مصطفى الفقي: الصراع العربي الإسرائيلي استهلك من العسكرية والدبلوماسية المصرية جهدا كبيرا    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    التموين: احتياطيات السلع الأساسية تكفي ل 6 أشهر.. والسكر ب 27 جنيها في المبادرة    الارتفاع يسيطر.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024 بالمصانع والأسواق    بعد 3 أيام من المقاطعة.. مفاجأة بشأن أسعار السمك في بورسعيد    "رويترز": الاحتلال يصعد ضرباته في أنحاء غزة ويأمر بإجلاء جديد في الشمال    لازاريني: 160 مقار ل "الأونروا" بقطاع غزة دُمرت بشكل كامل    عمرو خليل: إسرائيل لم تحقق أي شيء يذكر بعد 200 يوما على حربها في غزة    ضابط بالجيش الأمريكي: حكومتنا لا تمتلك قلب أو ضمير.. وغزة تعيش إبادة جماعية    أبو مسلم: عودة المصابين ستزيد قوة الأهلي أمام مازيمبي    موعد مباراة مانشستر يونايتد وشيفيلد في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    نصار يكشف كواليس مفاوضات الأهلي مع أبو جبل    تضرب مصر خلال ساعات.. الأرصاد تحذر من ذروة الموجة الخماسينية الساخنة    أداة جديدة للذكاء الاصطناعي تحول الصور والمقاطع الصوتية إلى وجه ناطق    القبض على المتهمين بإشعال منزل بأسيوط بعد شائعة بناءه كنيسة دون ترخيص    العثور على جثة شاب طافية على سطح نهر النيل في قنا    غدا، محاكمة المتهمين بقتل طبيب بالتجمع بعد استدراجه لإقامة علاقة غير مشروعة    محمد شرارة بين «كورساكوف وعبد الوهاب» فى «شهرزاد بالعربي»    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    رغم فوائدها.. تناول الخضروات يكون مضرا في هذه الحالات    استشهاد 4 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    لا بديل ولا غنى عنه للشعب الفلسطيني.. بوريل يشيد بتقرير الأمم المتحدة حول الأونروا    بينهم نتنياهو.. مخاوف إسرائيلية من صدور قرارات اعتقال لمسؤولين بدولة الاحتلال    بعد انخفاضه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024 (آخر تحديث)    بحث الملفات القديمة وفرصة أكبر للمخالفين.. مميزات قانون التصالح الجديد قبل تطبيقه    الفرح تحول لحزن في البحيرة وكفر الشيخ.. وفاة صديقة الزوجة وإصابة العروسين أثناء «الزفة»    عاجل - درجات الحرارة ستصل ل 40..متنزلش من البيت    تنخفض 360 جنيهًا بالصاغة.. أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة من الشباب بقيادة المخرج عمرو سلامة    «رب ضارة نافعة»..أحمد عبد العزيز يلتقي بشاب انفعل عليه في عزاء شيرين سيف النصر    عصام زكريا: الصوت الفلسطيني حاضر في المهرجانات المصرية    تأهل 3 مصريين لنصف نهائي بطولة الجونة الدولية للإسكواش    شقيق العامري فاروق: الأهلي سيعلن قريبًا عن التمثال الخاص بالراحل    رئيس البنك الأهلي: نريد العدالة في توزيع حقوق بث المباريات    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    كم مرة يمكن إعادة استخدام زجاجة المياه البلاستيكية؟.. تساعد على نمو البكتيريا    واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأمريكية بعد هجومين جديدين    تعرف علي موعد تطبيق زيادة الأجور في القطاع الخاص 2024    حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 24-4-2024 مهنيا وعاطفيا.. الماضي يطاردك    أول تعليق من نيللي كريم بعد طرح بوستر فيلم «السرب» (تفاصيل)    السياحة توضح حقيقة إلغاء حفل طليق كيم كارداشيان في الأهرامات (فيديو)    الخطيب يفتح ملف صفقات الأهلي الصيفية    بعد تأهل العين.. موعد نهائي دوري أبطال آسيا 2024    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    محافظ الغربية: ضبط طن رنجة غير صالحة للاستخدام الآدمي وتحرير 43 محضر صحي    قيادي بالشعب الجمهوري: ذكرى تحرير سيناء درس قوي في مفهوم الوطنية والانتماء    رئيس هيئة الاستعلامات: الكرة الآن في ملعب واشنطن لإيقاف اجتياح رفح    تراجع جديد لأسعار الذهب العالمي    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    بالصور.. تسريب مياه داخل إحدى السفن بغاطس البحر المتوسط في بورسعيد    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يكتب: حقيقة ما حدث فى الأردن
نشر في الفجر يوم 11 - 04 - 2021

الملك حسين عفا عن قائد انقلاب وعينه مديرًا للمخابرات ووزيرًا للداخلية
شخصية الملك عبد الله الثانى بعد ساعة من الدردشة معه فى قصر رغدان
تحديد إقامة الأمير حمزة وقطع الإنترنت عنه بأمر من رئيس الأركان مما يعنى أن الجيش يحمى العرش
فاتورة عدم استقرار الأردن ستدفعها المنطقة بأسرها لذلك هب العالم لمساندته
اشتهر الملك حسين بأنه أكثر الملوك حنكة وحكمة وخبرة فى الحفاظ على العرش رغم شدة العواصف والأنواء السياسية التى واجهها وتعدد المؤامرات الداخلية والخارجية التى نجا منها.
