انتفاضة العرب اليوم كانت انتفاضة لم يسبق لها مثيل في التاريخ!! انتفاضة جاءت لنصرة المسجد الأقصى "أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين" جاءت مُحمّلة بغضب أزاح الستار عن قوتنا الحقيقية.. عن قدرتنا على التأثير في العالم.. عن حجم الأموال التي نملكها والتي تؤثر في صناعة القرار!! لقد رأينا أسودًا تخرج عن صمتها فهذا الملك يندّد بسياسة ترامب وقراراته التعسفية القاسية غير الرحيمة غير المسئولة تجاه الفلسطينيين وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل.. وأسد العالم الإسلامي وحش البترول الأكبر يخرج ببيان على لسان متحدث يطالب ترامب بالتراجع عن موقفه وعن قراره وأن ينظر لمصلحة العالم ومصلحة الشعب الفلسطيني المظلوم والمستضعف.. وهذا الرئيس يعلنها أن المصالحة والمعايشة ستتوقف بعد ذلك القرار الهمجي.. وآخر يطالب العالم في الغرب بالضغط على ترامب ليتراجع !!! الحقيقة أن "ترامب" كان شجاعًا وخصمًا شريفًا بمعنى الكلمة يعلم قدر وقيمة نفسه ومكانة وقوة دولته وقدرتها على اتخاذ القرار وتنفيذه دون خوف من أحد، فتصرّف على أساس ذلك ولم يختبئ قبل إعلان القدس عاصمة لإسرائيل بل أجرى اتصالات بكل ملوك ورؤساء العرب ليعلمهم أنه اتخذ قراره وسينفذه غدًا ولا تراجع فيه والجميع يصغي لكلمته، ولا أحد يهدده اقتصاديًا ولا عسكريًا ربما الأخيرة لا نقدر عليها ولكن ألم نكن نمتلك شجاعة لأن نقول بأننا كعرب سنسحب استثماراتنا من أمريكا وسنوقف تصدير البترول اليكم وسنحرك أموالنا من البنوك الأمريكية وسنسحب سفراءنا كخطوة احتجاجية وسنهدّد أصدقاء أمريكا إذا لم يقنعوا ترامب بالتراجع وسنطرد قواعد أمريكا من أراضينا.. نعم كنّا نستطيع.. إذن لماذا لم نُنفذ ولم نتحرك وبقينا صامتين جامدين كالحجر. الحقيقة المُرة التي لا يتفوّه بها أحد أن ما حدث في المنطقة العربية لم يكن شيئًا قليلًا فعلى اليمين واليسار الدماء تسيل والدول تسقط والحروب مشتعلة والعرب مقسمون بين سُنة وشيعة ومطامع لفرض السطوة والنفوذ على الدول الضعيفة والجميع يرغب في صداقة أمريكا وكأننا نعيش عصر الصراع بين الأمويين والعباسيين والاستنجاد بالروم والفرس. لماذا أمريكا؟ من يرغب أن تكون نهايته كالزعيم العربي الراحل معمر القذافي حاكم ليبيا أو مثل "على عبدالله صالح" الرئيس السابق لليمن أو يهدّد عرشه كبشار الأسد حاكم سوريا، وتشتت دولته أو يُسجن كمحمد حسني مبارك الرئيس الأسبق لمصر أو كمحمد مرسى الذي ثار عليه الشعب المصري أو يُعدم كالبطل صدام حسين الذي واجه أمريكا أًسدًا ومات أسدًا.. للأسف من قال لا لأمريكا لن يبقى طويلًا في الحكم لأنها لا تقبل ب «لا».. ومازلنا نرى مُزايدين على مصر في الشعارات الوطنية كأننا نملك الحل ولا نريد أن نحل.. بالأمس كنا نستطيع أن نقف في وجه إسرائيل ونواجه عندما كنا نمتلك "السادات" و"مبارك" لأن الشعب كان معهما والعرب كانوا يستمعون لحكمتهما، أما اليوم لا أحد يستمع ولا يُنصت وانتهي عصر الزعامة ونحن نعاني من اقتصاد مريض نحاول أن نجعله يتعافى نقاوم إرهابًا خسيسًا دنئًا يقتل من أولادنا الكثير ومازال الوطن يعيش صراعًا بين الدولة وجماعة الإخوان الإرهابية ومازلنا في حرب غير عسكرية مع قطر وتركيا وإيران وحماس