من محاضر اجتماعات لجنة الإصلاح التشريعى قاعات المحاكم تكتظ بآلاف القضايا، ما يحول إصدار الأحكام والبت فيها بسرعة، وهو الأمر الذى دفع وزارة العدل لإجراء تعديلات على قانون"الإجراءات الجنائية" لتحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل فى القضايا، دون الإخلال بحقوق المتهمين. على مدار الأيام الماضية، نظمت الوزارة بالتعاون مع لجنة الإصلاح التشريعى التابعة لمجلس الوزراء مجموعة من ورش العمل، استمعت خلالها لأساتذة القانون والقضاة فى محاكم الاستئناف والنقض، ونادى القضاة، بهدف رصد مقترحاتهم بشأن هذا القانون. المستشار هشام حلمى، المتحدث باسم لجنة الإصلاح التشريعى، كشف أبرز المقترحات التى تلقتها اللجنة من واقع محاضر الاجتماعات، والمقرر إعلانها يوم 29 من الشهر الجارى، تمهيداً لإرسالها لمجلس الوزراء والبرلمان، لمناقشتها وإقرارها. حلمى أوضح أن قائمة المقترحات شملت إلغاء الأحكام الغيابية فى مواد المخالفات فى الجنح، أى أن المتهم يحضر بنفسه أو بوكيل عنه كما هو الوضع فى المحاكم الجنائية، إلى جانب إنشاء شرطة قضائية خاصة بالمحاكم والنيابات، نتيجة تعرض القضاة لعمليات الاغتيال، لافتاً إلى أن هذا المقترح مادة جديدة تمت إضافتها لبنود القانون. وأكد أن التعديلات المطروحة تمنح للقاضى سلطة تقديرية فى سماع الشهود، وهو ما يعنى أنه هو المنوط باستدعاء الشهود من عدمه، دون الالتزام بعدد معين، إلى جانب إفراد باب مستقل للتحقيق الابتدائى الذى يتم من خلال النيابة العامة باعتبارها سلطة التحقيق وحدها، مع التوسع فى الصلح فى الجرائم البسيطة، كى تتفرغ المحاكم للقضايا الكبرى. وتضمنت التعديلات إضافة مادة جديدة بالقانون للتفاوض مع المتهم حتى الاعتراف، وذلك كنظام للتسوية الجنائية فى الجرائم المادية التنظيمية، إلى جانب مقترح بوضع مادة أخرى تضمن توسيع نظام "الوساطة الجنائية" من خلال عرض النزاعات الجنائية البسيطة على طرف ثالث محايد كوسيط جنائى، بهدف الوصول لحل ودى بين طرفى النزاع من خلال الاتصالات والاجتماعات، ما يترتب عليه حفظ الدعوى الجنائية أو انقضائها بقوة القانون. ولسرعة الفصل فى القضايا الجنائية والمدنية، أوضح حلمى أن هناك مقترحاً بضرورة إعلان الخصوم بالدعاوى المرفوعة عليهم، مع إعادة نظام قاضى التحضير الذى يتولى تحضير الدعوى ومستنداتها وإعلان الخصوم بها، بالإضافة إلى مقترح بمنظومة إلكترونية خاصة بالأحكام الجنائية، تضمن إعلان الخصوم عن طريق البريد الإلكترونى، وتدوين محاضر التحقيق بأسلوب إلكترونى، لعدم ضياع حقوق أصحاب الدعاوى نتيجة تلف بعض الأوراق، بجانب استخدام التكنولوجيا فى التحقيقات والمعاينات التى تجريها النيابة، لضمان سرعة إنجاز سير التحقيقات وعدم الوقوع فى أخطاء. وشملت التعديلات تقليل مدة الطعن ل40 يوما بين الاستئناف والطعن، بدلاً من 60 يوما، إلى جانب إعادة النظر فى نظام القاضى الفرد فى الجنايات، حيث لا يجوز للمستشار الفرد أن يقضى بعقوبة الأشغال الشاقة أو السجن مدة تزيد على خمس سنوات، فإذا رأى أن ظروف الدعوى تستوجب القضاء بعقوبة تجاوز هذا الحد، وجب عليه إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات، فهم يلجأون لتوسيع صلاحيات القاضى الفرد. وأوضح المتحدث باسم لجنة الإصلاح التشريعى، أن التعديلات تضمنت ضرورة التوسع فى اختصاص عضو النيابة بشأن إصدار الأوامر الجنائية، خاصة المتعلقة بفرض الغرامات لتصل إلى 10 آلاف جنيه بعد أن كانت محددة ب500 جنيه، وهو ما يضمن تخفيف العبء على القضاة، مشيراً إلى ضرورة إجراء التنسيق الكامل بين المحكمة ومترجمى الإشارة للاستعانة بهم، لدعم حق ذوى الاحتياجات الخاصة فى إجراءات التقاضى. أفضل ما فى هذه التعديلات- بحسب كلام حلمي- إلغاء نظام الإكراه البدنى واستبداله بنظام "المنفعة العامة"، حيث كان الإكراه البدنى من ضمن الوسائل التهديدية لتنفيذ الأحكام، ما يمثل تعديا على حرية الفرد بتسليط جزاء جنائى لإخلاله بالالتزام انتقاما منه، إلى جانب إدراج "الحق فى الصمت" ضمن حقوق المتهم، بحيث لا يكون صمته خلال التحقيقات دليل إدانة ضده، مع زيادة قيمة الغرامة عند امتناع الشاهد عن الادلاء بشهادته من 50 إلى 1000 جنيه، ووضع نظام خاص لبعض منازعات الإتلاف والإهمال كحوادث المرور، واستحداث نصوص إجرائية تنظم إجراءات المنع من السفر والطعن عليها، بحيث يجوز لسلطة التحقيق، فى أى وقت العدول عن الأمر الصادر منها. واختتم المتحدث باسم لجنة الإصلاح التشريعى، تصريحاته قائلاً: التعديلات المطروحة تضمنت إنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم، من خلال توفير الراحة النفسية لهم، إلى جانب مادة أخرى توجب تقديم الرعاية الصحية للمسنين داخل مقار الاحتجاز أو السجون، وأن تكون أماكن الاحتجاز مجهزة صحيا بما يضمن الإسعافات الأولية للمحتجزين فى حال تعرضهم لأمراض مفاجئة.