ساندوه وهم فى مناصبهم.. فرد لهم الجميل بوظائف فى شركاته لا يترك رجل الأعمال نجيب ساويرس، مناسبة، إلا وردد أن حال مصر لا يرضيه، وأن حكومتها فاشلة وتعمل ضد الاستثمار، رغم أنه أحد رجال الأعمال الذين استفادوا من جميع الحكومات المتعاقبة، سواء فى عهد مبارك أو ما تلاه من عهود، فى محاولة صريحة للابتزاز لتنمو أعماله دوماً وتزيد ويمتد نفوذه إلى مساحات جديدة فى الاقتصاد المصرى. يهاجم ساويرس الحكومة، رغم أن عددا من وزرائها، قدموا له خدمات ساهمت فى نمو أعماله، أو فى تمكينه من الهروب من دفع ضرائب، ما ساهم فى تضخم إمبراطورية رجل الأعمال، لذا يأتى ساويرس، ببعض الوزراء السابقين الذين ساندوه إلى مجلس إدارة شركاته، بعد أن حصلوا على علاقات ومعلومات خلال توليهم مناصبهم. طموحات وأحلام ساويرس، فى التوسع لم تنته، ولا يزال يخطط للصفقة الأكبر والأهم له، والتى يتم التجهيز لها جيداً، وهى محاولته الاستحواذ على شركة «آى سى كابيتال» ودمجها فى شركة بلتون، وهى الصفقة التى تجعله فى حال إبرامها، مسيطراً على أكثر من 25 % من السوقين الاستثمارية والمالية فى مصر، وتمكنه من الاطلاع على جميع تفاصيل الاقتصاد المصرى، وخطط الحكومة وقراراتها ومفاوضاتها وسياساتها المالية، ليكون «بلتون- آى.سى كابيتال» أكبر بنك استثمارى، فى مواجهة المجموعة المالية هيرمس. لذا بدأ ساويرس فى إطلاق قذائفه ضد الحكومة، ليتمكن من تحقيق حلمه بامتلاك بنك استثمارى كبير، الآن، بعد أن فشلت محاولاته لتأسيس أو امتلاك بنك تجارى، فى السابق، حيث أجرى تعديلات فى تشكيل مجلس إدارة شركتى أوراسكوم، وبلتون، التى امتلكها مؤخراً، بضم أشرف سالمان، وزير الاستثمار السابق، والذى غادر الوزارة فى مارس الماضى، إلى مجلس إدارة الشركة، فى يوليو المقبل. سالمان ليس الوزير الوحيد الذى يعمل فى إمبراطورية ساويرس ولكن هناك آخرين بما يشبه حكومة موازية، حيث يضم مجلس إدارة بلتون، الدكتور أحمد جلال، وزير المالية الأسبق، ومنير فخرى عبد النور، وزير الصناعة السابق، وعاطف حلمى، وزير الاتصالات الأسبق، الذى انضم لمجلس إدارة شركة أورانج الجديد. ولمعرفة معنى انضمام مسئولين سابقين للعمل مع رجل أعمال، يجب أن تقرأ قانون تعارض المصالح، وفى جميع الأحوال سيستفيد ساويرس من علاقات هؤلاء الوزراء القوية، ومعلوماتهم الدقيقة عن الاقتصاد المصرى، كما أن تعيين هؤلاء الوزراء السابقين، هى خطوة ل»رد الجميل» لهم عن القرارات التى استفاد منها خلال فترة توليهم مناصبهم، وهو الأمر الذى يفسر لماذا يتخذ المسئولون قرارات فى مصلحة الكبار دائماً. 1- أشرف سالمان.. مهندس نجاة أوراسكوم من ضريبة البورصة أشرف سالمان هو الخبير فى صفقات إعادة الهيكلة المالية والاستثمارات، وشغل عدة مناصب مصرفية ومالية فى القطاع الخاص، ولذلك كانت أولوياته دائماً تشجيع استثمارات القطاع الخاص ورجال الأعمال. وتجمع سالمان وساويرس، علاقة جيدة، ليست خفية، حتى أن الأخير هاجم وبشدة منتقدى الوزير، خلال المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، فى مارس من العام الماضى، ووصف سالمان بأنه أفضل وأنشط الوزراء فى الحكومة وأنه الذى ساهم فى نجاح المؤتمر. وفى 18 مايو 2015، نجح سالمان فى الضغط على الحكومة، لإصدار قرار بتأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة لمدة عامين، ومع الضغوط التى مارستها شركات الأوراق المالية، رضخت الحكومة للاقتراح، وبرر الوزير الأمر بأن هدفه الحفاظ على مناخ الاستثمار خاصة بعد أن شهدت مؤشرات البورصة هبوطاً حاداً، وكان من الواضح أنه متعمد. ومن الأمور المهمة التى تم استخدامها فى معركة الضريبة، هى خضوع مستثمرى البورصة لنوعين من الضرائب، الأولى، على الأرباح الرأسمالية والثانية على توزيعات الأرباح النقدية، ومن المعروف أن شركة أوراسكوم للاتصالات، والتى يملكها ساويرس هى من أنشط 10 شركات مدرجة بالبورصة المصرية تداولاً وأكثرها فى التوزيعات النقدية. ولا نستطيع أن نغفل أن سالمان صاحب خبرة فى تقييم وهيكلة أكثر من 200 شركة تمت خصخصتها، وأنه كان صاحب أول تصريحات تخرج من الحكومة عن فكرة طرح أسهم للشركات الحكومية الناجحة بالبورصة لزيادة رأس مالها وهو ما يجعل ساويرس أحد المستفيدين من هذه الطروحات إن آجلاً أو عاجلاً. 