فى سنوات حكمه التى بلغت 57 سنة جرت أكثر من محاولة انقلاب ضده لكنها لم تنجح والمفاجأة المذهلة أنه كان يعفو عن مدبريها ومنفذيها وأكثر من ذلك عينهم فى مناصب شديدة الأهمية والحساسية مجددا الثقة فيهم.
إن نذير رشيد مدير المخابرات الأردنية «1970 1973» ووزير الداخلية فيما بعد هو نفسه نذير رشيد مؤسس تنظيم الضباط الأحرار فى الأردن والرتبة الأكبر فى محاولة الانقلاب ضد الملك حسين التى وقعت فى إبريل 1957.
اختيرت منطقة تسمى «الزرقا» ليتجمع فيها ضباط الانقلاب وليتحركوا منها بأسلحتهم ومدرعاتهم إلى عمان وما أن عرف الملك بالخبر حتى خرج إليهم فى سيارة مكشوفة وعندما اقترب منهم وقف على مقعد السيارة ورفع يديه الاثنتين فى وجه القوات المتحفزة والمفاجأة أن القوات تفرقت خشية وجود كمين ينتظرهم أو خدعة تقضى عليهم.
فشلت المحاولة وصار نذير رشيد مطلوبا حيا أو ميتا فهرب إلى سوريا وتنقل بينها وبين لبنان سنوات طوال حتى صدر عفو ملكى عنه «وعن كافة المعارضين فى الخارج» فعاد إلى الخدمة فى جهاز المخابرات ورقى حتى تولى أرفع المناصب الأمنية وأصبح الأكثر قربا من الملك والأكثر إيمانا به.
بإخلاص يقترب من الاستشهاد استبسل نذير رشيد فى الدفاع عن العرش فى أحداث أيلول الأسود «ضد الفلسطينيين» وضبط عديدًا من محاولات الانقلاب «يقال ثلاث» وكون جهازا قويا يقدر على رصد الأحداث والمؤامرات قبل وقوعها والتعامل معها.
كان الملك حسين موهوبا فى تحويل الأعداء إلى أصدقاء والخصوم إلى أنصار متفهما التركيبة العشائرية المعقدة والمؤثرة فى المجتمع «داخليا» ومستوعبا تضاريس خريطة الجغرافيا السياسية المحرجة التى وضعت الأردن بين العرب وإسرائيل فى أشد أوقات الصراع بينهما «إقليميا» ومدركا أهمية التحالفات الصريحة مع القوى العظمى «بريطانيا ثم الولايات المتحدة» للمساندة العسكرية والمالية «دوليا».
وحسب تقديراتى الشخصية فإن خليفته على العرش ابنه الملك عبد الله الثانى سيتأثر بالجينات الوراثية ولن يتشدد مع أخيه غير الشقيق الأمير حمزة بن الحسين بعد اتهامه بالتآمر على العرش بل إنه لم يقبض عليه وإنما تركه فى قصره تحت إقامة شبه جبرية وعزله عن أنصاره بقطع الإنترنت عنه.
