الحرية المطلقة مفسدة مطلقة

كثيراً ما يردد شبابنا وكتابنا والسياسيون العبارة الشهيرة: «السلطة المطلقة مفسدة مطلقة»؛ خاصة بعد أحداث «الخريف العربي»، وينزلون هذه العبارة على غير مواضعها التي تنطبق عليها.. في الكويت مثلاً ومنذ بداية الازمة السياسية لا يكاد يخلو يوم الا وتسمع هذه العبارة من أحدهم، قاصداً انزالها على الوضع في الكويت!! قد تكون هذه العبارة صحيحة لكن بلا أي شك فإن فهمها عند الكثيرين خاطئ، واستخدامها أكثر خطأ.
- «الحرية المطلقة مفسدة مطلقة» هي العبارة التي تقابل تلك الجملة ولعلها الاكثر صواباً في حياتنا وأوضاعنا اليوم.. اليوم نحن نعاني في مجتمعاتنا العربية من مفهوم خاطئ وخطير يراد فرضه على شبابنا.. وهو ان الحرية مطلقة.. لاي انسان ان يقول ما يشاء دون أي مانع قانوني أو أدبي.. وهذا من أخطر المفاهيم الخاطئة.. فالحرية ليست مطلقة أبداً وليس للانسان ان يقول ما يشاء.. والاقوال مثل الافعال منها ما هو مجرم بالقانون ويتم العقاب عليه.. والامثلة المتفق عليها بين كل الناس على مثل هذه الآراء أو الاقوال المجرمة كثيرة، ولا يختلف على تجريمها ووجوب العقاب عليها اثنان.
- وينتج عن هذا المفهوم الخاطئ والخطير ما سماه كثير من مثقفينا ب«سجناء الرأي»، ويطلقونه على كل شخص انتهك القانون بقول مجرم وقدم للمحاكمة بسبب هذا الجرم!! وكأنهم يقولون للمجتمع لا عقاب على قول أو رأي منشور مهما كان!! وهذا النهج هو الفساد المطلق والخراب الذي يدمر المجتمعات.
- وعلى هذا المنهج الخاطئ والخطير هل يمكننا ان نقبل رأي أي مؤرخ مثلاً يرى وينشر وفق دراسته ان الكويت جزء من العراق، ومن مصلحتها الانضمام اليها مثلاً!! هل لنا ان نقبل رأي أي شخص متشدد يرى وينشر كفر طائفة مثلاً، وضرورة هدم مساجدهم أو العكس بالنسبة للطائفة الأخرى!! هذه آراء قد تكون موجودة بيننا ولها من يقتنع بها.. هل نقبل ويقبل العقل والمنطق والقانون بنشر مثل هذه الآراء بحجة ان لأي شخص ان يقول ما يشاء لانه يتمتع بحرية الرأي!!.
- نشر الآراء مثلها مثل قيادة السيارة لها ضوابط.. هناك إشارات حمراء يجب الوقوف عندها.. هناك طرق لا يحق لك السير فيها.. هناك خطوط أرضية يجب الالتزام بها.. هناك أماكن لا تقف عندها.. وتعاقب اذا ما خالفت ذلك!! المسألة واحدة في الافعال والاقوال.. باعتقادي أننا اليوم جميعاً وفي الكويت خاصة نعاني من كون «الحرية المطلقة مفسدة مطلقة» أكثر مما نعاني من كون «السلطة المطلقة مفسدة مطلقة».