"شيماء".. تلك الطفله التي لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها، بين ليلة وضحاها وجدت نفسها ضحية "زواج القاصرات" في المنيا.. ففي ليلة ليست مثل كل الليالي فوجئت الطفله "شيماء" بأن والدتها استقدمت إحدى السيدات لتزيينها بشكل لا تعرفه فرحت الطفلة وكأن الليلة هي ليلة عيد بالنسبة لها، لم تعلم شيماء حينها أن طفولتها ستقتل وستجد نفسها في نفق مظلم مُعتم هي وحدها من فية. قبل تنتهي السيدة الأربعينية من تزيين شيماء، التي تقطن داخل تحدي القري التابعه لمركز ملوي، بدأ العم الأكبر عبدالله يدق الباب بعكازة الخشبي، لم تكن مفاجئة بالنسبة لشيماء قدوم عمها فهي اعتادت علي زيارتة لهم وخاصة بعدما توفي والدها المزارع، وبصوته القوي قال العم «يارب يا ساتر عروستنا فين عاوز اباركلها »، بدأت دقات قلب شيماء تتسارع وكاد قلبها الصغير أن يتوقف. وبخطوات سريعه توجهت الام لشيماء همست في أذنيها قائلة: اليوم يوم خطبتك فقد تقدم لخطبتك «خالد» راجل ملئ هدومة ومعاه فلوس كتير وعندة شقة بتاعته في بيت ابوه، هو مش كبير اوي عنك، عنده 35 سنة. «كنت لا أعلم شئ عن الحياة الأسرية والزوحية ولكن والدتي شرحت لي كيف تبدو الحياة الزوجية، تظاهرت بالفهم وكأني استوعبت ما قالته لي، وانا في غفلة تامة وتستمر وتستمر والدتي بالحديث وانا أحدث نفسي وأتساءل في صمت "هل أصبحت عبئ كبير عليكي يا أمي ؟ لو كان زواجي سيريحك فانا ساوافق ؟ إن كان قتل الطفله بداخلي يريحك فانا موافقة.. هذا ما حدثتنا بة ابنة الرابعه عشر «شيماء». لم يعير شقيق والدي «عبد الله» فارق السن بيني وبين «خالد» أي إهتمام فالاعمار ولا تشغل لهم بال ولكن هدفهم «السترة.. وأنه معاه فلوس».. بدأت أسأله تدور في ذهني وانا بعقل الطفله الصغيرة لم أجد أجوبة لها من بينها، لم احمل بطاقة رقم قومي، ولكن لم تكن المشكلة التي تقف عائق في الزواج بل وجدوا لها حلا عندما أتصل عمي الأكبر «عبد الله» بمأذون القرية الذي أشتهر "بزواج الفتيات القاصرات بوصل أمانة " علي بياض. نعم لقد تزوجت خالد بوصل أمانة يأخذه المأذون علي العريس لكي يضمن ان الزوج يوثق العقد عندما تتم الفتاة السن القانوني ظنا منه أنه بيضمن حق الفتاة ولكن الحقيقة المأذون لا يهمه شئ سوي «الحلاوة» ثمنًا لضميرة المعدوم. لم أكن الطفلة التي عاشت براءة طفولتها بل أصبحت زوجة في سن الرابعة عشر من عمرها لم أكن أعلم كيفية الحياة الجديدة التي اخوضها بمفردي واتحمل أعباء الحياة ومسؤوليات التي لا يتحملها جبل فكنت دائما في نظره الزوجة المهملة التي لا تهتم بشؤون منزلها المقصرة في حقوقه الزوجية ومن هنا بدأت دبت الخلافات من أول شهر في الزواج وبدأ يتطاول بالألفاظ والضرب. ومرت الايام بيننا علي هذا المنوال ولا أعلم من هذا الوحش الكاسر الذي يطلب مني كل شئ بالاوامر والإكراه وكأني خادمة فكان يجبرني علي خدمة والدته ونظافة المنزل بأكمله بالرغم أن اشقاءة الفتيات يعيشن معهن في منزل واحد. كانت تحلم «الطفله» بأن تعيش طفولتها البريئة كقريناتها ولكن ما حدث لها يجبرك بأن تصفة بتجارة الرقيق. وأثناء حديثها نظرت الطفله الي أعلي وكأنها تتذكر ليلة صعبة مرت بها، وتنهدت تنهيدات تخرج من ضلوعها وقالت ذات ليلة استيقظ من السابعة صباحا كل يوم لخدمتهم في المنزل «زوحي ووالدتة وأشقائه» شعرت بارهاق شديد ولا استطيع ان اتحرك وكأنني أصبت بشلل وغثيان شديد توجهت بصحبة زوجها الي الطبيب وهنا زف الطبيب خبر حملها «مبروك يا خالد شيماء حامل » مؤكدا علي شيماء بالراحة الكاملة في المنزل حتي لا يتضرر الطفل. هنا اختلطت دموعها بماء الوضوء وبدأت تسال نفسها تشكر الله أم تستغفرة.. كنت خائفة جدا ولم أشعر بالفرحة لأني لا أعرف معني احساس الأمومة.. وكأن الطبيب لم يوصيهم علي راحتي وبدأت مطالبهم تزداد، ومرت الأيام القاسية وكأنها سنين الي ان جاء موعد ولادتي وأنجبت بنتي ياسمين فرحت بها كثيرا وعندما رأيتها شعرت بالسعادة ولكن لم أجد الفرحة في عين زوجي وأهل زوجي إلا أنهم كانوا يريدون ولدًا. تحلمت عليِ والدتة وأشتدت قسوة زوجي ومابين القسوة والتحامل أختفت كرامتي وازدادت الإهانات والضرب المبرح، فلم يكن أمامي إلا أن اتوجة الي منزل والدتي حامله طفلتي بين يداي.. تغير ملامحي كثيرًا أختفت برائتي الطفولية وانا مازلت طفله ابنة الخمس عشر عاما، ليلة تلو الأخرى تمر وعندما حاولت أن أطالب بحقوقي أنا وطفلتي كان رده: ايه اللي يثبت انك مراتي ملكيش عندي نفقة ولا ليكي ولا لبنتك أي حقوق انا تزوجتك بوصل أمانة والمحاكم حبالها طويلة، «علي حد تعبيره»... أنا الآن اقف علي قارعة الطريق انتظر مصيري فكيف انفصل عنه د وانا لم يعترف بي القانون بزواجي فأنا تحت السن القانوني «أهلي دمروني».