تولى هذه المهمة رئيس أركان الجيش يوسف الحنيطى الذى طالبه بالكف عن أنشطته المثيرة للاضطرابات حسب ما أسفرت عنه التحريات والتحقيقات.
وكون أن الجيش يساند الملك ويعتقل مشتبهًا فيهم فهذا يعنى أن ما حدث ليس انقلابا عسكريا بالمفهوم التقليدى وإنما يعتبر انقلابا سياسيا يحرض الشارع على الانفلات بكل ما يترتب عليه من تبعات أو ربما كان ما حدث ضربة استباقية تسقط الانقلاب قبل وقوعه.
حسب البيانات الرسمية فإن السلطات الأمنية العليا اعتقلت 20 شخصا منهم الشريف الحسن بن زيد وهو من الأسرة الهاشمية وسبق أن شغل منصب مبعوث الملك للسعودية التى يحمل جنسيتها إلى جانب الجنسية الأردنية.
ومنهم باسم إبراهيم عوض الله الرئيس التنفيذى لعدد من الشركات والبنوك فى الأردن والبحرين وشغل من قبل منصب رئيس الديوان الملكى ومدير الدائرة الاقتصادية ووزير التخطيط وهو عضو فى مجلس أمناء أكثر من جامعة عربية ويحمل شهادت عليا فى التنمية الاقتصادية والعلاقات الدولية حصل عليها من جامعات بريطانية وأمريكية.
والأهم أن الملك كان يعتبره معجزة اقتصادية وسمعت ذلك منه فى لقاء استمر نحو الساعة فى قصر رغدان سبقه بحث عن شخصيته وسيرته وهوايته وسنواته فى الولايات المتحدة ليكون الحوار مكثفا ومثمرا.
يمتلك الملك عبد الله موهبة التعلم «عرفت إنه فى بداية حكمه درس اللغة العربية» ويجيد الاستفادة من التاريخ ويعتبر سيرة أبيه درسا يوميا يجب تذكره يجب حفظه «الابن سر أبيه» كما أنه يجنح نحو التهدئة ويفضل حل النزاعات الداخلية بالطرق الودية.
أتذكر أن محررا نشر خبرا شخصيا فى صحيفة كنت رئيسا لتحريرها أزعج الملك عبدالله لكنه لم يلجأ إلى القضاء كما فعل معمر القذافى وصدام حسين وإنما طلب من الرئيس مبارك التوسط وعلاج الأمر فى هدوء وهو ما حدث وقدرت ذلك التصرف الراقى.
ولد الملك عبد الله فى 30 يناير 1952 وأمه هى الملكة منى الحسينى أولى زوجات الملك حسين بينما ولد الأمير حمزة فى 29 مارس 1980 وأمه هى الملكة نور الحسين ولكنهما يتشابهان فى كثير من محطات الحياة.. كل منهما درس فى أكاديمية سانت هيرست العسكرية الملكية «بريطانيا».. وبينما درس عبد الله العلاقات الدولية فى كلية أدموند وولش «جامعة جورج تاون» درسها حمزة فى جامعة هارفارد.. وخدما معا ضباطا فى الجيش الأردنى.
ورغم أن الدستور الأردنى يمنح ولاية العهد إلى أكبر الأبناء فإن الملك حسين منحها لشقيقه الأمير الحسن منذ تولى العرش «ولمدة ثلاثين سنة» بسبب الظروف السياسية الصعبة التى توالت على الأردن وفرضت عليه التفرغ لعلاجها بمساعدة شقيقه الذى حمل عنه أعباء المناسبات المحلية والدولية إلا أنه فور عودته من الولايات المتحدة بعد رحلة علاج من سرطان اللمفوما فى مستشفى ماير كلينك جعل عبد الله وليا للعهد وبعد أسابيع قليلة توفى.
تكرر الموقف نفسه بعد أن أصبح عبد الله الثانى ملكا فى 7 فبراير 1999 حيث عين شقيقه حمزة وليا للعهد حتى 28 ديسمبر 2004 ثم اختار ابنه الأكبر الحسين «27 عاما» ليكون وليا للعهد فى 2 يوليو 2009.
