دعا رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى إيجاد حلول سريعة وعادلة للصراعات والنزاعات في المنطقة لأن الاستقرار السياسي والأمن شرطان ضروريان لتحقيق التنمية المستدامة ورعاية البيئة. جاء ذلك في كلمة للحريري، ألقاها نيابة عنه وزير الدولة اللبناني لشئون التخطيط ميشال فرعون، خلال افتتاح المؤتمر السنوي العاشر للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، والذي يُعقد على مدى يومين بالعاصمة اللبنانية بيروت، وتم خلاله إطلاق تقرير (أفد) عن "البيئة العربية في عشر سنين". وحضر الافتتاح رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة ووزير الدفاع يعقوب الصراف، وعدد كبير من الوزراء العرب،ونواب ودبلوماسيون ورؤساء منظمات إقليمية ودولية، ورؤساء جامعات ومنظمات، ووفود من صناديق التنمية العربية، وعدد كبير من رجال الأعمال ورؤساء الشركات والباحثين والهيئات الأعضاء في "أفد". ويشارك في المؤتمر نحو 400 مندوب من 46 بلدا يمثّلون الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية والشركات وهيئات المجتمع المدني والمؤسّسات الأكاديمية ويتخلله اجتماعات يعقدها "منتدى قادة المستقبل البيئيين يشارك فيها 60 طالبا من الجامعات الأعضاء في "أفد" حول العالم العربي. وأكد رئيس الوزراء اللبناني أن إطلاق (أفد) لتقريرها حول وضع البيئة العربية في السنوات العشر الأخيرة يعد تذكيرا لنا بأن رعاية البيئة والإدارة المتوازنة للموارد الطبيعية واجب لا خيار عنه، لافتا إلى أن البلدان العربية تواجه تحديات ضغط النازحين على البنى التحتية وإعادة البناء وتوفير الأمن والسلام. وأشار الحريري إلى أن تقرير "أفد" أظهر أن وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدما على بعض الجبهات خاصة في عمل المؤسسات البيئية. وأضاف أن اعتماد سياسات تعزز التحول إلى الاقتصاد الأخضر لم يكن دائما مبنيا على خطط بعيدة المدى، بل انطلق من حتمية معالجة المشاكل الاقتصادية الحرجة الناشئة، مشددا على أن الإدارة البيئية ليست ملحقا يُضاف إلى البرامج الإنمائية بل هي جزء عضوي منها والتنمية الصحيحة ليست ضد البيئة، إذ أن الاستقرار الاقتصادي شرط أساسي للاستقرار البيئي. ودعا الحريري -في ختام كلمته - البلدان العربية إلى تعزيز التعاون في ما بينها، وإقامة المشاريع المشتركة خاصة في مجالات المياه والطاقة وإنتاج الأغذية فضلا عن الأبحاث والتعليم وبناء القدرات، متعهدا بأن تدرس حكومته توصيات مؤتمر "أفد" بعناية للاستفادة منها في الوصول إلى أداء بيئي أفضل. من جانبه، قال رئيس مجلس أمناء (أفد) الدكتور عدنان بدران إن المنتدى كافح على مدى عشر سنين من أجل بيئة مستدامة ينمو خلالها الاقتصاد الأخضر لتأمين حياة أفضل لمجتمعاتنا العربية من دون استنزاف الطبيعة. وأضاف أن الاقتصاد الأخضر يعطي وزنا متساويا للاقتصاد والعدالة الاجتماعية والحد من الفقر والبطالة ويحقق الأمن المائي والغذائي والطاقوي، مشيرا إلى أنه علينا وضع معايير بيئية مستدامة موحدة للوطن العربي للانتقال من مجتمعات ريعية إلى مجتمعات إنتاجية. ثم قدم أمين عام (أفد) نجيب صعب تقرير أعمال المنتدى للعام الجاري، مفندًا مهمة المنتدى بدعم السياسات والبرامج البيئية الضرورية لتنمية العالم العربي استنادا إلى العلم والتوعية. وقال: "إن عام 2017 حفل بالفرص مثلما حفل بالصعوبات والتحديات فليس باليسير إيصال صوت البيئة وإثارة الاهتمام بها في منطقة تعاني نصف بلدانها حروبا ونزاعات وتواجه تحولات اقتصادية غير مسبوقة لكن بعد كل الحروب والنزاعات لا بد للحياة أن تستمر من خلال إدارة متوازنة للموارد". وأضاف أن توصيات تقارير (أفد) عن وضع البيئة العربية اعتُمدَت هذه السنة في أكثر من عشر استراتيجيات وبرامج وطنية خاصة فيما يتعلق بتعديل أنظمة دعم الأسعار وتسعير الأصول الطبيعية وتحسين كفاءة المياه والطاقة وإدخال مصادر الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر. ولفت إلى أن تقارير (أفد) استُخدمَت في أكثر من 500 دراسة وبحث، كما تابع المنتدى ربط أعضائه من قطاع الأعمال بشبكات عالمية واستمر في توفير المراجع الرئيسية للمعلومات البيئية بالعربية خاصة عبر مواقعه على الإنترنت وعُرضَت الأفلام الوثائقية البيئية ال16 التي أنتجها، 420 مرة على شبكات وطنية وإقليمية. وقدم مكتبات بيئية لنحو 300 مؤسسة تربوية، ووضعَت تقاريره في مكتبات أكبر 100 جامعة في العالم، وتم اعتماد برنامجه للتربية البيئية في مدارس إضافية من الجزائر إلى الأردن. فيما قدم مدير البرامج في إدارة ما بعد النزاعات التابعة لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة، حسن بارتو، عرضا خاصا عن الآثار البيئية للنزاعات مع التركيز على العراق، شارحا المشاكل البيئية التي نشأت جرّاء الصراع المسلح في مدينة الموصل وجوارها بناء على مهمة استطلاع نفذها برنامج الأممالمتحدة للبيئة بعد استعادة الحكومة العراقية للمدينة. وكشف أن الأثرين البيئيين المباشرين للأعمال العسكرية هما: التلوث الناتج عن تدمير المنشآت الخطرة بما فيها المصانع ومحطات الطاقة ومصانع الأسلحة والمستشفيات، والكمية الهائلة من الردميات التي نتجت عن المعارك. وأشار بارتو إلى أن سياسة الأرض المحروقة التي استهدفت بشكل ممنهج البنى التحتية الحساسة، خاصة المنشآت النفطية والمناجم، تعرض المجتمعات المحلية لمخاطر صحية وبيئية جدية، منوها إلى أنه سيجتمع ببعض الجهات التي تولت إزالة الأنقاض ومعالجتها في بيروت عقب الحرب. ومن المقرر أن يعقد المؤتمر، غدا الجمعة، خمس جلسات حول مواضيع الحوكمة والسياسات البيئية ومستقبل الغذاء والماء والطاقة المتجددة وتغير المناخ. كما تُعقد جلسة تشارك فيها مجموعة من الجمعيات البيئية تناقش مساهمة المجتمع المدني العربي في البيئة خلال 10 سنوات، كما تخصص جلسة لطلاب منتدى قادة المستقبل البيئيين ####FELF#### يشارك فيها نحو 60 طالبا من 14 جامعة عربية.