2- أحمد جلال.. وزير التصالح فى قضية الضرائب أحمد جلال، وزير المالية، فى حكومة حازم الببلاوى، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، وتولى المنصب فى يوليو 2013، يشغل حالياً منصب رئيس منتدى البحوث الاقتصادية وهو مؤسسة بحثية مدعومة من البنك الدولى ومنظمة الأممالمتحدة. وكان جلال يعمل خبيراً اقتصادياً لدى البنك الدولى، ولا يخفى على أحد توجهاته التى كانت داعمة وبقوة لمصالح رجال الأعمال، منذ كان مديراً للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، الذى أسسه جمال نجل الرئيس الأسبق حسنى مبارك، إلى جانب مجموعة من كبار رجال الأعمال، الذى أصبح بعضهم وزراء فى حكومة الدكتور أحمد نظيف، والمعروف أن المركز كان يدافع عن مصالح النخبة الاقتصادية فى مصر. وفى أكتوبر 2013، أصدر جلال، عندما كان وزيرا للمالية، قراراً بعدم اتخاذ أى إجراء قانونى ضد أى متهرب من الضرائب، خاصة رجال الأعمال، إلا بعد مواجهتهم بالمخالفات والمستندات، معللاً ذلك، بالحفاظ على حركة الاستثمار داخل مصر ولم يحدد القرار فترة محددة للتصالح. كان نظام جماعة الإخوان، قبلها، قد شن حملة كبيرة ضد ساويرس، فى قضية تهربه من الضرائب عن بيع حصته فى شركة لافارج الفرنسية للأسمنت، بقيمة 14 مليار جنيه، والتى انتهت فى عهد جلال بالتصالح مع مصلحة الضرائب، حيث سدد ساويرس 2.5 مليار جنيه، كاش، واتفق على جدولة باقى المستحقات البالغة 7 مليارات جنيه. 3- عاطف حلمى.. مخطط إفشال الرخصة الرابعة للمحمول يعتبر عاطف حلمى، وزير الاتصالات الأسبق، أهم الوزراء الذين يرد لهم ساويرس، الجميل، بحكم عمل حلمى، فى قطاع الاتصالات، حيث استفادت موبينيل، شركة الاتصالات المملوكة لساويرس، فى عهد الوزير، لتصبح الشركة درة أعمال رجل الأعمال. أما كيف ساند الوزير السابق ساويرس، فأمر يسير للغاية، إذ يمكن لأى شخص العودة لتصريحات الوزير فى أكتوبر 2014، عن أن منح الرخصة الرابعة للمحمول، للشركة المصرية للاتصالات، واجب وطنى، ولكنه وفى فبراير 2015 وقبل خروجه من الوزارة، ابتكر فكرة إنشاء كيان جديد للبنية الأساسية بقطاع الاتصالات لإفشال فكرة الرخصة الرابعة وقال إن ذلك الكيان سيكون نشاطه إنشاء وتشغيل وتأجير البنية الأساسية لخدمات الاتصالات تحت اسم الكيان الوطنى للاتصالات، والذى كانت ستشارك فيه شركات المحمول الخاصة، وهو ما اعترضت عليه جهات سيادية، لحماية الأمن القومى للبلاد. ومن المعروف أن شركة موبينيل، التى أصبحت أورانج، كانت من أشد المعارضين لفكرة الرخصة الرابعة للمحمول. وأعلنت رفضها مشاركة الشركة المصرية للاتصالات أرباحها فى السوق، وفى مارس 2016 وبعد أن باع ساويرس 5% من أسهمه للشركة الفرنسية الأم والتى كانت تمتلك بالفعل 95% من الأسهم كان أول قرار للشركة هو تعيين الوزير السابق عاطف حلمى، رئيساً لمجلس إدارتها. 4- منير فخرى عبدالنور.. وزير حماية «سكر ساويرس» كان منير فخرى عبدالنور، وزير الصناعة والتجارة فى حكومة الببلاوى، هو أصلاً رجل أعمال كان لديه استثمارات من خلال شركة فيتراك للصناعات الغذائية، وخبرات اقتصادية سابقة حيث شغل عضوية مجلس إدارة البورصة المصرية وكان عضوا بمجلس إدارة مركز بحوث الدول النامية. وعندما تولى المهندس إبراهيم محلب، رئاسة مجلس الوزراء، أشرف على وزارة الاستثمار بجانب وزارة الصناعة والتجارة، ما يعنى التحكم فى نحو نصف وزارات المجموعة الاقتصادية. اشتهر عبد النور، بأنه حامى التجار والمحتكرين ورجال الأعمال، بعد اتخاذه عدة قرارات أدت لرفع أسعار الأرز والحديد والأسمنت والسكر، حيث أصدر فى إبريل 2015، قراراً بفرض رسوم وقائية على واردات السكر الأبيض بنسبة 20% من القيمة بحد أدنى 700 جنيه للطن، لمدة 200 يوم، وتم الترويج للقرار بأنه لحماية الصناعة المحلية لكنه أدى لارتفاع الأسعار بعد أن مكن تجارا وصناعا بعينهم كى يتحكموا فى السوق وأهمهم ساويرس الذى يملك شركة النيل لصناعة السكر. ساويرس لم يخف مشاعره ناحية عبد النور، فأشاد بالقرار الذى يحمى شركته، الشركة الوحيدة من القطاع الخاص المنتجة للسكر، من الإغلاق مع انخفاض سعر السكر عالمياً، فى حين أن بقية الشركات المهمة فى السوق شركات حكومية مثل الدلتا والدقهلية والنوبارية والمصرية المتحدة للسكر. هذه العلاقة بين الوزير ورجل الأعمال، تفسر سر هجوم عبد النور على محافظ البنك المركزى، طارق عامر، الذى تدخل لمنع حصول ساويرس، على صفقة سى آى كابيتال.