قبل أيام؛ أجرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتصالا هاتفيًا بقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بحثًا عن طمأنتهم جراء ما تم التوصل إليه من اتفاق الإطار النووي بين طهران ودول مجموعة "5+1"، في الوقت الذي لم تشهد المفاوضات وجود أي من دول الجوار، حيث طلب الرئيس الأمريكي لقاء قادة التعاون الخليجي في البيت الأبيض وكامب ديفيد يومي 13 و14 مايو الجاري. لا خلاف على الحوار والنقاش والتفاوض حيال كافة القضايا ومختلف الموضوعات التي تعج بها المنطقة وتفرض حوارًا دائمًا بين أطرافها الفاعلين وإن كنا نتمنى أن يكون هذا الحوار بين الطرفين قبل التوصل إلى النتائج المؤثرة على قضايا المنطقة وليس بعد ذلك، ويا حبذا لو كان اللقاء في إحدى دول المنطقة حتى يكون تحت لهيب الصراعات وجحيم الصراعات وليس في أجواء المكيفات والاستراحات، حيث إن ذلك يرجح من احتمالات ان تتحول اللقاءات والمباحثات إلى تطييب خواطر مما يفقدها الكثير من الأهمية. وحيث إن اللقاء سيتم وبعد التوصل لاتفاق الإطار بين إيران ومجموعة 5+ 1، فإننا لا نملك سوى ان نضع بين يدي المؤتمرين من قادة دول الخليج مجموعة من الملاحظات حول هذا الحدث الذي تم ولم يبق لنا سوى البحث عن كيفية تجنب آثاره الخطيرة على أمن المنطقة . أولى هذه الملاحظات إلى لقاء كامب ديفيد أنه من الصعوبة الثقة في إدارة تتناقض تصريحاتها المغلفة بالتأكيد على علاقات التحالف والتعاون الاستراتيجي مع الدول الخليجية وبين سلوكياتها وسياساتها التي كانت من أبرز اسباب وعوامل التوتر في المنطقة وأكبر حائل أمام تسوية الكثير من الأزمات بسبب تعارض أهدافها ومصالحها مع المصالح العربية عمومًا وتقاربها بشدة مع المصالح الإيرانية وهو الأمر الذي سهل وحفز على التوصل لاتفاق الإطار النووي، ولعلنا شهدنا سعيًا حثيثًا وغريبًا من أوباما حتى بدا وكأن هذا الموضوع يخص أميركا وليس إيران التي أظهرت تمنعًا بينما كان كان يبدي أوباما تساهلاً شديدًا وإعجابًا أشد حيال إيران رغم أنه حرص على الصرامة والجدية عند الحديث على دول الخليج ولم يجد حرجًا في توجيه تحذيرات لهذه الدول بأن الخطر عليها داخلي وناتج عن عدم تلبية طلبات الشعوب في الوقت الذي كال فيه المديح والإطراء على إيران والنظام الإيراني الغارق في انتهاكات حقوق الإنسان والذي يبدع في مختلف صنوف وألوان الديكتاتورية والقمع . ثانيا: فإن أوباما قدم تنازلات كثيرة كي يغري الحليف الإيراني على التفاوض والتوصل لاتفاق نووي وكان آخرها شطب اسم إيران وذراعها اللبناني، حزب الله، بطريقة غريبة من قائمة التهديدات الإرهابية الصادرة عن الاستخبارات الوطنية الأميركية في الوقت الذي يتورّط فيه الحرس الثوري الإيراني ومقاتلو حزب الله مع نظام الأسد في سوريا، وفيما تعيث الميليشيات الحوثية الشيعية المدعومة من إيران خراباً في اليمن. أخيرا وبغض النظر عن رغبة البيت الأبيض في تهدئة دول الخليج فالواقع يؤكد أن إيران لن تلتزم بأي اتفاقيات مستقبلا وهو ما يزيد المخاوف من تداعيات وتأثيرات أي اتفاق نووي، وهو ما يضع تحديا هائلاً أمام اجتماع كامب ديفيد، إذ كيف يمكن كبح جماح الدولة الإيرانية بعد أن يتم التوصل لاتفاق يخلصها من كل القيود التي كانت تشل يدها عن المنطقة؟! يدل على ماسبق، ما قاله ديفيد روثكوبف، المسؤول السابق في إدارة كلينتون والرئيس التنفيذي ورئيس تحرير مجلة "فورين بوليسي" بأن لغة الجسد الأمريكية في المحادثات أوحت بأننا نريد التوصل إلى اتفاقية أكثر مما تريد إيران ذلك، وهذا شيء خطير للغاية ولا سيما في ظل غياب استراتيجية أوسع. كما أكد دوف زاخايم، وكيل وزارة الدفاع الأميركية ومراقب حسابات الوزارة خلال السنوات الأولى من إدارة جورج بوش، ونائب رئيس "المركز من أجل المصلحة القومية" وعضو المجلس الاستشاري لمجلة "ناشونال إنترست" أن مبادرات ادارة أوباما بشأن المنطقة ضخّمت توسيع النفوذ الإيراني، قائلاً :"إن هذا ليس بالشيء العارض، إذ إن محاولات الإدارة الأوسع لتحويل طاقتها نحو السياسات الداخلية تقود في اتجاه نشأة سيادة مشتركة إقليمية مع الجمهورية الإسلامية، أو حتى تعهيد المصالح الإقليمية الأمريكية إلى إيران.