أربعة شباب يحفظون حلمهم داخل دولاب في حجرة صغيرة بأحد أبنية طب القصر العيني، فكما يعرف قارئنا العزيز أن التعليم في مصر هو أن تحفظ الكتب الدراسية عن ظهر قلب ليعلو اسمك قائمة المتفوقين علميًا! وليس في ذلك عيب لكن ماذا عن التكوين الفكري والأدبي للطالب؟ لا يهم فالثقافة في بلدنا ترفيهية كما يراها الكثير من المسؤولين عن التعليم، فكيف لكلية كطب تخرج مئات الأطباء سنويًا أن تخلو من مكتبة للقراءة الحرة؟، لن نبحث عن الأسباب وتكاسل المسؤولين، فهناك تجربة أجدر يلقي «البديل» الضوء عليها لأربعة شباب سئموا الوضع وقرروا التحرك وإنشاء مكتبة خاصة بهم. «مكتبة الكلية لم تضم سوى الكتب الطبية فقط، لكننا نرغب أيضًا في قراءة الأدب والشعر والتعرف على الحياة من منظور مختلف وهو غير متوفر لنا، لذا كنا نذهب إلى جامعة القاهرة وهي ليست قريبة منا، ومن هنا جاءت الفكرة لماذا لا ننشئ مكتبة خاصة بنا؟، وبحلم أربعة شباب يهوون القراءة قاموا بوضع 50 كتابًا مما يملكون من كتب أدبية داخل دولاب صغير بقاعة الأنشطة، ومن وقتها أصبح لدينا مكتبة صغيرة نشعر أنها وليدة حلمنا». هكذا أوضح عمرو عبد الله- مدير العلاقات العامة للمكتبة، كيف كانت البداية ومن أين أتت الفكرة؟، مستكملًا الحديث عن المكتبة قائلًا: بدأ حلمنا منذ ثلاث سنوات وبمرور الوقت كبرت المكتبة، إذ منحتنا إدارة الكلية 12 دولاب وهذا ساعدنا على وضع الكثير من الكتب التي تبرع بها الطلاب الذين راقت لهم الفكرة، وأصبحنا اليوم نمتلك 4000 كتابًا في ظل أن المصدر الوحيد للدخل هو اشتراكات الطلاب التي تتراوح ما بين "10:20″ جنية قيمة الاشتراك السنوي مقابل الاستعارة. أضاف «عبد الله» إن نجاح الفكرة لم يقتصر فقط على زيادة عدد الكتب داخل المكتبة، بل وصلت إلى عشرة كليات على مستوى الجمهورية الذين يعانون من التعطش للقراءة كهندسة شبرا وطب طنطا، مشيرًا إلى أن نشاط المكتبة لم يتوقف عن ملئها بالكتب والاستعارة منها فقط، بل إنها تخطت هذه المرحلة منذ العام الماضي، فأصبحت تستضيف العديد من الكُتاب الشباب وعقد لقاءات ثقافية لتحقيق التواصل المباشر بين الكاتب والطالب، فعقدت فعاليتين ثقافيتين مع كلًا من: الكاتب أحمد مراد والكاتب حسن كمال، الفعليتان لقيتا حضورًا كثيفًا من الطلاب. تابع عبدالله: بجانب الاستعارة والفعاليات نقوم بعقد نشاط أخر نطلق عليه «المقهى الثقافي» يتجمع فيه الطلاب يومًا في الأسبوع يتناقشون فيه حول رواية محددة سلفًا، أيضًا نقوم بعمل زيارات مدينة إلى أماكن ثقافية وتراثية، وقد قمنا برحلة إلى مكتبة الإسكندرية العام الماضي، كذلك نقيم معرض كتاب نصف سنوي نوفر فيه الكتب بأسعار رمزية للطلاب. لم تغفل هذه المكتبة الصغيرة التواصل مع السفارات الأجنبية بالقاهرة لتحقيق التبادل الثقافي بين الطلاب، فيقول «عبد الله»: استطعنا التواصل مع سفارة ماليزيا وتواصلنا مع السفير وعقدنا العديد من الفعاليات الثقافية التي جمعت طلبة ماليزيا بالطلبة المصريين، أيضًا هناك تعاون مع العديد من دور النشر المصرية التي تقدم لنا تخفيض على مبيعاتها كدار الشروق التي أهدتنا 100 كتاب ودار دوّن ودار الإعلام العربي والهيئة المصرية للكتاب ودار المعارف والمركز القومي للترجمة.