وحزب الله ولا نعلم متى سينتهي ذلك. لم يكن هذا المشهد من حكام العرب هو الحقيقة الوحيدة المُرة ولكن انتفاضة الشعوب أين !! التفسير المنطقي الوحيد لعدم خروج التظاهرات الحاشدة والغاضبة لدعم القدس هو التصرفات السيئة من الإخوة الفلسطينيين وأخص حركة حماس التي تناست دور مصر وذهبت لترتمي في أحضان قطر وتركيا وإيران بل وساعدت عناصر إرهابية على الدخول لسيناء وقتل أبنائنا.. الشعب لم ينس اقتحام السجون المصرية في يناير 2011.. الشعب لم ينس اختطاف ضباط الشرطة.. ليس هذا فقط، بل الأمر الأصعب هو أن الجميع هنا في بلدي مصر أصبحوا مُنهكين من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي لعائلاتهم فالجميع يري كيف تحولت الأوضاع الاقتصادية من رخاء ويُسر إلى عُسر مُضنٍ فلا أحد يقول فلسطين، لأننا مُرهقون مُتعبون ولأننا حملنا لواء الدفاع عن قضية الأقصى منذ التاريخ الغابر ولم نجد ردًا للجميل. ومن العجيب عندما تنظر لمشهد القيادات الفلسطينية وهي تنادي بالنجدة العربية تشعر أنهم في فلسطين صف واحد ويد واحدة في مواجهة الكيان الصهيوني وكأنهم نسوا أنهم منذ 2005 بدأوا حربًا داخلية بينهم، فهذا حمساوي وذاك فتحاوي، وقسموا الأراضي بين قطاع غزة للحمساويين ورام الله للفتحاويين، وهنا يحكم مكتب حماس الرافض لحكومة فتح، وهناك تحكم فتح الرافضة لحماس وهنا تحمل حماس السلاح وهناك يطالبهم بنزع وتسليم أسلحتهم.. فبدلًا من أن يقاوموا عدوهم ويواجهونه ويظهرون للعالم الظلم الواقع عليهم ويحاربون من أجل الاعتراف الدولي بهم يذهبون لقتال بعضهم وإزهاق أرواح بعضهم وينضمون لمن يدفع أكثر ويهددون حدودنا !!! أين شهامتكم وكرامتكم وعزة أنفسكم وأنتم تحطمون جدار الصمود!!.. شعبكم الفلسطيني يرفضكم ولكن لا يملك حيلة إلا تدعيمكم حتى لا تنقض إسرائيل على آخر معاقلكم. تساؤلي للعرب وللشعوب العربية: هل إذا غابت مصر غابت رجولتكم وشجاعتكم وأموالكم وقدركم وقيمتكم؟!!
الحقيقة أن ترامب ذكّرني ب «الحجاج بن يوسف الثقفي» عندما قال إني أرى رؤوسًا قد أينعت وحان وقت قطافها!!.. فكلاهما جباريّن ولكن يعلمان قيمتهما وقدرهما ولا يحترمان الضعيف ويسيران إلى تحقيق أهدافهما بالقوة حتى لو كان الدم السبيل لذلك، والدليل عجزنا عن عقد قمة عربية على مستوى الزعماء من أجل القدس من أجل التصدي لجنون "ترامب".. لا ننسى أننا دعّمنا ترامب لتسقط هيلاري كلينتون.. لا ننسى أننا كنّا نعلم التعصب الأعمى لترامب وكرهه للعرب ولكننا اخترناه حتى لا تأتي كلينتون الداعمة للثورات العبرية في العالم العربي التي أسقطت الدول والحكّام.. هكذا نسقي مما صنعته أيدينا للأسف.. رحم الله "عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وصلاح الدين الأيوبي" وكل من رفع سيفه وطهر بيت الله من اليهود والصليبين وجزا الله مصر وأهلها خيرًا.. رفعوا الراية في كل عصر من أجل الأقصى.. ولكن اليوم الرجال غير الرجال والزمن غير الزمن والدين قُسّم لمذاهب نتنازع عليها.. والمسلمون دماؤهم تسيل أنهارًا.. وثمن العَربي بخس.. والأمة العربية لم تعد موجودة.. وترامب قاتل مثل أقرانه.. والجميع صامت خوفًا وكرهًا.. أما إسرائيل فإن فرحتي اليوم فغدًا يأتي من يُبكيكي ويثأر لأقصانا.. ونبوءة العودة صادقة .