو شرط . وألمح "علام" إلى خطورة تجاهل الدراسة الثالثة، والمتعلقة بالسلامة الإنشائية للسد ، قائلاً أن الجانب المصرى رضخ لإثيوبيا فى تجنبها لتلك الدراسة والتى أكدت على أهميتها اللجنة الدولية من قبل ، ومدى تأثير وخطورة السد على مصر والسودان فى حالة انهياره، وتم الاكتفاء فقط بالدراستين محل التقييم . وانتقد علام تناقض تصريحات وزير الرى المصرى، والتى قال فيها إن هناك مخاوف من سعة تخزين السد، مع تصريحات رئيس مجلس الوزراء المهندس ابراهيم محلب، الذى قال لا خوف من إنشاء سد النهضة على أمن مصر المائى، فضلاً عن وجود عدم مكاشفة فى الأمر وأن النقاط الخلافية أكبر من ذلك بكثير، مشددا على أن فشل الحكومة فى إدارة الملف دفعها لتضليل المصريين . وطالب "علام" الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتدخل السريع ، قائلاً "المواقف الشجاعة والقوية للرئيس لا تجعلنى أستوعب أو أفهم مواقفه من أزمة سد النهضة، ولا أفهم كيف نتحدى أمريكا وأوروبا ونرفض إملاءاتهما ومطالبهما، بينما نتراجع ونتنازل عن حقوقنا وأدنى مطالبنا العادلة أمام إثيوبيا". وأضاف "كلما تحدثت مع المسئولين فى وزارة الرى يقولون إن الوزارة ترفع مذكرات إلى الرئاسة وتشرح آثار السد المدمرة، وإن مسار المباحثات غير مُرضٍ وملىء بالعقبات، وإن إثيوبيا تستهلك الوقت بالمماطلات، ولكن الرئيس هو الذى يأمر بالاستمرار فى المسار نفسه". وتابع "علام": "الحقيقة لا أرى أى بصمة واضحة للسيسى فى إدارة الملف، فضلاً عن ترك هذا الملف شديد الخطورة لبعض موظفي الخارجية والرى وفى النهاية ظهر إعلان مبادئ اعترفنا فيه بالسد، ووافقنا ضمنياً على سعته، واعترفنا بحق إثيوبيا فى حصة مائية من النيل الأزرق وذلك لأول مرة على مدار تاريخ مصر القديم والحديث، ووافقنا أيضا على الحق المطلق لإثيوبيا فى استخدام مياه السد فى الكهرباء والزراعة والشرب والصناعة". وطالب بتوفير الإرادة السياسية فى حل الأزمة ، إضافة إلى تقديم الحقائق للمجتمع المصرى ، وتغيير المسار وفتح حوار جاد مع إثيوبيا لتوضيح مخاطر بناء السد على مصر. ويرى الدكتور نادر نور الدين الخبير المائى الدولى ، أن الجولة السابعة من مفاوضات سد النهضة أضعفت من موقف مصر كثيرًا وزادت من قوة وصلابة الموقف الاثيوبى الذى يسير بالمفاوضات كما يحلو له دون أى مضايقات أو اختلافات من المفاوض المصرى الضعيف والذى لا يقدر مدى الخطورة من استكمال بناء السد . وأوضح نور الدين أن اثيوبيا أصرت على وجود المكتب الفرنسى الذى تربطه به علاقة قوية ويعمل على أرضها بشكل كبير وفرضت على دولتى المصب مصر والسودان بأن يكون للمكتب الفرنسى الغلبة فى تقييم الدراستين ، وبمعنى أدق فإن المكتب الاستشارى سيفوز بتنفيذ 70% من أعمال الدراستين مقابل 30% للمكتب الهولندى الذى تم اختيارة من قبل مصر والسودان ، لأنه أكثر خبرة في مجال السدود. وتابع: إثيوبيا أجبرت مصر على اختيار المكتب الفرنسي، الذي ليس لديه نفس خبرة المكتب الهولندي، وبالتالى فإثيوبيا هي التي تقود المفاوضات حاليًا وتوجهها كما تشاء، مشيراً الى أن المكتب الاستشاري سيأخذ وقتًا كبيرًا في إجراء الدراسات وإعداد التقرير النهائي، مما سيؤدي إلى استهلاك وإضاعة الوقت لصالح الجانب الإثيوبي، حتى بناء السد الذي سيتم استكماله في أكتوبر من العام المقبل. وأشار "نور الدين" إلى أن موقف إثيوبيا من المفاوضات ، خاصة بعد تصريحات وزير الرى الاثيوبى عقب انتهاء إجتماع الخرطوم واضح جدًا، حيث أكد أن المكتب الفرنسى سيقوم بتنفيذ كافة الأعمال بنسبة 100 % متجاهلاً الاتفاق الذى