ألقى وزير الثقافة والسياحة والآثارالعراقي فرياد رواندزي كلمة العراق في ندوة "التطرف وأثره السلبي على مستقبل التراث الثقافي العربي") والتي عقدت جلساتها أمس، في مدينة نصر المصرية والتي ينظمها الازهر الشريف بالتعاون مع جامعة الدول العربية. وأشار الوزير في كلمته إلى التطرف وأسبابه والسبل الكفيلة بمعالجته مؤكدا إن ظاهرة التطرف ليست آنية أو انفعالات لحظوية، وإنما منظومة معقدة وقائمة بذاتها، ولها مناهج وفكر وخطة وسياسات واستراتيجيات بعيدة وقريبة.
وأكد ايضا الى ضرورة ان يكون أن الموروث الثقافي المادي وغير المادي لشعوبنا بعيدا عن التفسير الايديولوجي، سواء كان هذا التفسير نابع من جماعات التطرف أو من قبل السلطة الدينية أو السلطة السياسية، وهو واجب يحتم علينا صيانة وحماية هذا التراث وجعله عاملا للتفاعلات الايجابية بين جماعات التنوع التي تعنى منطقتنا بها وان يتحول الى جسور لربط الثقافات المختلفة للشعوب العربية وغير العربية الاسلامية وغير الاسلامية.
وقال "إن الموت الذي يزرع يومياً في الازقة والشوارع ودور العبادة والفنادق والمناطق السياحية والتراثية وفي مراكز العلم والمعرفة والاعلام. والفقر والدمار اللذين يحاصران الانسان في المجتمعات المتخلفة، والبكاء والعويل الذي تجتاز مساحته حدود الإنسان والإنسانية إنما تأتي ضمن مسلسل التطرف أكثر من أي مسبب آخر".
وأضاف "إن فكر التطرف أينما وجد لا يأتي اعتباطاً، انما مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمنظومة معقدة وواسعة تغذي الإرهاب والتطرف وفق فكر ممنهج يدعو إلى الانعزال والانغلاق بدعوة إن كل جديد هو كفر ومناف للمبادئ والقيم والثوابت، وكل قديم هو وثنيات أصنام، ولعل التطرف الديني السياسي، والذي لا يمكن إنكار تواجده في مجتمعاتنا فكراً وثقافة، يتغذى من خلال هذه المنظومة والمرتبطة أيضا وللأسف الشديد بعدد من حكومات ومراكز دينية ومنابع مالية لا تنضب، وهي نصيرة للمنظومة المذكورة ورديفة لها".
واستطرد "إن ظاهرة التطرف بكل اسبابها العميقة وتجلياتها المتنوعة، تحتاج إلى تحليل عميق ودراسات موضوعية ونقاش متنوع وواسع، لا ينحصر بالجانب الفكري فقط، بل بالجوانب السياسية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والثقافية والنفسية والدينية، وذلك كي يتم التمكن من معالجة جذورها قبل التعامل مع ظواهرها، ومن خلال تفكيك هذه المنظومة ومفرداتها وعوامل وجودها ومنعها من الظهور والبقاء ولتعيد إنتاج نفسها وذلك من خلال منظومة جديدة تجمع القيم المشتركة بين البشر والنظر إليها بفكر ومنهجية جديدة، بعيدا عن الإسقاطات التاريخية والتفسيرية المصاحبة لها وضرورة تفعيل هذه القيم لتحقيق الشراكة الإنسانية وإنهاء التطرف الديني وحالة الأصولية المتنامية، والتطرف المذهبي الذي يشغل المنطقة برمتها".
وأضاف "وفي الوقت الذي نعتقد إن منظومة فكر التطرف، هي الأساس في انتشار العنف والكراهية وسياسة إلغاء الآخر والإقصاء والتهميش والاجتثاث والقتل والتشريد والهدم، فأن علاقة الحكومات والحاكم بالمواطن شابها لاستبداد وسوء استخدام السلطة وتفشي الفساد الاداري والمالي وتغافل المبادئ السامية لحقوق الانسان والحرية والديمقراطية وبناء مجتمع على اساس التنمية المستدامة والاصلاح الرامي الى انتشال الانسان من الفقر والعوز وغياب المشاريع التي يكون فيه المواطن ومنهم الشباب على وجه الخصوص هدفاً لها وبعكس ذلك فأن الادارة السيئة للحكومات أطاحت بأحلام الشباب وبالتالي نرى "اي الشباب" ينحرف نحو منظومة الارهاب التي تتخذ من التطرف منهجا وفكرا وممارسة، فوجد الشباب أمامه التطرف الديني ينفث فيه آلامه وآماله المحبطة وكراهيته للمجتمع والناس والتراث والثقافة وأي منتوج انساني أنتجه عبر الحضارات ، بالإضافة إلى أن هذا النوع من الانخراط في عالم الإرهاب والتطرف من قبل مجموعة من الشباب هو نوع من الاحتجاج على الفساد وسوء الادارة وغياب العدالة والمساواة وفرص العيش الرغيد في مجتمعاتنا".