ماذا تفعل عندما ترى إنساناً، وهو يتحرر مباشرةً فى الشارع من ملابسه؟، لديك طريقان، إمام أن تذهب به لأقرب قسم شرطة، ليعرض على النيابة، لتوجه إليه تهمة ارتكاب فعل فاضح فى الطريق العام، سيؤدى به لا محالة إلى السجن، أو هناك طريق آخر وهو أن تستر على مرتكب هذا الفعل الشائن، وتعيد إليه ملابسه وتوازنه، على شرط أن يكون لديك احتمال أنه غير مدرك لهذا الفعل، و"تستر على إنسان" لا تعنى بالمناسبة التستر عليه. اغلب ما أتابعه فى السنوات الأخيرة لإيمان البحر درويش، يؤكد أن (فيه حاجة غلط)، هو صاحب مشوار عمره أربعون عاما، عرف فى مرحلة من عمره، وتحديداً السنوات العشر الأولى، النجاح الطاغي، ثم تضاءل مع الزمن النجاح، وسيطر عليه، مثل بعض شباب تلك الرحلة، أفكار وممارسات دينية رجعية، لا تعبر أبداً عن حقيقة الإسلام. صار يحرم الغناء، ثم عاد إليه وقال إن السبب هو رحيل مفاجئ لأحد أقرب أصدقائه، عاد للغناء لكنه كان يمنع تصوير (فديو كليب) به امرأة، وأعلن أنه يتمنى أن يقدم ألحانًا بلا آلات وترية، لأن بعض الفقهاء أحلوا فقط الآلات الإيقاعية، وحرموا الوتريات؛ مثل العود والفيولينا والتشيلو وغيرها. أحياناًكان يدلى بآراء غريبة؛ مثلاً يقول إنه ضد مهاجمة إسرائيل لأنه اسم نبي بنص القرآن، أحياناً نطلق عليه يعقوب، إسرائيل فى بعض التعريفات تعني عبد الله. هل وصل الأمر إلى هذا الحد فى تفسير الدين؟!.. مع الأسف بعض المتزمتين دفعوا بنا إلى تلك الهاوية. إيمان البحر درويش يملك لونًا ومذاقًا وحضوراً، لكنّ أفكارًا سيطرت عليه وشتتته، وخصمت الكثير من حضوره، ثم ألم به ظرف طبى طارئ، وأجرى جراحة خطيرة فى المخ، وزاد الموقف سوءًا عندما تم إسقاطه من مقعد نقيب الموسيقيين، وظل لديه إحساس مرضى أنهم جميعًا تآمروا عليه. تذكر فقط اللقاءات التليفزيونية التى أجريت معه فى السنوات الأخيرة، لتدرك أن هناك شيئًا ما خارج نطاق السيطرة، ولا يعنينى آراؤه، لكن طريقته فى التعبير عن الرأى هى التى تؤكد أن هناك شيئا يحتاج للمراجعة. مؤخرًا سجل (فديو كليب) حمل تجاوزًا أخلاقيًّا، هل هو مدرك لهذا التجاوز؟.. إجابتى هى لا، الصوت المشين الذى أنهى به الفيديو، أكد ذلك. إيمان ليس بحاجة إلى بيانات الإدانة التى أطلقتها نقابة الموسيقيين، ثم اتحاد النقابات الفنية، لكنه فى أمس الحاجة إلى من يدرك معاناته النفسية. قبل بضعة أسابيع كتبت فى هذه المساحة مطالبًا بأن تعود أغانى جيل كامل على محطة الأغانى الرسمية، وبينهم إيمان، الإذاعة الرسمية توقفت فقط عند هانى شاكر ومحمد ثروت، ونادرًا ما تجد أغاني لنجوم الجيل الآخرين، فوجئت بعدها بمكالمة غاضبة، تؤكد أنني أشارك في مؤامرة ضده، والدليل أننى كتبت اسم المطرب فلان الفلاني قبل اسمه، قلت له الأمر ليس فيه أسبقية، المقال هدفه واضح هو إعادة جيل أنت أحد أهم رموزه إلى الخريطة مجدداً. لم أغضب من إيمان، بل أشفقت عليه واستشعرت أنه يستحق من جميع المقربين منه قدرًا من الاحتواء، تلك هى قراءاتى للواقعة الشهيرة لإيمان البحر درويش، مع يقينى أن الأغلبية تقف على الشاطئ الآخر!!. [email protected] المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