فى كتابه «فرصتنا الأخيرة السعى نحو السلام فى زمن الخطر» يقول الملك عبد الله عن تولى ابنه ولاية العهد: «لم يكن القرار سهلا فأنا كنت أفضل أن ينعم الحسين فى صباه وشبابه كما نعمت أنا بحياة حرة من الضغوط التى يفرضها موقع ولى العهد لكن فى النهاية رأيت من الأفضل للبلاد وكذلك لابنى أن يكون واضحا للجميع كيف يبدو لى مستقبل المملكة الأردنية الهاشمية».
والملك عبد الله شخصية منفتحة.. متطورة.. يجيد الاستماع.. موهوب فى اكتشاف الخبرات.. يعيش حياة بسيطة وسط الناس فى الأماكن العامة.. ولتلك الصفات اختارته قناة أر تى الروسية شخصية عام 2020 فى استفتاء مفتوح بين مشاهديها العرب.
والأهم أنه نجا ببلاده من صفقة القرن التى تعرض بسببها إلى ضغوط حادة للقبول بها وصلت إلى حد التظاهرات المتصاعدة والخطرة.
كما أنه يواجه مؤامرة ضم الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل ومنح الجنسية الأردنية إلى فلسطينى الشتات الراغبين فى العودة وإبعادها عن رعاية المسجد الأقصى وما حوله من مقدسات إسلامية.
وحسب بيان رسمى فإن مخابرات أجنبية اتصلت بزوجة الأمير حمزة وعرضت إرسال طائرة خاصة لنقلها هى وعائلتها خارج البلاد.
وكشفت الميديا العبرية أن المتصل ضابط سابق فى الموساد ولكنه لم يعد فى الخدمة وفى الوقت نفسه برأت إسرائيل مما حدث مؤكدة أن الأردن شريك استراتيجى مهم لإسرائيل ومن المهم استقراره.
وكانت إسرائيل قد رفضت زيارة الأمير حمزة إلى القدس قبل الكشف عما حدث بأيام قليلة وفى الوقت نفسه ترفض دول عربية وأجنبية منحه حق اللجوء السياسى.
من جديد وجد العاهل الأردنى بلاده بين شقى الرحى فانحاز إلى تعميق مسار التنسيق المشترك بين بلاده وبين مصر.
عقدت فى القاهرة قمة ثلاثية «24 مارس 2019» بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والملك عبد الله الثانى ورئيس الوزراء العراقى عبدالهادى المهدى تلتها قمة ثانية فى نيويورك على هامش اجتماعات الأمم المتحدة «سبتمبر من العام نفسه» وعقدت القمة الثالثة فى عمان «25 أغسطس 2020» بحضور رئيس وزراء العراق الجديد مصطفى الكاظمى.
وتتفق الدول الثلاث فى الرؤية السياسية للمشاكل الإقليمية «القضية الفلسطينية والملفان الليبى والسورى والأمن المائى» واتفقت أيضا على ما سمى ب «مشروع الشام الجديد» الذى يرتكز على التعاون فى مجالات الطاقة «منها مد خط أنبوب نفطى من البصرة إلى العقبة ثم إلى مصر» وفى المقابل تصدر مصر الكهرباء إليهما.
ويمتد التعاون الاقتصادى بين الدول الثلاث إلى تطوير المناطق الصناعية المشتركة وتبادل الخبرات فى البنية التحتية ومنح تسهيلات تزيد من التبادل التجارى بينها.
ويصاحب ذلك بالقطع تنسيق فى القضايا ذات الاهتمام المشترك وتعزيز الأمن القومى العربى الذى تعد مصر أقوى ركائزه ومنها مواجهة التهديدات الإيرانية لدول الخليج والوقوف ضد مشروعها النووى وتوسعاتها الخارجية.
ولذلك سارعت مصر بإصدار بيان عقب ما حدث فى عمان أكدت فيه دعمها الكامل للأردن وملكها حفاظا على استقرارها وأمنها الذى اعتبره البيان جزءا من الأمن القومى العربى.
وتوالت البيانات المشابهة من غالبية دول العالم التى ترى أن الأردن تعرضت إلى كثير من المؤامرات ونالت أكثر مما تحتمل من تظاهرات ومن حسن الحظ أنها نجت منها فثمن عدم استقرارها لن تدفعه وحدها بل ستدفعه منطقة بأسرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.