الغش هو نقيض النصح، وهو نوع من أنواع الخيانة، ذلك لأنه إخفاء للواقع وإظهار لخلافه بحيث لا ينطبق عليه، ويتحقق الغش بإخفاء العيب أو تزينه بحيث لا يتعرف عليه الطرف الآخر، أيضا الغش يمثل عرض الشيء بصورة مخالفة لحقيقته. وهناك علاقة وثيقة بين الغش وبين الاضطرابات النفسية والاجتماعية، فهناك مجموعة من الأسباب النفسية والاجتماعية المؤدية إلى الغش والنصب والاحتيال، فنجد في إطار الأسباب النفسية الشعور بالنقص وعدم الثقة في النفس وأحيانا كثيرة ترتبط بشكل رئيسي مع التكوين الشخصى لدى المضطربين شخصيا باضطراب الشخصية المضادة للمجتمع، حيث من سماتهم المميزة النصب والاحتيال والغش والتدليس وتنظيف الحقائق ومن جهة أخرى. الغشاش يعيش سادية مرضية وعدوانية مفرطة، فهو يتلذذ بالحصول على نتائج إيجابية في الإمتحان دون أن يبذل مجهودا فكريا في ذلك، متلذذا بتفوقه على الآخرين الذين لم يغشوا. وبالطبع من يمارس الغش لفترة زمنية ما سواء فى الامتحانات أو فى مجال عمله أو بين عائلته وأصدقائه ومجتمعه سوف يسقط القناع عن وجهه وينكشف ويفقد من حوله الثقة به وينسحبون عنه. ومنذ فترة وأنا أتابع تلك الظاهرة التى أصبحت مشكلة داخل مجتمعنا المصرى، وأصبحت تهدد كيان الدولة المصرية بداية من مؤسساتها إلى الأفراد الذى يكونون هوية المجتمع المصرى، فعندما ننظر حولنا نجد أن الغش أصبح السمة المميزة لكثير من المواقف والأحداث والسلوكيات التى نتواصل بها مع غيرنا. فنجد الغش أصبح يأخذ صورا ويتلون بأشكال داخل مجتمعنا، فتارة يأخذ منحى دينيا، ويصبح الغش فى المعلومات الدينية وتدليس الحقائق وتحريف الأقوال الدينية المتعارف عليها من أجل استمالة فيلق أو جماعة من الناس أو من أجل حفنة من المال أو من أجل الشهرة أو من أجل منصب سياسي. وتارة أخرى نجد الغش من خلال توظيف الأموال عن طريق أحد الغشاشين ممن يدعون توظيف أموال المواطنين، ونجد الملايين من المواطنين يلهثون وراء إيداع "تحويشة العمر" لديهم وكأنهم يغمضون أعينهم عن الغش والاستيلاء على أموالهم، كما نجد الغش فى المعلومة التى تقدم لنا كوجبة عشاء ليلية من خلال برامج التوك شو معظمها تعتمد على وسيلة أخرى فى الغش للاطلاع على المعلومة من خلال شبكات التواصل الاجتماعى، حيث عدم التحرى فى صدق المعلومة. والطامة الكبرى التى تواجهنا كمصريين الغش فى السلع المباعة والتضليل فى جودة الشيء وقوته ومتانته، سواء كان هذا المنتج طعاما أو ملبسا أو سلعة صناعيه من أدوات منزلية وغيرها من السلع التى ضلت طريقها عن جودة المنتج ومواصفاته وشروط مطابقته حسب المواصفات المتفق عليها عالميا، مما ساعد على وصم المنتج المصرى داخليا وعالميا بالمنتج الرديء، ناهيك عن الغش الاجتماعى من خلال انتحال صفة مسئول فى الدولة أو مركز حساس بغية النصب والاحتيال على البسطاء ممن لهم طلب لدى الجهات والمؤسسات التى تتفشى بها البيروقراطية أو الفساد الإدارى والمالى. ونجد أن هناك مجموعة من القواعد والضوابط التى يجب اتباعها للحد من ظاهرة الغش والغشاشين، منها الضوابط السلوكية والاجتماعية داخل الأسرة من خلال غرس مبدأ الأمانة والصدق فى التعامل ومعاقبة الأبناء على الغش بجميع صوره وأشكاله داخل الأسرة وخلق الوازع الدينى فى نفوس الأبناء وقول الصدق وفعل ما هو صحيح. وهناك الضوابط القانونية من خلال تغليظ عقوبة من يقوم بالغش سواء فى الامتحانات داخل المدارس والجامعات والتقدم للوظائف المختلفة وتشديد الرقابة على من يرتكب حالات الغش، أيضا تغليظ عقوبة من يقوم بالغش فى إنتاج السلع الغذائية والمطاعم والصناعة والزراعة وأى منتج يتم تداوله بين الناس. ولا نكتفى بالعقوبات المالية فقط بل عقوبات مشدده لكل من تسول إليه نفسه للقيام بالغش أن تكون الدولة قريبة جدا من المواطنين الذين تعرضوا للغش وللنصب والاحتيال، وذلك بإجراء بحث مكثف ودقيق لاعتقال المتورطين وعقابهم، والاستجابة الفورية للمواطنين عندما يتعرضون لحالة من حالات الغش، وتطبيق فورى عادل وقوى للقانون فى حالات الغش والنصب والاحتيال والتدليس، ويصبح مجتمعنا مجتمعا نظيفا قائما على قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من غشنا فليس منا".