بمجرد أن تطأ قدماك، نفق المعادي، يجذب أسماعك صوت موسيقي هادئة، تداعب خيال العاشقين، تستحوذ على قلوب الجميع، المثقفين والعامة، والحرفيين، فالمشهد يتجسد في ثلاث شباب، يقبعن على أطراف الطريق، يجمعهم حب الموسيقى والعزف على الجيتار والعود والساكس، يزرعون في نفوس المارة جو من الحب والسكينة والطاقة الإيجابية. حب الموسيقى والعزف، والاحساس المرهف، جمعهم ليتغنون، ويبعثون في نفوس المارة، الهدوء والحب والفرحة، ففي آخر نفق المعادي، يقبع أحمد الشيخ، أحد عاشقي ساكس فون، يعزف على آلته الموسيقية، وحيدًا، قاصدًا بث رسالة وطاقة إيجابية لكل من يسمعه، حيث دفعه عشقه لها ومهارته الخاصة لتطويعها للعزف بها في كل مكان عام.
لم يجلس عاشق الساكس، وحيدًا لفترة طويلة من الزمن، بل تعرف عليه محمد جلهوم، العازف على الجيتار، أثناء مروره من نفس الطريق، ليتفقا على ميعاد ليلي، في النفق، والعزف على آلتهم الموسيقية، التي اتخذوا منها، وسيلة لإخراج كافة طاقتهم من خلالها.
"جلهوم" يروي ل"الفجر"، بداية الفكرة واختيار النفق، قائلًا؛ "اتقابلنا صدفة في النفق كان أحمد بيعزف ساكس وحيدًا، وفي إحدى المرات، اخدنا أرقام بعض، واتفقنا على ميعاد ننزل فيه النفق"، موضحًا؛ "نفضل النفق لأن صدى الصوت بيهيألنا جو حلو كل واحد فيه بيطلع كل طاقته وبنجرب كل حاجة، غير إنك تبقي على استيدج مش عارف تجرب كل حاجة، لكن في النفق بنطلع حجات عمرنا ما بنطلعها عال الاستيدج".
ويقبع "جلهوم"، على الجانب الآخر من النفق، عرف بعزفه وموسيقاه المميزة التي تشبهه على الجيتار، والتي عند استماعها ترى ذلك الوجه الوسيم المميز بتلك العينين الضاحكتين، التي تبث في نفوس المارة الأمل، حيث يداعب خيال المراهقات.
ولكل عازف تكنيك خاص، يميزه عن الآخرين، إلا هؤلاء الشباب، جمعهم حب الموسيقى والعزف، على جوانب الطريق، أملًا في تقديم رسالة راقية، كلها طاقة إيجابية، صادقة نابعة من القلب، "هشام" عازف العود، انضم لعاشقي الساكس والجيتار، لشغفه بالعزف على آلة العود الموسيقية القريبة من القلب، وتخرج موسيقاها صادقة معبرة، مع صوته الهادئ المميز الذي يطرب أذنيك بمجرد إقدامك عليه من بعيد. وعن عشقه للموسيقى، يقول "هشام": "أنا حياتي تتلخص في الموسيقى والغناء، مقدرش يعدي يوم عليا من غير ما اعزف"، هكذا تحول عزفه على آلة العود الموسيقية إلى جزء لا يتجزأ من شخصيته، كوّنه يعزف للمارة في النفق، فيلتف حوله الشباب والكبار، منبهرين بما يقدمه وصوته.