دائما هناك أساتذة كبارً ومحللين وعاة لما تستر وراءه أصحاب المصالح الذاتية من الشعارات السياسية ذات العناوين الكبيرة ,وهم لا يختلفون في تدنيهم وأنانيتهم وخطورة دعاواهم وفداحة ماضيهم عن أولئك الذين امتطوا ظهر دعاوى دينية وقيم عليا لتحقيق أطماعهم ومآربهم وتوسدهم في سدة الحكم وسيطرتهم على معارضيهم وذبحهم للمناهضين المقاومين لهم... والجميع يعلم بذلك سواء ما جرى إبان الحروب الدينية في أوروبا أو الحروب الداخلية بين ممالك ودول إسلامية تسربلت بمذاهب شتى وتمنطقت بالإسلام وما انفكت كدرع وآلة لاتقاء غائلة المنافسين والقضاء على المعارضين والمقاومين بدءا من التسميات التاريخية لهم باسم الخوارج والرافضة ثم الشيعة أو السنة ومثل ذلك كثير وأنتم به أعلم وبأدواته أفقه وبأهدافه أوعى وبتسربله بفقهاء السياسة وغواتهم أسبر غورا...تلك آفة برأت منها الأمم القائدة المسيطرة على العالم الآن لكنها مابرحت موغلة غائرة مسيطرة في جسد وعقل أمتنا وبيننا نحن وأشباهنا وأمثالنا من التائهين الضائعين في وحل التخلف والامتطاء الكبير الخبيث للعناوين الكبرى...مقدمة بسيطة ساذجة تلك سقناها كتوطئة لما نحن فيه الآن, وأسأل أسئلة بسيطة ساذجة .عن طبيعة الاصطراع الذي يقوده رجال المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة منذ الثورة مع النظام الذي جاءت به الثورة...أهو اصطراع من أجل القيم الديمقراطية العليا وحريات الشعوب أم هو اصطراع بغرض السيطرة والتمكن تحقيقا لمزيد من التوسد والاستعلاء الزائف الذي صرعه آتون الممارسات الجائرة والدور التاريخي المتغافل والساكت والممكن والغائر في خاصرة القيم والوطن والأمة..... إن المسألة لا تعدو كونها مغالبة لفرض السيطرة بلغة أهل الشرطة و الترويع اتقاءً للمحاسبة ومغبات التخلي عن الامتيازات الكبرى أو بالأحرى حزم الرشا (جمع الرشوة )التي كافأ بها نظام مبارك الآفل إلى غير رجعه أولئك القوم تمييزا لهم عمن سواهم باعتبارهم ستارا عاتيا للممارسات الكبرى الجائرة واصطيادً وامتطاءً للوطن والأمة دون اكتراث بمصالحها أو نهوضها أو انحدارها أو دورها أو مجالها الحيوي وأمنها أو دورها الذي بيع بلا مقابل ناهيك عن مقدراتها إلى أعدائها من الخارج وطليعتهم إسرائيل وأمريكا, وأعدائها من الداخل أمثال عز وعاطف عبيد وغيرهم ممن باع مصر ومؤسساتها الاقتصادية مصانعها وأرضها وثرواتها بغير مقابل بعود على أهلها وبمقابل ومصالح وتضخم ثروات ونفوذ جنوني لهم ولمن سار في دربهم , لم يرتو غليله و لم يشبع جوعه أو ُترد غائلته ,ويرضى نهمه...تلك مصائب استمرت بلا سقف ولا حدود تكلؤها عناية الطاغية ورجاله التي تسربل بها أحمد عز وآل مبارك وغيرهم ممن نهج نهجهم وسار على دربهم وهموا كثير لم يغادروا الساحة ولم تأفل أحلامهم في استعادة الماضي القريب والمجد الضائع وحقوق المكلومين المنهوبة...أحبائي وأعزائي ليسأل..ساذج غافل تائه اللب مسكين عن رواتب أولئك القضاة حماة الشرعية الدستورية مقارنة بزملائهم في القضاء على اختلاف جهاته وليفكر ذلك الغر الساذج قليلا في أسباب ذلك الافتراق الشاسع بين الطرفين ومقابل ثمنه ولن يجهد كثرا في الوصول إلى الحقيقة المؤلمة الكارثة ,أما أساتذة الجامعة ومفكروها ونابغوها فعليهم ألا يديروا الأمر بأذهانهم ولا ينظروا إليه ولا يأبهوا له حفاظا على صحتهم ووقاية لهم من فجأة الألم والحسرة التي قد تودي بهم ..