*بعد قراءتك للمقال سيبدو الشعب المصرى وكأنّه "الراجل اللى إشترى العتبة" بموافقته على مجرّد الإستماع لأى دعوة لمُصالحة وطنيّة ،فلا مُصالحة مع الكذابين ،هكذا تعلمت من الشعب الأمريكى الصّديق عند تعامله مع رئيس شرعى مُنتخب.
*تبدأ فصول القصّة فى الولايات المُتّحدة الأمريكيّة وبالتحديد مع بدايات شتاء عام 1972 ، نحن الآن أمام المرشّح الجمهورى "ريتشارد نيكسون" للمرّة الثانية على مقعد الرّئاسة أمام المرشّح الدّيمقراطى "إدموند مُوسكى" ذى الأصول البولنديّة.
*تبدأ ألاعيب المُرشح نيكسون القذرة على يد الفأر القذر المدعو "جنزو" كما يحب أن يناديه الناس وهو الصحفى "هنتر تومبسون- صاحب الصورة فى المنتصف" ،حيث بدأ الصحفى القذر أولاً بتبنّى نظريّة أو فكرة أطلقها أحد الأشخاص ويُدعى "ويليام فوكنر" والتى تقول أنّ أكثر القصص خيالاً قد تُصبح أكثرها تصديقاً إن قام بصنعها كاذب مُحترف وقام ببيعها للجمهور، وعليه فقد قام الصحفى هنتر بإختلاق كذبة من محض الخيال ضدّ المُرشّح "إدموند موسكى" ومفادها أنّ موسكى يبدو مرتبكاً ومرتعشاً بسبب إدمانه على نوع من العقاقير يُسمى "إيبو غايين" وهو عقار يُسبب الهلوسة قام الصحفى بنشر صورتين لإدموند أحدهما قبل والأخرى بعد ويظهر فى "بعد" منتفخ الجسد بشكل مَرَضى، فى البداية أطلق الصحفى تلك الإشاعة بين زملائه الصحفيين ليرى ردّة فعلهم كنوع من الإختبار لمدى قدرته على تصدير الكذبة فوجد أنّ كثيراً منهم بدأو فى تصديقه بالفعل ، لينتقل للمرحلة الثانية وينشر تقريراً صحفيّاً عن أن المرشح الديمقراطى "إدموند" يكون مشلول دماغيّاً "مسطول" وهو تحت تأثير العقار وبالإمكان أن تتأكّد الجماهير من صدق كلامه بمراقبته أثناء خطاباته ، "فرانك مانكيوزك" خبير الحملات الإنتخابيّة للحزب الديمقراطى قال تعقيباً أنّ تقرير هنتر عن حالة المرشّح إدموند "شديدة الدّقّة" ، قام الصحفى لاحقاً – لتفادى المُساءلة القانونيّة – الإدعاء أنّ مقالته كانت محض شائعات ، ولكن بعد أن لمست الوتر المطلوب لدى الجماهير"العيار اللى مايصبش يدوش".
*لم يتوقّف الأخ "نيكسون" عند تلك الحيلة بل لجأ لحيلة أكثر إنحطاطاً ، حيث قام بنشر مجموعة من الرّسائل المزيّفة والملفّقة فى جريدة "مانشستر يونيون" وسُمّيت "رسائل كانوك" ، وهى عبارة عن مجموعة من الرسائل منسوبة زوراً وبُهتاناً لإدموند على أنّه يقوم بالسخرية من مواطنى ولايات بريطانيا الجديدة السّتة (ماين- نيوهامبشاير- فيرمونت- ماساش سوستس- رود أيلاندز-كونتيكيت) من أصحاب الأصول الفرنسيّة ، وبالتالى تخريب صورته أمام ناخبيه فى تلك الولايات ، ليس هذا فقط ،بل شملت الرسائل على إدعاءات تمس زوجة إدموند "السيدة جاين" وأنّها سكّيرة و تتحدّث بعبارات عنصريّة خلال حملة زوجها الإنتخابيّة.
*قام إدموند بالدفاع عن زوجته فى موقف درامى خارج الجريدة متجمّداً تحت عاصفة ثلجيّة - أنظر الصورة- وقيل أنّ عينيه دمعتا مِمّا أظهره بموقف الضّعيف رغم أنّه ذكر أن المياه التى كانت على خدّه هى حبات ثلج ذائبة ، لكن الحيلة نجحت وتدمرت صورة إدموند فى عيون ناخبيه ، لم تظهر براءة إدموند إلا بعد الكشف عن "بلاوى فضيحة ووتر غيت".
**"إنّ رَبّكَ لَبِلْمِرْصَاد" *باختصار فضيحة "ووتر غيت" هى عبارة عن وضع نيكسون أجهزة تنصّت على أفراد من الحزب المُنافس له "الحزب الديمقراطى" فى مُجمّع سكنى يسكن فيه مُعظم أفراد الحزب الديمقراطى المنافس له ويُسمّى (المُجمّع السّكنى لووتر غيت) ليتجسس عليهم ويعرف بتحركاتهم، فى 17 يونيو 1972 تمّ القبض على خمسة أشخاص فى واشنطن بمقر الحزب الديمقراطى "المُنافس لنيكسون" وهم ينصبون أجهزة تسجيل مُموّهة وكان البيت الأبيض بالفعل قد قام بتسجيل 64 مكالمة ،إستقال الرئيس نيكسون بعد إنكار طويل فى أغسطس 1974 وتمّت محاكمته بسبب الفضيحة ، 8 سبتمبر 1974 الرئيس جيرالد فورد يُصدر عفواً بحقّ نيكسون.
