أم مارك زوجة مصرية مات زوجها الموظف الصغير، وترك لها معاشا أصغر. ولم ترد أن تعمل شغالة للحفاظ على آخر حبال التواصل مع الطبقة المتوسطة. تعمل أم مارك طباخة من منزلها. أم مارك وأمثالها لا يمكن أن تتبرع بالفكة لأن دخلها كله فكة. ولكن فكة ساويروس وأمثاله من أصحاب المليارديرات مئات ملايين الدولارات. فكة فعلا تساعد فى إصلاح الحال الاقتصادى والاجتماعى المايل. وما بين فكة عالم أم مارك وفكة عالم ساويرس ملايين المصريين من الطبقة المتوسطة. هؤلاء المصريون يستطيعون أن يدفعوا فكة جنيهات وعشرات ومئات الجنيهات. والدليل أنهم دفعوا 14 مليار جنيه تبرعات لمؤسسات مصر الخير ومجدى يعقوب واخواتهما. ولكن هذه الطبقة لا تتحمس كثيرا للتبرع بالفكة فى مشروعات مباشرة لخدمة بلدها. لم يجمع صندوق تحيا مصر مثل هذا المبلغ فى عام. ولابد أن هناك أسبابا لهذا الإحجام. خاصة أن هذه الطبقة لم تتأثر رغم غلاء الأسعار بالفعل بجنيه أو عشرة فى الشهر. وأظن أن هذه الطبقة تشعر بالظلم والغبن. فنحن أبناء هذه الطبقة ندفع الضرائب، ونتحمل معظم الخدمات.. تعليم أولادنا خارج مدارس الحكومة والعلاج فى المستشفيات الخاصة والسيارة الخاصة بدلا من أتوبيس أو مترو الحكومة. هذه الطبقة تشقى ويطلع عينها لتحصل على شقة محترمة، فى الغالب هذه الشقة ثمن سنوات الغربة، ولكن الحكومة لا توفر لها خدمات صرف صحى وأمن وطرق جيدة. ولكننى اعتقد أن الظلم الأكبر أو عدم الإحساس بالعدل لسبب سياسى آخر. فقد تكونت فى مصر خلال فترة حكم مبارك طبقة استولت على ثروات البلد بزواج سياسى مع السلطة. هذه الطبقة لم نصل لحقوقنا منها بعد ثورتين. لم نر أى تحرك لإعادة العدالة والتوازن فى المجتمع المصرى. وعندما يحدث ذلك، وعندما يشعر كل مواطن بأن الحقوق اتردت لأصحابها. وعندما يوقن كل مواطن أن المصريين متساوون فى الحقوق والواجبات، عندما يتأكد كل مواطن أن ميزان العدل اتعدل. عندما يحدث ذلك سيتبرع المصريون بالفكة ابتداء من الربع جنيه حتى المئات من الجنيهات. فعندما يحدث ذلك سيتبرع المصريون بالفكة والمجمد.