تم الاتفاق عليه قبل دقائق من تصريحه، ولسان حال المفاوض المصرى " لا أرى لا اسمع لا أتكلم ". وتعجب "نور الدين" من تصريحات وزير الرى المصرى التى أكد خلالها، أن ما يقلق مصر هى سعة تخزين السد.. متسائلا "لماذا لم يسجل الوزير المصرى كبير المفاوضين اعتراضه على سعة التخزين من قبل.. ولماذا لم يضع شرطًا بتخفيض سعة تخزين السد قبل توقيع وثيقة إعلان المبادئ التى أعطت إثيوبيا كل ما أرادت وأكثر؟!. وأوضح "نور الدين" أن القيادة السياسية فشلت فى الحفاظ على أمن مصر المائى، وانشغلت بالمشاكل الداخلية على حساب ملف غاية فى الخطورة، وتركته لمجموعة من الهواة الذين يفتقدون الخبرات الكافية لإدارة مثل هذا الملف الخطير . ويقول الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن وقت المفاوضات الفنية انتهى ولم يعد أمام مصر سوى التوجه إلى المجتمع الدولى من خلال تقديم شكوى لمجلس الأمن من اجل ضمان حقوق مصر التاريخية فى حصتها من مياه النيل ، مشيرًا إلى فشل المفاوضات التى تقوم بها وزارة الرى والتى منحت إثيوبيا الوقت الكافى لاستكمال بناء السد. وأوضح "رسلان" أن إثيوبيا استطاعت خداع مصر من أجل تنفيذ مخططها ، قائلاً إن ضعف المفاوض المصرى وانشغال القيادة السياسية بأمور أخرى كان السبب الرئيسى وراء تفاقم الأزمة ، فضلاً عن تورط مصر فى التوقيع على وثيقة إعلان المبادئ ، والتى منحت إثيوبيا الحق فى إقامة ما تريد من سدود دون الرجوع إلى دولتى المصب مصر والسودان . وأضاف رسلان أن تضارب التصريحات التى تقع فيها الحكومة المصرية ، وإصرار إبراهيم محلب رئيس الوزراء على عدم تأثير سد النهضة على حياة المصريين ، وفى المقابل تصريحات وزير الرى المصرى التى تؤكد مدى خطورة سعة التخزين للسد على مصر والتى تبلغ 74 مليار متر مكعب ، تؤكد فشلها أمام إثيوبيا ، وعدم مصارحة الشعب المصرى بكل التفاصيل التى تمت خلال الفترة الماضية . وشدد رسلان على سرعة تدارك الأمر وتصحيح المسار من جديد وإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان . وكان الدكتور حسام مغازى وزير المورد المائية والرى قد أرسل تقريرًا للمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بنتائج الجولة السبعة من مفاوضات سد النهضة بالخرطوم. وقال مغازي في التقرير "إن مهام الاجتماع تركزت على مناقشة النقاط المرفوعة من الاجتماع السادس للجنة، المتعلقة بالعديد من المسائل التعاقدية الخاصة بالشركتين الاستشاريتين، والمنوط بهما إعداد الدراستين الموصى بهما، في التقرير النهائي للجنة الدولية للخبراء". وأشار الوزير إلى أن الاجتماع نجح في التوصل إلى توافق حول كل هذه النقاط، في ضوء ما أبداه الوزراء من حرص خلال الاجتماع، لتغليب المصلحة العامة، وروح التعاون بين الدول الثلاثة؛ حفاظا على مبدأ تحقيق المنفعة للجميع، وتفعيلًا لتوجيهات القيادة السياسية للدول الثلاثة. وأكد مغازي أن المتابعة المستمرة من إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، أثناء زيارته لإيطاليا، كان لها دور مهم في نجاح الاجتماع، وأن توجيهات رئيس الوزراء للوفد المصري، ركزت على تأكيد المصالح المشتركة بين الدول الثلاثة، وحماية المصالح المصرية والالتزام بمبدأ لا ضرر ولا ضرار. وتابع أن الوزراء بالدول الثلاثة اتفقوا على خارطة طريق، متضمنة الاتفاق على تلقي العروض المحدثة من الشركة الفرنسية يوم 12 أغسطس 2015، على أن يعقد الاجتماع الثامن للجنة الثلاثية الوطنية خلال الفترة من 20 - 21 أغسطس 2015 بأديس أبابا؛ تمهيدًا للتوقيع على العقود مع الشركة الاستشارية.