قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرص على وحدة المسلمين، ونبه على أن الصلح بين المتخاصمين من أفضل الأعمال. فقال: «ما عمل ابن آدم شيئًا أفضل من الصلاة وصلاح ذات البين وخلق حسن». وأضاف «جمعة» عبر صفحته على «فيسبوك»، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- باشر بنفسه حين تنازع أهل قباء فندب أصحابه وقال: «اذهبوا بنا نصلح بينهم» (البخاري)، وكذلك كان أصحابه رضوان الله عليهم، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصي من يوليه ويقول: «رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا ، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ الضَّغَائِنَ بَيْنَ النَّاسِ». وتابع: والسلف رحمهم الله كانوا حريصين على هذا الخير ساعين فيه، يقول الإمام الأوزاعي رحمه الله: ما من خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين، وكان الرجال العظام والمشايخ وأصحاب الجاه في السابق من أفراد كل قرية يندبون أنفسهم لهذا العمل ويعتبرونه من تمام الشرف والعز. وتابع: ولم يقتصر الصلح على المسلمين فيما بينهم، بل شمل أبناء الوطن الواحد ولو كانوا غير مسلمين، اقتداء بما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- حين باع ليهودي تمرًا بثمن معلوم على أن يسلمه له بعد مدة، فاستعجل اليهودي التمر قبل حلول الأجل، وعامل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما لا يليق، حتى همّ عمر بن الخطاب بإيذائه، فخاف الرجل، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر: «أنا وهو كنا إلى غير هذا منك أحوج، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما روعته» (سنن البيهقي). ونصح بأنه في هذا الزمان تتأكد أهمية السعي لإصلاح ذات البين الذين كان وظيفة الأنبياء والعلماء والصالحين، والذي كان عادة للمشايخ وكبار القوم، وكان هدفًا ومقصدًا لكل صالح مصلح محب للخير بين الناس، ومريد لجلب المودة والتآلف بين القلوب. وأكد أن الله عز وجل شرع في دينه من الأحكام ما يؤدي إلى تماسك المجتمع، وندب إليها، وسن رسول -صلى الله عليه وسلم- ما يزيل الضرر عن الفرد والمجتمع، وحث المسلمين على التمسك بوحدة مجتمعهم، وأكد أن الطريق إلى ذلك التماسك بين فئات المجتمع المختلفة هو اتباع السبل التي ندب إليها الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومن أهمها السعي بالإصلاح بين الناس، مع إخلاص النية وإيكال الأمر إلى الله تعالى والتيقن من أن التوفيق بيده «وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ».