مازالت كارثة انهيار العقارات تغتال محافظة الإسكندرية، ومازال الفقر يحاصر الكثير من أبنائها في المناطق والقرى التي يقطنون بها. ففي عزبة " التوفيقية التابعة لمنطقة "كرموز" تعيش أسرة كاملة في مأساة كبرى أسفل عقار يحمل رقم "3" تسببت موجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها مدينة الإسكندرية في إنهيار أحد الأسقف به، وهو ما ينبأ بكارثة على وشك الحدوث بالعقار المكتظ بالسكان والذي يتكون من طابق أرضي وعلوي، وقد تجمع كل ما فيه في أحد الحجر للجلوس بها بعد أن حكمت عليهم ظروفهم المادية في البقاء والمغامرة بأرواحهم في انتظار يسمع لهم أحد المسؤولين من حي غرب الإسكندرية، ذلك الحي الذى يتردد عليه أهالي العقار من حين إلى أخر للمطالبة بتعويضهم ولو بشقة صغيرة . ويقطن بالعقار مسنة تبلغ من العمر 91 عام والتي أجبرها المرض على عدم الحركة وملازمة الفراش وتقضية حاجتها الأنسانية في نفس المكان التى تجلس عليه، وبرغم ما هى عليه فكل ما تحلم به هي شقة صغيرة تقضى بها أخر أيامها في هذا الدنيا كما تقول. وتقول "سحر محمد السيد" 47 عام أحد قاطني العقار :" أقطن في هذا العقار منذ 30 عام وقد قمت بتأجير حجرة بأسفلها بعد أن قمت ببيع ذهبى لمساعدة زوجى ، وأخذن الحجرة وقمنا بتوديبها وجبنا العفش بها ويعلم ربنا ما مرينا به خلال السنوات الماضية ، فزوجى يعمل نجار وليس له مرتب ثابت والحالة المادية سيئة ويأدوب اللى جاى على قد اللى رايح ، ووالدتى المريضة جاءت للعيش معنا والعبئ المادى قد زاد علينا وبرغم ذلك فدائما ما نحمد الله لأن يوجد من هم أسوء منا ، وبعد سنوات قليلة بدأت أجزاء من العقار تنهار من حين إلى أخر وكنا دوما نقوم بإصلاحها على الفور بعد أن نقوم بجمع المبلغ المالى ، ولكن مع الوقت العقار كان بيقدم ولازالت أجزاء منه تتساقط وقد قمنا بالذهاب وعمل 3 محاضر عشان الحى يجى ويشوف العقار ولكن محدش سأل فينا إلى أن جاءت نوة الأمطار الأخيرة منذ أسبوعين وأستيقظنا صباحا على أنهيار سقف الحجرة الداخلية والتى دوما ما نعيش بها ولاجل مشيئة الله ففى هذا الأسبوع كنا ننام فى حجرة أخرى خالية ، وبعد إنهيار السقف تسارعنا إلى الخروج من العقار ونحن نصرخ من هول المنظر وأبكى على أمى السيدة المريضة التى توجد بأعلى العقار وتلازم الفراش جراء مرضها". وأضافت :" بعد سقوط سقف العقار تسارع جميع الأهالى ألينا للأطمئنان وقاموا بالدخول إلى العقار لأخراج من كانوا فيه وقاموا برفع والدتى وقاموا بالخروج بها ، واستمرينا على هذا الوضع يومين فمنا من ذهب للجلوس عند الجيران والأخر من ذهب إلى الحى للأبلاغ عن الأنهيار وعشان يجبلونا لجنة تعاين ونقدر أننا نخرج من هنا على شقة ولو حتى حجرة وصالة ، ولكن رئيس حى غرب رفض يقابلنا ويقولنا اللقاء الجماهيرى يوم الأتنين ولكننا أستمرينا فى الذهاب كل يوم إليه إلى أن قام بأرسال شخص عاين العقار وقالنا غلط أنكم تقعدوا فيه على الحالة دى ، ولكنه أعطانا مسكنات دون حل وبعد يومين ذهبنا إلى الحى مرة أخرى وقام الحى بإرسال مهندسة معنا لمعاينة العقار وقالتلنا غلط أنكم تقعدوا كده وأنا هعملكم أمر أزالة ، وقد قام الحى بعدها بإعطائى ورقة على أن نذهب ونعيش أن وأسرتى فى مبنى الأغاثة الذى يشبه الملاجئ بمنطقة الدخيلة لأن الحى لا يملك شقق لإعطائنا ، فروحت مرة أخرى إلى رئيس الحى وقالى معنديش شقق ولو فى هنبقى نيجى ونشوف أمركم ومازلنا نحاول من وقت للتانى أننا نروح الحى على أمل أنهم يعوضونا بشقة ولو صغيرة ". وتقول "وحيدة توحيد سيف النصر " 91 عام أحدى قاطني العقار :" منذ 4 أعوام ونص قمت بعمل عملية وركبت 10 مسامير و3 شرائح فى رجلى ، وعشان أنا وحدة كبيرة فى السن فالمسامير وقعت فالدكاترة قالولى مش هينفع نركبلك مسامير تانى ولازم تستريحى ، ومنذ هذا الوقت وأنا أصيبت بشلل فى قدمى ولا أستطيع أن أتحرك وأصبحت ملازمة للسرير حتى حاجتى الأنسانية أقوم بتقضيتها فى قورص بلاستيكى أسفل منى ، وأنا ماليش حد فى الدنيا دلوقتى غير بنتى فزوجى توفى من 12 عام وأبنى توفى من 24 يوم ، والبيت ده معندناش غيره ووقت ما سقف الحجرة وقع جميع الأهالى تسارعوا لأخراجى من هنا ولكنى اصريت فى الجلوس به مرة أخرى لأنى عندى أموت هنا ولا أروح أتقل على حد وكل واحد عنده ما يكفيه فأنا سيدة على وشك الخروج من هذا الدنيا وأعيش على معلش زوجى ال400 جنية بجيب بيهم علاج وبحاول أسعد فى معيشة البيت لان الحالة المادية سيئة جدا هنا ، وهى من جعلتنا نعيش فى عقار أوشك على الأنهيار واحنا بداخله فأنا مبقتش خايفة على نفسى لانى فى أخر أيام عمرى ولكنى أخاف على أبنتى وأطفالها فكل ما أطلبه من المسؤولين أن ينظروا إلينا بعين من الرحمة ، وأن يوفروا لنا ولو حتى حجرة بصالة نقطن بها".