أفيخاي أدرعي هو المتحدث الرسمي لجيش الكيان الصهيوني بفلسطين منذ عام 2005، رتبته العسكرية هي "راف سيرن" بمعنى رائد، ولد أدرعي عام 1982 بمدينة حيفا إحدى المدن الساحلية شمال فلسطين، والتحق بجيش الكيان الصهيوني في بدايات عام 2001. ينحدر أدرعي من أصول سورية يهودية هاجرت من الدرعية - إحدي المدن السورية - منذ عقود، في أعقاب الإعلان عن قيام دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين في 14 آيار من عام 1948، وهذا سبب إتقانه للغة العربية وطلاقة لسانه بها. بالأمس، قام أدرعي بنشر مجموعة صور علي صفحته الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك"، لمجموعة من جنود جيش الكيان الصهيوني أثناء محاولتهم مساعدة "كلب" عَلِقَ بين الصخور، كاتباً "على الحدود الشمالية رصد جنودنا كلب وهو محاصر بين الصخور مما دفعهم لإنقاذه فوراً، لأن الإنسانية ليست ديناً، إنما رتبة يصل لها بعض البشر ويموت آخرون دون الوصول لها". نشر أدرعي هذه الصور في إسقاط علي فيديو ذبح كلب علي أيدي مصريين بشبرا قبل يومين، ولست بصدد الدفاع عن هذا الفيديو فما رأيناه لا يَمُت للإنسانية بصلة، ففي مشهد همجي إلتف قرابة العشرون رجل علي كلب، وقيدوه بأحد أعمدة الإنارة وانهالوا عليه ضرباً بالأسلحة البيضاء حتي سقط قتيلاً، في مشهد أقل ما يوصف به أنه "لا إنساني"، إلا أن الدهشة تملكتني وقتما رأيت ما كتبه إدرعي عن إنسانية جنود جيش الكيان الصهيوني المزعومة مع كلب، وتبادر إلي ذهني وقتئذ أرشيف كبير لهذا الجيش العرمرم من "الإنسانية" التي لا يعرفون عنها شيئ. تجلت "إنسانية" جيش الكيان الصهيوني في أكثر من مشهد أمامي لعل أهمهم ما حدث في 8 إبريل 1970 عندما مات أكثر من 50 طفل مصري في مذبحة قام بها جنود جيش الكيان الصهيوني الأشاوس من سلاح الجو اليهودي فيما عرف ب "مذبحة مدرسة بحر البقر الإبتدائية"، وكذا ما حدث في 16 سبتمبر 1982 حينما مات اكثر من 3000 فلسطيني ولبناني ما بين أطفال، عزل، شيوخ ونساء في مذبحة قام بها جنود جيش الكيان الصهيوني بقيادة "آريئيل شارون"، فيما عرف ب "مذبحة صابرا وشتيلا". لم تقف "إنسانية" جنود جيش الكيان الصهيوني عند هذا الحد وإنما بلغت قمتها في 30 سبتمبر 2000، وتحديداً في اليوم الثاني من الإنتفاضة الثانية للأقصي، عندما إلتقطت عدسة المصور الفرنسي "شارل إندرلان" مشهد للطفل "محمد الدرة" وهو يحتمي بوالده جمال الدرة خلف برميل إسمنتي، استمات لبعث إشارات لمطلقي النيران من جنود اليهود لوقف الإطلاق، وسط نحيب الطفل الذي لم يدرك بعد أنه وبعد ثوانٍ معدودة سيصبح حديث العالم أجمع كمثال حي "لإنسانية" جيش الكيان الصهيوني مع طفل وأب يستنجدان بشكل هستيري لوقف إطلاق النار، فيقوم جنود اليهود بإطلاق النار صوب الطفل، ليسقط مستلقيا علي فخذ أبيه الذي استسلم لموت ابنه، فأوقف إشارات الإستغاثة وارسل يديه بين جنبيه ناظرا للسماء ليقينه أن ابنه الآن بين يدي الله، داعياً الله بعينٍ دامعةٍ ولسانٍ فقد النطق أن يريحه كما أراح إبنه صاحب الأحد عشر عاماً. أخر مشاهد "الإنسانية" الصهيونية تجسدت في 22 مارس 2004 ، عندما قام سلاح الجو اليهودي بإطلاق عدة صواريخ استهدفت الشيخ "القعيد" أحمد ياسين بينما كان عائداً من أداء صلاة الفجر علي كرسيه المتحرك بحي صبرا في غزة، بعملية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتئذ أريئيل شارون، قامت مروحيات الأباتشي الصهيونية بإطلاق 3 صواريخ تجاه ياسين المُقعد وهو في طريقه إلى سيارته مدفوعاً على كرسيه المتحرك من قبل مساعديه، فسقط ياسين شهيداً في لحظتها وجرح اثنان من أبنائه في العملية وقتل معه سبعه من مرافقيه. هذه هى إنسانية أدرعي وجنود جيش الكيان الصهيوني كما عاهدناها وألفناها، فالدم طريقهم والخسة نهجهم والخيانة دينهم وديدنهم، لا تتحدثوا على الإنسانية كي لا تلوثوها، فأخر من يتحدث عنها أمثالكم ولتحاولوا فيما تتقنونه فسيكون أصدق وأحق من إدعاء الإنسانية الزائفة.