4 أيام متتالية.. مفاجأة في إجازة عيد العمال وشم النسيم 2024 للموظفين (التفاصيل)    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    هالة السعيد: خطة التنمية 24/25 تستهدف توفير 900 ألف فرصة عمل إضافية    هيئة الرقابة المالية تصدر ضوابط تسويق منتجات التأمين عبر فروع شركات الاتصالات    انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي السابع لكلية الطب البيطري بجامعة كفرالشيخ    استطلاع «GoDaddy»: نحو 93% من رواد الأعمال بمصر يتبنون التكنولوجيا في أعمالهم    رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة شم النسيم    بقرار من الرئيس.. بدء التوقيت الصيفي الجمعة المقبلة بتقديم الساعة 60 دقيقة    أسامة ربيع يبحث مع السفير المصرى بكوريا الجنوبية سبل تعزيز التعاون فى الصناعات البحرية    وزير الخارجية الأيرلندي: نثمن جهود مصر لوقف إطلاق النار في غزة (فيديو)    بيلجورود الروسية تكشف عدد الق.تلى المدنيين في هجمات أوكرانيا منذ بدء الحرب    من هم اللاعبين الرئيسيين في المحاكمة الجنائية لدونالد ترامب؟    بطولة أبطال الكؤوس الإفريقية.. فريق الزمالك لكرة اليد يواجه الأبيار الجزائري    عضو مجلس إدارة الأهلي: نحقق عوائد تناسب حجم النادي    غياب هالاند وفودين عن تدريب سيتي قبل لقاء برايتون    وفد من الشباب والرياضة يجري جولة متابعة للهيئات الشبابية والرياضية بالمنيا    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    «نجم عربي إفريقي».. الأهلي يقترب من حسم صفقة جديدة (خاص)    محافظة الجيزة تزيل سوقا عشوائيا بكفر طهرمس    وزير العدل يفتتح مؤتمر الذكاء الاصطناعي وأثره على حقوق الملكية الفكرية (صور)    الإعدام شنقا للأب الذئب البشري في الشرقية    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    مدير تعليم دمياط يتابع إجراء امتحانات صفوف النقل للعام الدراسي 2024    شكسبير كلمة السر.. قصة الاحتفال باليوم العالمي للكتاب    شارك في كتابة «عالم سمسم» و«بكار».. من هو السيناريست الراحل تامر عبد الحميد؟    بيومي فؤاد يتذيل قائمة الإيرادات.. أسود ملون الأضعف في شباك تذاكر الأفلام (بالأرقام)    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    وزيرا الصحة والبترول يشهدان توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    غدا .. انطلاق قافلة طبية بقرية الفقاعى بالمنيا    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    فرج عامر: الفار تعطل 70 دقيقة في مباراة مازيمبي والأهلي بالكونغو    رئيس شُعبة المصورين الصحفيين: التصوير في المدافن "مرفوض".. وغدًا سنبحث مع النقابة آليات تغطية الجنازات ومراسم العزاء    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    هل يستمر عصام زكريا رئيسًا لمهرجان الإسماعيلية بعد توليه منصبه الجديد؟    آخر تطورات الحالة الصحية ل الشناوي، وتفاصيل وعد حسام حسن لحارس الأهلي    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    سقوط المتهم بالنصب على الطلاب في دورات تعليمية بسوهاج    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التراث والتراث المضاد
نشر في صدى البلد يوم 17 - 02 - 2020

لعل الموقف من النتاج الفكرى المتوارث من الأجيال السابقة هو واحد من أهم
المجالات الذي يظهر فيها تخبط الوعى الثقافى في عصرنا هذا، سواء بالإفراط في
القبول أو الرفض أو حتى التوسط بينهما، فلعلك تتعجب من أنى ضد المواقف الثلاثة،
لأن المعركة قائمة على أسس العناد والمكابرة والتطرف في كلا الاتجاهين، فلا يمكن
بأى حال من الأحوال التعامل مع هذا النتاج الهائل على أنه وحده واحدة ولا يمكن
كذلك إلباسه لباسا واحدا، لأن هذا النتاج الذي اصطلحنا على تسميته ب"التراث"
ليس نتاج اتجاه واحد ولا عصر واحد ولا مكان واحد ولا ظرف واحد.
