في إطار انتشار ما يسميه البعض ب "الإسلاموفوبيا"، أى الخوف والشك فى كل ماهو مسلم، تتصدر أمريكا التي تعتبر أكبر الدول العازفة لسيمفونية الديموقراطية وحرية الأديان القائمة في هذا الشأن، حيث تسعى دائمًا القيادة الأمريكية إلى التضييق على مسلمي أمريكا، ووضعهم دائمًا تحت أعين القوات الأمنية، بل واعتقالهم "من باب الاحتياط والحذر" حتى تتأكد من برائتهم من تلك التهم الغير موجوده من الأساس، فلم تستطيع أمريكا حتى الآن التخلي عن تلك الفكرة المشوهة التي أخذتها عن المسلمين منذ أحداث "11 سبتمبر". انتشرت خلال اليومين الماضيين قصة الطفل "أحمد محمد الحسن"، مسلم وحاصل على الجنسية الأمريكية لكنه سوداني الأصل، يبلغ من العمر 14 عاما، درس فى ولاية "تكساس"، ومحب للتكنولوجيا والاختراعات، لكن "أحمد" لم يكن يعلم يومًا أن هذه الهواية سوف تكون السبب في اعتقاله من قبل أكثر البلاد حديثًا عن الديموقراطية والحرية. انطلاقًا من شغف "أحمد" بالاختراعات والتكنولوجيا، صنع الطفل السوداني "ساعة" بجهوده الذاتية وبأقل تكاليف وإمكانيات منزلية، وذهب بها إلى مدرسته "ماك آرثر المتوسطة"، في مدينة "إرفينج" لعرضها على مدرس الهندسة المختص، فخورًا بما صنعت يداه الصغيرتين، لكن الأمر لم يمر بسلام كما توقع "أحمد"، ففي حصة اللغة الإنجليزية لاحظت مدرسة اللغة الجهاز الذى يحمله الطفل، وقامت بإبلاغ السلطات لاعتقادها أنه صنع "قنبلة"، وحضرت السلطات الأمنية إلى المدرسة، وقامت بالقبض على المخترع الصغير، لتنهي بذلك حياه هذا الطفل المخترع وتضع نقطة سوداء في صفحة مستقبله الناصعة، وتضع "الأغلال" في يده ليكون مصيره الاعتقال بدلًا من تكريمه. خبر الاعتقال انتشر بسرعة البرق على مواقع السوشيال ميديا، خاصة "فيسبوك" و"تويتر" و"انستجرام"، وتصدرت صور "أحمد" التي يظهر فيها ممسكًا باختراعه إلى جانب صوره والأغلال تلتف حول يديه حسابات المستخدمين، وإلى جانبها انتقادات شديدة اللهجة ولاذعة لما حدث للطفل المخترع وطريقة التعامل معه، وتم إطلاق "هاشتاج" عالمى، سمي "I stand With Ahmed"، أعلن من خلاله مستخدمون من مختلف دول العالم تعاطفهم مع الطفل، وأصبح من الهاشتاجات الأكثر انتشارًا على مستوى العالم، كما تم إطلاق عدة هاشتاجات مماثلة ولكن باللغة العربية تندد بسوء المعاملة التى تعرض لها "أحمد"، ليصبح الطفل المسلم المخترع حديث العالم. حملة التعاطف الكبيرة التي انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي شارك فيها أيضًا عدد من النشطاء والسياسيين من بينهم وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "هيلاري كلينتون" والرئيس التنفيذي لموقع فيسبوك "مارك زوكربيرج"، بإعلانه دعمه للطفل المخترع، وقال "مارك" إن "من الواجب مساندته لأنه مبتكر ولديه أهداف ومواهب تكنولوجية وليس اعتقاله كما حدث، ودعاه لزيارة فيسبوك إذا احتاج لأي مساعد". من هنا حاول الرئيس الأمريكي الذي يتغني بديموقراطية القيادة الأمريكية وقوات أمنها، حصر الموقف وتضييق تداعياته خاصة بعد أن اشتعلت موجه من الهجوم على الرئيس الأمريكي والتعاطف مع الطفل المسلم على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حيث دعا "باراك أوباما" الطفل "أحمد" لزيارة البيت الأبيض، وذلك من خلال حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وقال "إن هذه الزيارة ستلهم باقى الأطفال لحب العلوم وهذا ما سيجعل أمريكا عظيمة". قال والد "أحمد"، إن مدرس الهندسة في مدرسة أبنه قال له معلقًا على الساعة، "هذا انجاز جميل جدا"، ولكنه نصحه "بتجنب اطلاع المدرسين الآخرين" عليها، وأكد أن ولده "يريد ابتكار اشياء مفيدة للانسانية، ولكن لأن اسمه أحمد، وبسبب هجمات سبتمبر، أسيئت معاملة ولدي"، وأيده في هذا الرأي مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، الذي يدافع عن حقوق المسلمين في الولاياتالمتحدة، فقد قالت "علياء سالم" التي تعمل في مكتب المجلس المحلي في تكساس، "أعتقد أن الموضوع برمته لم يكن ليقع لولًا أن اليافع اسمه أحمد محمد، إنه صبي موهوب ولم يرغب سوى إطلاع مدرسيه على ما أنجزه". الناطق باسم الشرطة "جيمس مكليلان" قال إن "أحمد" أصر أثناء التحقيق بأنه صنع ساعة، ولكنه لم يتمكن من شرح الاستخدامات الممكنة لهذه الساعة، فيما لم تعلق المدرسة من جانبها على القضية، ولكنها قالت في تصريح إنها "تطلب دائما من موظفيها وطلابها التبليغ فورا إن رأوا اي تصرف مريب ومواد مشكوك بها". من جانبه قال الطفل المخترع لصحيفة "دالاس مورنينج نيوز"، إنه يعشق علم الروبوتيات والهندسة، وأراد أن يطلع مدرسيه على قدرات، وأضاف "أنا أعتقد أن الناس تعلم أنني الشخص الذي صنع الساعة، وتسبب له في بعض المشاكل بسبب صنعها"، وتابع "أحمد"، "لقد صنعت الساعة لإبهار بها معلمتي، ولكني عند محاولتي لعرضها عليها ظنت أنها قنبلة خطيرة، وكان ذلك أمرًا حزينًا بالنسبة لي، لأنها فهمت الأمر بشكل خاطئ، مما أدى في ذلك لاعتقالي في ذلك اليوم، حيث اقتادني المدير وعناصر من الشرطة إلى غرفة حيث استجوبوني وفتشني خمسة شرطيين، وصادروا حاسوبي اللوحي واختراعي"، وأضاف "ثم تم نقلي إلى مركز احتجاز الأحداث، حيث تم تفتيشي، وأخذوا بصمات أصابعي والتقطوا لي صورا"، وأكد الفتى أنه مُنع من الاتصال بوالديه أثناء استجوابه، وبعدما أطلق سراحه أخيرًا، طرد ثلاثة أيام من المدرسة. أكد الطالب أن لديه رغبة في الذهاب لمعهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا، حيث أنه يفكر في الانتقال من مدرسته القديمة لأي مدرسة أخرى، كما أنه كان سعيدًا بالإفراج عنه وإسقاط التهم، مشيرًا إلى أنه "لم يرتكب أي جريمة".