أحلامى..بين الذهب و الفضة ! ترى..هل سيأتى اليوم الذى أرى فيه أحلامى فى بلادى ؟..فما عرفته و ما قرأته..هو أننى أنتمى لحضارة عظيمة..حضارة علمت كل من أتى اليها..زائرا أو مستعمرا ! حضارة ثرية و غنية..حضارة لم تترك مجالا الا و كان لها بصماتها فيه..فن , أدب , صناعة , زراعة , طب ,هندسة ,علم , فلك .. و حتى فى الحرب و السلام !! حضارة عرفت الأخلاق و العقيدة..قبل شعوب العالم..فكما قال جيمس برستد فى كتابه الشهير " فجر الضمير " : "أن المصريين هم الذين أوجدوا الضمير الانسانى لأنهم أول من عرفوا الله و امنوا بالعالم الاخر و لم يتمكن أحد قبلهم من اداراك هذا الواقع.." هذه شهادة واحد من هؤلاء..أصحاب القوى العظمى الان ! ..اذن فأنا صاحبة حضارة علمية و انسانية..سبقت العالم كله ! كيف نحن الان ؟!..و أين مكاننا ؟!..و أين امتدادنا و تأثيرنا ؟!..بل أين موقعنا فى هذا العالم غير مساحة على خريطة !! ..لا أخلاق و لا قيم و لا علم و لا صناعة و لا زراعة و لا قياده و لا رياده..لا شىء ..لاشىء ..لاشىء ! كفر شبابنا ببلادنا..واحتقروها ..و ازدروها..و يودوا لو أن ينسلخوا منها و يحملون جنسيات أخرى ..متوهمين أنهم سيصبحون من أبناء الشعوب الأخرى !! مالذى فعل بنا هكذا ؟..مالذى أوصلنا الى هذا الحال ؟..الأنظمة المستبده..حاكمون بلا وطنية و لا ضمير..وعندما أطحنا بهم..ماذا نفعل أمام العالم الأن؟! هل أصبحنا نجهل الطريق الى التقدم و استعادة أمجادنا..و نفرض ارادتنا أمام العالم..و نخلق لنا صوت يسمع و كيان يرى؟! نرفض النظام..الالتزام..نجيد البكاء على اللبن المسكوب..و نتطلع الى حضارات العالم الحديث بنظرة استعلائية !..و بدلا من أن نتحرك لنسابقهم..نحلم بأن نتحرك اليهم !...بدعوى أن بلادنا لم يعد فيها أمل..و الحقيقة هى أننا لم يعد فينا أمل ! أصبحنا نجيد الشكوى بفنونها !!..لا شىء فى حياتنا سوى الضحك و التنكيت..و الشكوى فى ساعاتنا و أيامنا و أعمارنا!! أصبحنا فارغين..مجوفين..لاعقل و لانفس..و بصمنا بمثلث التخلف..الفقر و الجهل و المرض !..لانريد أن نتحرك..لا نريد أن نتعلم..ولا نريد حتى أن نفكر ! ..أحلم بأن نعيد كرامتنا بأنفسنا لا بأيد غيرنا..قال تعالى " ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم "..أن نعمل عقولنا بالعلم و العمل..أن تحيا ضمائرنا بالدين و الأخلاق..أن تتجه عقولنا و قلوبنا تجاه أوطاننا..لنتحرك الى الاخرين بكرامة حقيقية.. أحلم بأن يسافر المصرى..ليتنزه و يتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى..لا من أجل لقمة العيش.. و الاكتواء بنار الغربة ..و بعده طيلة حياته عن بلاده و أسرته و عشيرته ! أحلم بانضباط المصريين..فى احترام القانون..فى مواعيد العمل..فى الحرص على نظافة شوارعهم و أحيائهم ..فى ترك اللامبالاه و الشعور بالمسؤولية تجاه بلادهم.. يا حسرتى على بلادى !..كنتى عظيمة و لم يحافظ على عظمتك أبناؤك و أحفادك..لم يسعوا لانتشال اسمك من الوحل الذى غرقتى فيه..أصابهم الوهن و الفتور و البلاده..و استلذوا بهم ! ربى..أدعوك أن أرى بلادى يسطع نجمها بين ذهبها و فضتها..بين علم و أخلاق شعبها..بين حضارة العلم و حضارة الأخلاق..أنت القادر على هذا يا الهى..انك نعم المولى و نعم النصير .