قال معهد ستراتفو في دراسة جديدة اليوم، الثلاثاء، إن المنافسة على مصادر مياه النيل سيخلق لمصر وإثيوبيا مشكلات تمتد لعدة قرون. وأضاف المعهد، أن الدول يمكن أن تجد أرضية مشتركة رغم الانقسام حول استمرار البناء في سد النهضة، مشيرًا إلى أن هناك حالة من انعدام الثقة بين أديس أبابا والقاهرة، لافتًا إلى أن المنافسة بين الجانبين على موارد المياه مستمرة ولن تنتهي. وأوضحت الدراسة الصادرة عن المعهد أن مصر وإثيوبيا كانا على خلاف لفترة طويلة من تاريخهما الحديث، وكان معظم الخلافات تدور حول الرغبة في تأمين مصادر المياه من حوض نهر النيل، وقد اتضح هذا الصراع في المفاوضات الخاصة بسد النهضة الذي يقع على النيل الأزراق، لافتًا إلى أن المنافسة على هذا الممر المائي الحرج يوفر العديد من الصراعات الإقليمية التي تدوم فترة طويلة. وبحسب الدراسة، فإن إثيوبيا ترى أن جميع دول حوض تعتمد على الموارد المائية القادمة من النهر، وتقول أديس أبابا إنه كان من الواجب دعوتها للمشاركة في الاتفاقات الأولية التي تحدد شروط استخدام مياه النيل؛ لأنه تم تهميشها من عملية وضع الأدوات الخاصة بإدارة مياه النهر، وبدلا من ذلك، تعمل إثيوبيا على متابعة مشاريع التنمية الذاتية مثل سد النهضة الإثيوبي الكبير، وهذه الأنواع من المشروعات تمثل مشكلة بالنسبة لمصر، حيث يعتبر النيل هو المصدر الرئيسي للمياه العذبة والري والزراعة في البلاد الصحراوية، ولهذا السبب وحده، ستواصل مصر العمل للسيطرة على استخدام مياه نهر النيل، وبدون ذلك يتهدد بقاء مصر على قيد الحياة. ولفتت الدراسة، إلى أن الرئيس المصري الراحل، جمال عبدالناصر، لم يكن غافلًا عن القلق الإثيوبي أو عن أهمية إثيوبيا بالنسبة للأمن المائي المصري، وحتى قبل عبدالناصر، حاولت مصر إحكام قبضتها على موارد المياه في النيل الأزرق، المنبع الرئيسي لمياه نهر النيل. وعندما جاء عبدالناصر إلى السلطة في مصر، بدلا من أن يتعامل مع إثيوبيا عسكريا، حاول التعامل معها دبلوماسيا، وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة التي ربطت بين عبدالناصر وقادة إثيوبيا إلا أنه فشل في إقناع الامبراطور الإثيوبي بزيارة مصر، بسبب المشروع القومي العربي، ومخاوف الإثيوبيين من المشروع الناصري وأثره على الملكيات في ذلك الوقت. وأوضحت الدراسة، أن البلدين خاضا نوعا من الحرب الباردة، ففي الوقت الذي كانت مصر مدعومة من الاتحاد السوفيتي، كانت إثيوبيا تتلقى دعما من الولاياتالمتحدة، وقد أدى هذا الأمر إلى إثارة مخاوف وجودية لدى الجانب الإثيوبي من مصر، خاصة بسبب الشيوعية التي كان الإمبراطور الإثيوبي من أشد المعادين لها، وهو ما دفع عبدالناصر إلى البحث عن سبل أخرى لبسط نفوذه على النيل الأزرق. وأشارت إلى أن عبدالناصر حاول تقويض النظام الإثيوبي عن طريق دعم الأريتريين، لكن تم الانقلاب على الامبراطور الإثيوبي، ووصلت الشيوعية إلى الحكم، في الوقت الذي غاب عنه عبدالناصر في مصر، إلا أن الأمور بدأت تهدأ بين الاثنين بعد ذلك، وقلت محاولات البلدين في تقويض كل منهما للأخرى.