فمالنا ظننا أن التراث مقصور على الفقهى والأخلاقي والتشريعي؟!، فالذين
يظنون أن التراث الإسلامى هو فقط فقه مالك والشافعي وأبي حنيفة وابن حنبل، قد
كشفوا عن عوار بين سواء في فهمهم أو طريقة تناولهم لهذا أو ذاك بالنقد والتقييم.
كما أنه من الخطأ الفادح والفاضح معا، أن يقدم هذا النتاج على أنه نتاج
مضاد للتفكير العقلى وأنه مضاد للتنوير والتجديد بمحاولة فرض مبدأ يبث في وعي
المتابع بأن هناك تضادا ضروريا ما بين التراث والعقل، فكأن الجيل الحالى قد أوتى ما لم يؤت الأوائل، مفتونا بالتقدم الهائل المحرز في العلوم والصناعات ومناهج البحث وطرق المعيشة وغير ذلك، مع أن هذا
التقدم الملموس لم يأت إلا نتاجا للتفاعل مع ما سبقه من خطوات بذلها علماء رحلوا
وانضمت أبحاثهم ومنجزاتهم الفكرية وتجاربهم العملية إلى الأرشيف التراثى ولكنها لم
تهمل لأنها عاشت في الذين استكملوا المسيرة، حتى لو تبينوا قصورها وخطأها، فكان
لابد من المرور عليها لاستبيان القصور والخطأ ومعالجته والاستفادة منه، فالحضارة
الإنسانية الحالية ليست حضارة لقيطة ومهما بدا من تفاوت مع الحضارات السابقة
عليها، إلا أنها ليست منفصلة عنها ولا يمكن تصور هذا الانفصال حتى مع استشعار
الفجوات الهائلة بين العصر الحالى وما قبله من العصور وإلا دخلنا في دوامة عبثية
حول البحث عن جذور للحضارة الحالية.
ولكن الذي يبدو فيه القصور بالفعل هو ضعف القدرة التأريخية - في كل العلوم
وليس التاريخ العام فقط - في تلمس الصلات بين الحضارات وبين بعضها البعض، فالتاريخ
لم يقدم لنا تفسيرا كافيا لتطور الحضارات القديمة وصلاتها فيما بينها، فيبدو لنا
وكأن الحضارات القديمة في العراق ومصر وسوريا والهند والصين واليونان، خرجت كل
واحدة منفصلة عن الأخرى، فالمصادر التاريخية وإن كانت غير كافية للحديث عن صلات
بين هذه الحضارات، إلا أنه من العبث تصور نشوء كل حضارة كان فجائيا وكأنه عمل من
نتاج السحر والشعوذة!.
كذلك الحضارة الإنسانية الحالية، لا يمكن تصور أنها فقط جاءت نتيجة الكشوف
الجغرافية والحركة الاستعمارية المترتبة عليها ولا حتى ظهور آلة البخار وما تبعها
من ثورة صناعية، فقد سبق هذه وتلك، إنتاج علمى سابق تكمن فيه جذور الحضارة، حتى لو
تضادت أو تناقضت معها، فلا يمكن الوصول إلى اكتشاف هذا التضاد أو ذاك التناقض إلا
باستيعاب ما سبق وهضمه جيدا لتظهر أوجه النقص فيه ليكملها الجيل التالي، فتلك
الفجوات لو دققنا النظر لوجدنا أنها فجوات وهمية.
قس على ذلك تتابعات مدارس الفلسفة والطب والهندسة والصناعة والاقتصاد
والاجتماع.
لذلك أرى أن الدعوة إلى التعامل مع نتاج
الأجيال السابقة على أنه فقط مجرد "تراث" بصرف النظر عن الموقف
الانفعالي منه بالرفض أو القبول أو حتى التوسط بينهما كما ذكرت في البداية، لهى
دعوة ساذجة يحكمها حنق "المع" و"الضد" وهو ما يؤكد عدم النضوج
والاندفاع والخروج عن المنهجية العلمية وتحويل القضية مع حساسيتها - حتى لو بدا
المشاركون في الحوار أصحاب قامات علمية كبرى- من قضية علمية ثقافية إلى قضية جدلية
وصراع يتخذ طابعا إعلاميا أو سياسيا مع الاستقواء بمشجعين لكل فريق، لا تخلو
مشاركاتهم من غوغائية، تفقد الطرح أهميته وجديته وتحوله إلى صراع تستخدم فيه كروت
الضغط التقليدية مع التلويح باتهامات تخرج الحوار برمته من مجاله الحقيقي إلى
ساحات تهبط به إلى أسفل سافلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.