1- مارس 1970 أحد المُدانين السّبعة بوضع أجهزة تصنّت يُرسل رسالة إلى المحكمة بتورّط أطراف عليا فى الدّولة.
2- المبالغ الماليّة المضبوطة بحوزة المُدانين فى حساباتهما المصرفيّة لها علاقة بحملة نيسكون الإنتخابيّة.
3- الصحفيان الشابان من جريدة واشنطن بوست يتلقيّان من شخص مجهول (ديب ثروت) معلومات تشير لعلاقة أكيدة بين المُدانين السبعة وبين جهات رفيعة مثل (ال إف بى آى الفيدرالى ، ال سى آى أيه المُخابراتى ، البيت الأبيض) ويقوم الصحفيان بنشر المعلومات لتشتعل القضيّة.
4- بدلاً من أن تنتهى القضيّة بإدانة المتهمين السبعة "ويتكفى عالخبر ماجور" يتوسع التحقيق ليشمل طاقم البيت الأبيض بسبب تقاريرالصحفيّان المُشاغبان.
5- يرفض نيكسون تسليم أشرطة تسجيلات البيت الأبيض "مكالمات تلفونية وتسجيلات تلفزيونيّة" مستغلاً سلطته التنفيذية ، ثم يقوم بتسليمها لاحقاً للمحكمة بعد حذف أجزاء منها والإدعاء أنها حُذفت عن طريق الخطأ ، ال"سى آى أيه" يعرقل توصيل أشرطة بحجّة أنها تشمل معلومات تخصّ أمن الدّولة.
6- الثلاثين من يوليو تأمر المحكمة بالكشف عن محتوى الأشرطة بالكامل.
7- الأول من مارس 1974 حكم نهائى بحق المُدانين السبعة والإشارة لنيكسون كشريك معهم.
8- الحالة الدستوريّة لنيكسون أكثر هشاشة والكونغرس مُجمع على عزله.
9- الثامن من أغسطس 1974"بيدى لابيد عمرو" ، الرئيس الأميريكى نيسكون يستقيل فى خطاب مُتلفز ،8 سبتمبر جيرالد فورد الرئيس الجديد يُصدر عفواً رئاسيّاً عن نيكسون.
*(ريتشارد ميلهاوس نيكسون الرئيس 37 للبيت الأبيض ،مولود فى 9 يناير 1913 كالفورنيا ،توفى 22 أبريل 1994 فى نيويورك ) *(إدموند سيكتوس ماركيزوسكى /إد موسكى ،سيناتور أميريكى ،مولود فى رمفورد مايْن 28 مارس 1914 ، وتوفى 26 مارس 1996 فى العاصمة واشنطن).
*تمّ تسجيل الأحداث فى فيلم سينمائى روائى "كل رجال الرئيس" بطولة روبرت ردفورد وداستن هوفمان إنتاج 1976، حيث قاما البطليْن بتمثيل دور الصحفييْن (كارل برانستايْن – بوب وود وارد) من صحيفة واشنطن بوست وكانا العامليْن الأساسييْن فى كشف جرائم الرّئيس القذر.
**قم بمقارنة الأحداث السابقة بين نيكسون وخصومه وكيفيّة وصوله لكرسى الحكم عن طريق "الشرعيّة القذرة" ، وكيفيّة معاملة الشعب الأميريكى له رغم تورّط أجهزة كبرى فى الفضيحة - وهى فضيحة لا ترقى للتخابر مع أجانب أو العفو الرئاسى عن إرهابيين أو الإتفاق على التنازل عن أراضى الدولة للغير أو عرض موانئ الدولة وآثارها لحقوق إنتفاع - مع فضائح "مرسى" ،كانت مشكلة نيكسون تنحصر فى تنصّته على معسكر خصومه فقط لاغير.
*الأخ "حمزاوى" إعتدنا على مشاهدته عبر الأقمار الصناعيّة "من واشنطن" قبل العام 2011 على قناة العزيزة ليُصدّع رؤوسنا بدروسه فى العلوم السياسيّة والديمقراطيّة الغربيّة ليحل علينا بعد ثورة 25 يناير رأساً، ولاحقاً الأخت "كرمان" ، يرغبون فى تجربة خلاصة علومهم فائقة التقدّم علينا نحن الجهلة المتأخرين وكأنهم "جابو الديب من ديلو" ، دون إشارة لعيوب الديمقراطيات القاتلة المُسجّلة تاريخيّاً ، تم عرض الفيلم الأميريكى "كل رجال الرئيس" على التفلزيون المصرى فى الماضى وأعتقد أنّه من المفيد عرضه آناء الليل وأطراف النهار هذه الأيّام للتأكيد على أنّ ماحدث ببلادنا ليس أمراً شاذاً أو فلتة تاريخيّة بل أمر عادى "حدث ويحدث و قد يحدث مستقبلاً" فى كل مكان وكل زمان طالما كان هناك إنسان بطبعه الخيانة وبدمه الغدر ولايعترف بالوطن.
*قُمت باستعارة صورة "عمّو فؤاد" من أحد المدوّنين على الفيسبوك لتناسبه مع المقال فأرجو ألا يُمانع.