أما المناضلين في معترك الحياة سعيا إلى لقمة عيشهم وحفظا لكرامتهم وسترا لعوراتهم, الباذلين شبابهم ودماءهم وعرقهم من أجل الوطن فهم خارج ذلك الإطار وعليهم ألا يفكروا فيه رحمة بهم, فتفكيرهم واعتصارهم واكتوائهم لا طائل تحته ولن يغيثهم أو يحيى آمالهم وإنما سيزيدهم بؤسا على بؤس وحسرة إلى حسرة وغربة إلى اغتراب لا تدرك نهاياته ولا تؤمن مغباته,,, أما التوريث وما أدراك ما مصائب التوريث فتلك لعمري آيات بينات ناصعات فاجرات قد تجلت في تلك الهيئة ومنتسبيها الذين تضاءل إلى جانبهم التوريث العلني المستهتر غير العابئ في باقي الهيئات والذي فتح باب نهايته أبطال وشرفاء من القضاة الأطهار الوطنيين المخلصين أمثال هشام البسطويسى وخضيرى ومكى وغيرهم الذين تصدوا إلى التزييف الوقح المستهتر الممعن لانتخابات مجلس الشعب فهدموا الصفقة المسكوت عنها برعاية الدستورية العليا وغيرها فانقض عليهم مبارك بأداته المسماة ممدوح مرعى لإعادتهم إلى الجادة وذبح ذلك التوريث لا ابتغاءً لمرضاة الله ولا الشعب وإنما انتقاما للخيانة العظمى ونقض الاتفاق وتأديبا لهم وترويعا لأمثالهم حتى يئوبوا إلى الجادة ويستقيموا على معوج الطريق ووعورة المسير ....وأحكى لكم وأشهد الله على صدق ما أقول..حينما جلست يوما مع أحد معارفي من المستشارين ودار بنا الحديث مدارات شتى إلى أن حل حديثنا عن الانتخابات والإشراف القضائي وما كان يسبقه أو يتبعه من آليات زيف وغواية وادعاء فطفق يحكى لي وقائع اجتماع القضاة في ناديهم المركزي بالقاهرة تمهيدا للانتخابات التي كانت تجرى بشكل استرضائي تعهدي إغرائي يصل بالنظام وبهم إلى ما يرضيهم ويطمئنهم من حلول توافقية تتعهد فيها الدولة أو بالأحرى النظام البائد بالمزيد من الامتيازات لهم استرضاءً لهم في مقابل بقاءهم كأدوات وورود تزيين الشكل الديموقراطى والعُرس الزائف للحياة النيابية والسياسية في مصر ,تمكينا لمبارك وأولاده من رقاب مصر والمصريين...واستطرد الرجل قائلا ..وقبل أن ينتهي الاجتماع صرخنا قائلين ..أولادنا تعملوا إيه علشان أولادنا وصرخ صراخ النائحة الثكلى ..أولادنا ..أولادنا...أولادنا..وكان الرجل يحكى وقد اكفهر وجهه وجحظت عيناه وبدا جليا أنه قد استعاد حالته وثورته وهياجه ومخافته وتساؤلاته عن الظلم أو الإعراض أو الغفلة التي قد تلحق به وبأمثاله وأضرابه وما خيل إليه أنه يتهدده وزملاءه من ظلم وجور وجحود.وإهدار لحقوقهم ,وظنه توجه يذرى بما قدموا من لباس وزينة للنظام يتزين بها في واجهات إعلامه والإعلام العالمي ووكالات الأنباء والأعراس الديمقراطية والمحافل الدولية ولا يمل التشدق بها في خطبه وساحاته ... ثم استكمل الرجل قائلا..وسريعا خرج علينا فلان بك قائلا اطمئنوا اطمئنوا وأبشروا فكل من تربى في بيئة قضائية سوف يعين في هيئة قضائية كأبيه وخاله وعمه ونسيبه وقريبه وابن عمته وابن أخت زوجته وخطيب ابنة خالته وزوج أم صديقه والكهربائي الذي يقدم بلا تقاعس خدمته له والجزار الذي يرعاه في السعر والنوع والجودة احتراما لمكانته ومن ومن ومن ومن...الخ.. أعزائي وأحبائي وخيرة شباب مصر...تلك أشياء لا ينبغي أن تغيب عن وعى الناس الذين يدافعون عن سلوكيات أهل الدستورية العليا والمستظلين بها وادعاءاتهم الباطلة بأنهم يدافعون عن الدولة ومستقبلها وتوجهها..لقد وجد فيهم الساعون إلى امتطاء الثورة من الفاشلين والجائرين والخائنين والخائفين من مغبات المحاسبة عما اقترفت أيديهم وعقولهم وما روجوا له وكانوا من أدواته وما استقر في خزائنهم نهبا وظلما من قيم وثروات وحريات ومصالح استراتيجية وأساسية لهذه الأمة المسكينة ..لقد وجدوا فيهم شعارا رائعا يتمنطقون به ويتسربلون به سعيا إلى استعادة ما لن يعود من أحلامهم الضائعة ومقتنصاتهم الجائرة,,,هذا هو تحليلي الشخصى لما يدور .