يعتبر الفخار من الصناعات التي تشتهر بها محافظة سوهاج على مستوى الجمهورية، حتى عرف ب«الفخار السوهاجي»، وتعد قرية المدمر التابعة لمركز طما شمال المحافظة ومنطقة الفخرانية بمركز طهطا ومنطقة نجع أبو عبده التابعة لمركز البلينا جنوب المحافظة، الأبرز في صناعة الفخار، حتى أصبحت تصدر منتجاتها ليس فقط لباقي مراكز المحافظة، بل تخطتها للمحافظات الأخرى المجاورة. وبسبب عدة عوامل وأسباب، تراجعت هذه الصناعة التاريخية العريقة وأصبحت في طي النسيان ومن أهمها نقص التربة «الخرط» والصلصال، ومطاردة الوحدات المحلية لأصحاب هذه الصنعة وروادها بمحاضر البيئة؛ بسبب الدخان الناتج من عملية حرق الفخار وتشوين التربة في أماكن الصناعة، وتظل هذه الصناعة التي تكاد تندثر تبحث عن طوق نجاة من المسؤولين بالمحافظة، بتوفير أماكن بديلة لهم في الصحاري أو المناطق الصناعية أو عدم مطاردتهم بالمحاضر التي أرهقتهم. وفي قرية المدمر، تمارس عشرات الأسر هذه الصناعة حتى الآن، رغم تراجع الطلب عليها وقلة عدد زبائنها؛ بسبب غزو الأواني المصنوعة من الألمونيوم والاستانلس والبلاستك وغيرها الأسواق واحتلال المنازل والوحدات السكنية بدلًا منها؛ بسبب ما شهده هذا القرن من تقدم تكنولوجي وحضاري لم يسبق. ويقول سيد الفخراني، من قرية المدمر المهنة: أصبحت صناعة الفخار صعبة الآن ولا تدر علينا الدخل الذي كان سابقًا؛ بسبب قلة المواد الخام وتعنت الوحدات المحلية بالمحاضر، مضيفًا: كنا نصنع الزير والمحلابة والقلة والقصرية والزبدية بأحجام وأشكال مختلفة، وتابع: أولادنا هجروا المهنة. وفي منطقة الفخرانية بطهطا يقول عم أحمد السيد: مهنة الفخراني خلاص نُسيت وخلاص محدش أصبح فاكرها ولا بيسأل على منتجاتها، مضيفًا مكنتش تمشي في شارع إلَّا وتجد سبيلًا أو اثنين أو ثلاث من مجموعة زجاجات، والآن حل مكانه الكولدير أو مبرد المياه، وكذلك في البيوت التي كانت لا تخلو منها، والزبدية التي كانت علي كل الطبالي في البيوت وحلت محلها الأطباق الصيني والاستانلس والبلاستك والألمونيوم. وفي منطقة نجع أبو عبده بالبلينا يقول إبراهيم عيسى: كنا زمان مشهورين بصناعة الفخار، وكانت الزبائن والتجار تجيلنا من كل مكان لشراء منتجاتنا؛ لجودتها عن مثيلاتها في السوق، وكنا معروفين ب«الزير البليني» الذي كان يشبه الثلاجة من شدة مائه البارد طوال فصل الصيف. وتبقى صناعة الفخار بسوهاج تصارع التقدم التكنولوجي الذي طغى على منتجاتها كافة دون استثناء، وتبحث عن طوق نجاة حتى تظل باقية كما حافظ عليها المصري القديم منذ آلاف السنين.